عناد حنا غريب يضرب الشهادة بالافادة

حنا غريب
قرار تصعيدي اتخذه وزير التربية الياس بو صعب سيدفع ثمنه الطلاب وهو بمثابة جريمة ارتكبها طرفان: المجلس النيابي والاساتذة. علما ان الطرفين يدعيّان الحرص على البلد والشعب لكن الوقائع تقول عكس ذلك.

قرار تصعيدي اتخذه وزير التربية الياس بو صعب سيدفع ثمنه الطلاب وهو بمثابة جريمة ارتكبها طرفان: المجلس النيابي والاساتذة. علما ان الطرفين يدعيّان الحرص على البلد والشعب لكن الوقائع تقول عكس ذلك. أعلن وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب عن قرار سيدخل حيز التنفيذ بعد 48 ساعة من اعلانه، اي يوم الجمعة، ويقضي هذا القرار بإعطاء افادات لجميع من تقدم الى الامتحانات الرسمية في شهادتي البريفيه والثانوية بفروعها الاربعة.

وهي المرة الأولى التي تمنح افادات للتلامذة بعد توقف الحرب الأهلية واتفاق الطائف 1992، إذ أن المرة الأخيرة التي منحت فيها افادات كانت في عام 1987. علما أنّ هذا القرار من مسؤوليته كوزير، ولا يمكن منعه كما ألمح في مؤتمره الصحفي. وكان شدد في مؤتمره الذي عقده في الوزارة على ان “لا أحد لديه الحق بأن يأخذ سنة من عمر التلامذة وعلى الهيئة الا تضيّع التلامذة ومستقبلهم”.

رغم اصرار هيئة التنسيق النقابية على موقفها الداعي الى عدم تصحيح الامتحانات بعد مسار طويل من تعطيل عملية مراقبة الامتحانات فكان اقتراح الوزير، كما اعلن حنا غريب امس، بالمراقبة والامتناع عن التصحيح من اجل الضغط على الحكومة ومجلس النواب لاقرار سلسلة الرتب والرواتب التي لا تطال الاساتذة فقط، بل العسكريين والموظفين وكل من يتقاضى راتبه من الحكومة اللبنانية. اذن.. لماذا تسلمت الهيئة سلاح الدفاع عن السلسلة دون غيرها ولما لا يمتنع بقية المستفيدين عن العمل لمزيد من الضغط؟ وكي لا يكون الطلاب عرضة للمساومة وحدهم. ولما لا يتعطل العمل الاداري في كافة المؤسسات فيتم التوصل الى حل وسطي يٌرضي جميع الاطراف؟ وهل ان ضرب ما تبقى من مستوى تعليمي هو الهدف من عناد الاطراف كافة؟ فالعديد من الاقسام في الجامعة اللبنانية تمتنع عن استقبال الطلاب الجدد الا بناء على تقدير علمي معين.

ووفقا لشهادة الثانوية التي تلقى فيها الطالب علومه كفرعي الهندسة والطب و.. والامر نفسه بالنسبة للجامعات الخاصة التي تمتنع عن قبول اي طالب الا بمعدل معين في عدد من الاختصاصات ان لم يكن اكثرها. هذا على صعيد العلامات. لكن هناك مشكلة اضافية على الطلاب: ماذا سيفعل طلاب الطلبات الحرة؟ وكيف سيتم التعاطي مع شهادتهم؟

وثمة مشكلة طرحها عدد من الطلاب على الوزارة وهي ان طلاب (البريفيه) والثالث ثانوي او مهني يهملون العلامات خلال العام الدراسي اقتناعا منهم ان الشهادة الرسمية هي الاساس فلا يبالون بدرس او امتحان. وسيواجه اصحاب المدارس الخاصة معضلة غياب الاعلانات الكثيفة لمدارسهم من خلال البانويات الجاذبة للاهالي والتي تعلن عن الفوز الكاسح(100%) او (99 %) في الامتحانات الرسمية لدرجة بات الامر لافتا ومضحكا خاصة اذا علمنا ان المدارس الخاصة تطرد الطالب المشكوك بنجاحه قبيل الثالث ثانوي مع افادة نجاح. اضافة الى ان الطلاب الذين ينوون اكمال دراستهم الجامعية خارج لبنان تعطلت مسيرتهم العلمية لمدة سنة لان الجامعات في الخارج التي اعطت مهلة 15 آب لتسلم طلاب الانتساب اليها- لا تقبل فلسفة الافادات وتضعف من ميزات الطالب اللبناني في جامعات العالم رغم تميّزه كما بينّت الوقائع.

ان تعداد سيئات منح الافادات كثيرة، ولكن اهمها ان تجار المفرقعات سيحتجون و”سيتفرقعون” قهرا لان اعمالهم ستتوقف في موسم بات منتظرا كل صيفية وكل عام لتحقيق بعض الارباح. ان حالة الترهل التي وصل اليها لبنان تتجلى اليوم في حوار الطرشان بين السلطة والمواطنين. هذا الخلل كالسوسة التي تضرب عنق الشجرة فتأكلها تدريجيا الى ان تقع في النهاية على رأس الجميع.

السابق
خميس السينما: هركليز وباربي يتنافسان في الصالات اللبنانية
التالي
الجيش أوقف سوريا يحمل على هاتفه صورا لمسلحي داعش