كتاب مفتوح إلى الحريري: عودتك عبر بوابة عرسال ضرورة لحماية لبنان

سعد الحريري

قالت “السفير” أنه أمام هذا المنعطف، تتجه الانظار بداية صوب الرئيس سعد الحريري الذي يبدو أمام فرصة تاريخية لإثبات جدارته الوطنية وإنتاج الزعامة الحقيقية التي تصنعها في العادة لحظات مفصلية، وفي هذه الظروف بضع ساعات تستغرقها مسافة الرحلة بين الرياض وبيروت. نعم.. ماذا لو عاد الحريري إلى بيروت فوراً؟ ماذا لو خرج عن “النص” و”الدور”، وباغت الحلفاء والخصوم بما ليس منتظراً، بوجوده بين أهله، يعيش معهم لحظات الخطر، ويساهم وإياهم في دفع خطر التطرف وحرف الدين عن غايته السامية، من خلال توطيد الوحدة الوطنية والمساهمة في حماية الدولة بعنوان جيشها؟ ماذا لو أهمل نصائح بعض المستشارين ومراكز النفوذ من حوله، وقفز فوق كل الحسابات التقليدية التي ما تزال تجعله يتأنى في العودة؟ ماذا لو غلّب الضرورات الوطنية الملحّة على مخاوفه الأمنية المشروعة؟
ورأت “السفير” إن هذه العودة التي تأخرت كثيراً، تبدو ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى، مهما انطوت على مجازفة شخصية. ولا بأس، أن يبقى الحريري ملازماً مقره البيروتي إذا تطلبت الاعتبارات الأمنية ذلك، شأنه شأن القيادات السياسية الأخرى التي «تعايشت» مع التهديدات بالاغتيال، وقلصت تحركاتها الى الحدود الدنيا. هذه المرة، لا يتعلق الأمر بصراع على السلطة او بخلاف حول الصلاحيات، او بمعركة انتخابية أو ما شابه. ما يواجه لبنان حالياً هو خطر وجودي على المصير لا يحتمل معالجات موضعية او سطحية.
وبهذا المعنى، تصبح عودة الحريري وفق “السفير” واحدة من أبرز “الصدمات الإيجابية” التي تستوجبها مرحلة الحرب على الإرهاب ومشتقاته. إن الإرهاب المتستر بالشعار الديني لا يُواجَه عن بُعد، ولا تنفع معه الخطابات العابرة للصحاري والبحار، ولو كانت منقولة مباشرة على الهواء. إن استراتيجية إدارة الشارع والسياسة بـ”الريموت كونترول” لم تعد مجدية، ولا يجوز الاستمرار بها، ليس فقط لعدم جدواها في مقاربة الملفات الوطنية، بل لأن مردودها السلبي يطال أيضاً البيت الداخلي لـ”تيار المستقبل”.
واعتبرت “السفير” أن لا شيء يمكن ان يعوّض عن الوجود الحسي للرئيس الحريري بين اللبنانيين عموماً وبين أنصاره خصوصاً، يشاطرهم المخاطر والتحديات، ويتقدمهم في تحمل المسؤوليات والأعباء، فهذه هي سمات الزعامة الحقيقية. لا الوكلاء ولا البدلاء مهما علا شأنهم يستطيعون أن يملأوا “الشغور” في “بيت الوسط”، خصوصاً حين يكون التحدي بحجم “داعش” و”النصرة” وما شابههما من قوى تكفيرية ومتطرفة، تستهدف الاعتدال السني بقدر ما تستهدف الشيعة والدروز والمسيحيين وكل “آخر” مغاير.
وأكدت “السفير” إن “تيار المستقبل”، بما يمثله من جمهور وخيارات ونمط تفكير وطريقة عيش، سيكون المتضرر الاول من زحف ظاهرة التطرف التي نجحت في اختراق شارع هذا التيار، وقد تتوسّع فيه أكثر فأكثر، ما لم يقرر الحريري أن يقود بنفسه، “الهجوم المضاد”، انطلاقاً من الصفوف الأمامية، كما يفعل القائد في العادة، وليس من مقره في السعودية او باريس.
وشددت “السفير” على أن وحده، وجود الحريري في بيروت على مقربة من تياره وجمهوره، يتيح له ان يعيد شدّ العصب ولجم التعصب، وأن يضخ من جديد الحرارة في أسلاك العلاقة المبتورة مع شارعه، وأن يضع حداً لـ”الجزر” التي نشأت على هامش منفاه، إلا إذا كان ما يصدر عن بعض نواب وقياديي “المستقبل” من مواقف نافرة ومتمايزة عن التوجهات المعلنة للحريري يندرج في خانة توزيع الأدوار! والأكيد أن الحريري سيجد في منتصف الطريق، متى رجع، إضافة الى حلفائه، بري وجنبلاط وعون وفرنجية، وحتى السيد نصرالله الذي يدرك خطورة هذه المرحلة وما تستوجبه من محاكاة وطنية عابرة للتناقضات الثانوية والصراعات الداخلية.

 

السابق
الجيش بين نارين صديقة وعدوة
التالي
هدنة إنسانية 24 ساعة في عرسال تمهّد لانسحاب المسلحين