كأس عرسال ينسكب في طرابلس!

تظهر طرابلس المدنية كعادتها خجولة في تصديها لأيّ محاولة لزجها في المعركة. وطرابلس قد أصبحت من دون شك بعيدة بمعظمها عن هوية مدنية غير طائفية، سواء في الإسلام المتشدد او المعتدل. الشارع بغالبيته يعرّف نفسه كـ"مسلم أولاً"، أو بالأحرى "مسلم سنيّ".

تظهر طرابلس المدنية كعادتها خجولة في تصديها لأيّ محاولة لزجها في المعركة. وطرابلس قد أصبحت من دون شك بعيدة بمعظمها عن هوية مدنية غير طائفية، سواء في الإسلام المتشدد او المعتدل. الشارع بغالبيته يعرّف نفسه كـ”مسلم أولاً”، أو بالأحرى “مسلم سنيّ”.

بعد الاشتباكات الحاصلة بين الجيش اللّبناني والمسلحين في بلدة عرسال الحدودية، وانعكاسات الأمر على المدنيين الّذين لا حماية فعلية لهم، تعيش مدينة طرابلس الشمالية توتراً في شوارعها، وسط مخاوف من أن يتدفّق “العصب السنّي” في المدينة الشمالية الّتي دفعت ضريبة الأحداث السورية على مدى ثلاثة أعوام.
على إيقاع المواجهة في عرسال، تحرّكت مجموعة من الشبّان الملثمين، في الأيام الأخيرة في سلسلة هجمات على مراكز للجيش اللبناني في طرابلس. وقد كثرت الإشاعات، آخرها ما صدر بخصوص انشقاقات في الجيش في دير عمار، شمال طرابلس.
فهل تشرب طرابلس من “كأس عرسال” أو لا قرار بإشعال الجبهة في المدينة؟ وكيف ينظر الشارع الطرابلسي إلى ما يحدث؟ على الرغم من أن بعض النواب الشماليين أطلقوا تصريحات “نارية” تحمل طلقات هجوم على حزب الله لتحميله وزر ما يحدث، غير ان الشارع في المدينة منقسم بين الإسلاميين وغير الإسلاميين.
تنقسم طرابلس الإسلامية بدورها إلى مشايخ وشباب مع الجيش وضد المسلحين، لكنهم في الوقت نفسه يعتبرون ما يحدث نتيجة تدخل حزب الله في أتون الحرب السورية، وهؤلاء بمعظمهم ينضوون تحت عباءة هيئة العلماء المسلمين.
وعلى الرغم من مساندتهم لعرسال، ودعواتهم لمناصرتها عبر اعتصامات سلمية، غير أنّهم يبتعدون ويحذرون من الاشتباكات العشوائية والهجمات على الجيش. القسم الآخر من المتشددين دينياً “داعش”، وإن كانوا هؤلاء أقلية، غير أنّهم يحاولون العبث بالمدينة وأمنها والتحريض والحث على الانشقاق من الجيش. وهؤلاء هم من يرمي القنابل على الجنود.
من جهة أخرى، تظهر طرابلس المدنية كعادتها خجولة في تصديها لأيّ محاولة لزجها في المعركة. وطرابلس قد أصبحت من دون شك بعيدة بمعظمها عن هوية مدنية غير طائفية، سواء في الإسلام المتشدد او المعتدل. الشارع بغالبيته يعرّف نفسه كـ”مسلم أولاً”، أو بالأحرى “مسلم سنيّ”.
شعور الغبن والمظلومية بات أشبه بلعنة تلاحق أبناء طرابلس. تنفطر قلوبهم على “اهلهم في عرسال”، وفي الوقت نفسه، هم لا يريدون تجرّع كأسها. يخافون أن يُتركوا وحدهم في مواجهة العنف المحتمل، خصوصاً أنّهم لم يصدّقوا عودة الانتعاش إلى مدينتهم.
وفي الأزقة وأروقة الأحياء الداخلية، يرتبك الإسلاميون. يريدون أن يواجهوا لكن قدراتهم محدودة. وربما هذا ما يردع الحرب الأهلية اللبنانية الآن، محدودية القدرات، وليست الرغبة بالعيش تحت كنف الدولة. ويبقى بذلك، مصير الشمال وباقي المناطق، معلّقاً ليس بتطوّر المعركة العرسالية، بل بقرار الحرب والسلم، والّذي لا نعرف من يتّخذه حيال هذا الوطن.

السابق
مخاطر تقدّم الجهاديين نحو مناطق كردية: الحاجز العسكري الوحيد
التالي
جرح عرسال يتحرك في صيدا