لا تطلبوا العـزّ في لبنان

سبعون عاماً ونحن نعيش في صندوق بريد، ننتظر لحظة تاريخية تنتشلنا من هذا المستنقع، ننتظر دولة أو شبه دولة، وصلنا أصقاع الأرض وصنعنا المستحيل، لم نترك باباً إلا ولجناه وتركنا فيه بصماتنا المنيرة، وحينما نصل إلى هنا، إلى هذا اللبنان المستحيل، يتوقف كل شيء، ونبدأ البحث عن الكهرباء والماء والشهادة والدجاجة، الدجاجة التي سنسألها، فور حضورها، عن الحقيقة التاريخية: "منّ قبل منّ .. البيضة أم الدجاجة"!

سبعون عاماً ونحن نعيش في صندوق بريد، ننتظر لحظة تاريخية تنتشلنا من هذا المستنقع، ننتظر دولة أو شبه دولة، وصلنا أصقاع الأرض وصنعنا المستحيل، لم نترك باباً إلا ولجناه وتركنا فيه بصماتنا المنيرة، وحينما نصل إلى هنا، إلى هذا اللبنان المستحيل، يتوقف كل شيء، ونبدأ البحث عن الكهرباء والماء والشهادة والدجاجة، الدجاجة التي سنسألها، فور حضورها، عن الحقيقة التاريخية: “منّ قبل منّ .. البيضة أم الدجاجة”!

أي درك ذلك الذي وصلنا إليه ؟ لقد لامسنا القعر، أو نكاد، كل أحلامنا ترتطم بواقع مقرف ومعقّد، كل آمالنا تصبو نحو مجرد خبزنا كفاف يومنا، كل أمنياتنا تنحصر بسلامة فلذات أكبادنا على طرق الموت أثناء مغامراتهم بالذهاب والعودة من مدارسهم، لا شيء يدعو للحياة إلا قلة الموت وبعض الأمل بتأشيرة هجرة قد تحرك أحلامنا الراكدة وطموحنا المستحيل.
لقد تحول لبنان إلى مقبرة جشعة تدفن شعباً برمته، إلى رحم آسن لا يوّلد سوى المآسي، ولقد تحولنا معه إلى نوع رخيص من الدمى التي تتحرك وفق أجندات الخوف، بل الهلع، من مستقبل لن يحمل سوى المزيد من الدماء والدموع والألم.
لا شيء يحضرني في هذه العجالة سوى صورة التلاميذ وهم ينتظرون شهاداتهم على قارعة العبثية والمزاجية السياسية، صورةٌ أصابتنا بوعكة وطنية وجعلتنا نلفظ آخر إنتماء لهذا البلد، أي مستقبل نعده لهؤلاء الشباب؟ أي أمل قد يجذبهم نحو البقاء والنضال من أجل غد أفضل؟ هل يُعقل أن يتحول مستقبل أولادنا إلى ورقة تفاوض بيد هذا أو ذاك؟ أي لعنة تلك التي صعنها المشعوذون لهذا البلد؟ أي دولة تلك التي تقوم على سحق طربونة النعناع وإستبدالها بما تيّسر من رصاص وبنادق؟!
سبعون عاماً ونحن نعيش في صندوق بريد، ننتظر لحظة تاريخية تنتشلنا من هذا المستنقع، ننتظر دولة أو شبه دولة، وصلنا أصقاع الأرض وصنعنا المستحيل، لم نترك باباً إلا ولجناه وتركنا فيه بصماتنا المنيرة، وحينما نصل إلى هنا، إلى هذا اللبنان المستحيل، يتوقف كل شيء، ونبدأ البحث عن الكهرباء والماء والشهادة والدجاجة، الدجاجة التي سنسألها، فور حضورها، عن الحقيقة التاريخية: “منّ قبل منّ .. البيضة أم الدجاجة”!
هي دعوة صادقة أوجهها إلى نفسي وإلى الشباب والعوائل، لا تنصتوا إلى الأصوات التي تدعوكم للتجّذر في الأرض، أحزموا أمتعتكم وترجلوا من هذا المركب المريض نحو مراكب تليق بكم، لبنان الذي نحب مثقلٌ بأزمات وجودية مركّبة، فلا تطلبوا منه ما يفقده، لا تطلبوا العز في لبنان.

السابق
المفاوضات بدأت عبر «الفايبر» وبند جديد طرحته «هيئة العلماء»
التالي
ندوة عن ’غزة’ في المجمع الثقافي الجعفري