في عيد الجيش، كلام خارج عن المألوف!

لأننا نحب الجيش نريده منزهاً عن الأخطاء والخطايا، المزايدون بـ"حُب" الجيش اليوم كانوا في اكثريتهم ممن هاجموه وشككوا فيه بالأمس عندما كانت مصلحة مرجعياتهم المذهبية والفئوية تتعارض مع مصلحة الوطن، هؤلاء لا يتقبلون إلا جيشاً مُدجناً على مقاسهم، جيشاً ضعيفاً يكون بمثابة دمية، وهم بفعلهم هذا اكثر ما يسيئون إلى الجيش وبالتالي فإن مزايداتهم وعراضاتهم لا تساوي اكثر من..رشوة!

لأننا نحب الجيش نريده منزهاً عن الأخطاء والخطايا، المزايدون بـ”حُب” الجيش اليوم كانوا في اكثريتهم ممن هاجموه وشككوا فيه بالأمس عندما كانت مصلحة مرجعياتهم المذهبية والفئوية تتعارض مع مصلحة الوطن، هؤلاء لا يتقبلون إلا جيشاً مُدجناً على مقاسهم، جيشاً ضعيفاً يكون بمثابة دمية، وهم بفعلهم هذا اكثر ما يسيئون إلى الجيش وبالتالي فإن مزايداتهم وعراضاتهم لا تساوي اكثر من..رشوة!

اليوم “عيد الجيش” أغانٍ وصور وفيديوهات وشعار: ” الأمر لك”! مظاهر كنا نطرب لها ونحن صغاراً، كنا نفرح بمغاوير”المجوقل” -على التلفزيون- ينتشلون من طائرة هيليكوبتر ماركة “غزال” أو ما يعادلها، مظاهر “وطنية” طفولية كالأحلام ترسخت في نفوسنا منذ زمن، ولكن..اين هي من الواقع اليوم وقد اصبحنا “كباراً” نرى ونقرأ ونسمع ونُحلل؟
بدايةً ومنعاً للإلتباس والمزايدات لا بد من توجيه التحية للجيش الذي يريده (ويحلم به) اللبنانيون وليس لـ”الجيش” الذي يريده “الجنود الصغار” في جيوش الغير!
جيشنا الوطني الذي يطمح كل لبناني لرؤيته حامياً حصرياً ووحيداً للحدود ومدافعاً عن مواطنيه، كل مواطنيه ومناطقه بعدالة دون انتقائية ولا محاباة..
هل فعلاً: “الأمر له”؟
جيشنا “الوطني” الذي لا يتخرج من “مدرسته الحربية” مدرسة تخريج الضباط والقادة إلا اصحاب الحظوة واتباع هذا الزعيم او هذه الفئة والطائفة أو تلك على حساب اصحاب الحق الكادحين العصاميين..
هل فعلاً “الأمر له”؟
الجيش الذي يأتمر – “الويةً وافراداً”- بالطوائف والأحزاب وقوى الأمر الواقع، هل فعلاً “الأمر له”؟
هناك ربما استثناءات، هناك ضباط وقادة وطنيون يضعون مصلحة وطنهم فوق مصالح طوائفم وفئاتهم وزواريبهم وهؤلاء طبعاً يستجقون كل الإحترام ولكن كم هي نسبة هؤلاء على أرض الواقع؟
لا اسأل عن “النسبة” في ظروف شبه طبيعية، لم ينعم لبنان إلا ما ندر بفترات أمانٍ طبيعية، اسأل عن النسبة حين يجدّ الجدّ و”يتفرق العشاق”؟
كم من ضابط وقائد لواء أو كتيبة لا يأخذ تعليماته من مرجعية طائفية أو حزبية أوحتى خارجية على حساب الوطن؟
وكم من ضابط حمته طائفته (أو حزبه) عندما كان يتعرض لأقل فعلٍ تأديبي على خطأ إرتكبه هنا أو هناك؟
وعلى سبيل المثال وليس الحصر:أيةُ تربية عسكرية تسمح -مثلاً- باستغلال النفوذ؟
الضابط او الرتيب وحتى العسكري يحتمي ببدلته الرسمية إذا ذهب إلى عرس أو عزاء أو لمجرد الإنتقال من منطقة إلى اخرى.
البدلة تخوله تجاوز المواطنين العاديين من عامة الشعب فتُفتح له الخطوط العسكرية، حتى في الدوائر الرسمية والخاصة يُعطى الأفضلية على حساب طوابير الناس المنتظرين منذ ساعات الصباح. تجده حتى يكزدر على المنارة في بدلته العسكرية والرنجر ولا ينزعهما إلا وقت النوم!

جيشنا الوطني نريده جيشاً لكل لبنان واللبنانيين، يكون قدوةً للناس في التعامل والإلتزام والإنتماء اولاً واخيراً للوطن.
لأننا نحب الجيش نريده منزهاً عن الأخطاء والخطايا، المزايدون بـ”حُب” الجيش اليوم كانوا في اكثريتهم ممن هاجموه وشككوا فيه بالأمس عندما كانت مصلحة مرجعياتهم المذهبية والفئوية تتعارض مع مصلحة الوطن، هؤلاء لا يتقبلون إلا جيشاً مُدجناً على مقاسهم، جيشاً ضعيفاً يكون بمثابة دمية، وهم بفعلهم هذا اكثر ما يسيئون إلى الجيش وبالتالي فإن مزايداتهم وعراضاتهم لا تساوي اكثر من..رشوة!
رُبَّ قائل” “ليس وقت هذا الكلام الآن والجيش منهمكٌ بأكثرَ من جبهةٍ و”مغطس”، هذا المنطق لا يعني إلا امراً واحداً وهو” “ممنوع الحكي الآن وبالأمس وغداً”، المستفيدون بشكل جماعي او إفرادي لا يحبون ذلك، والحجة دائماً “كلنا للوطن وهيك شغلات…”!
وكأن الأخطاء نغطيها بالصمت او بشوية شعارات!
مقالٌ فيه خروجٌ عن المألوف ربما، سيبقى “الأمر لي” ولغيري بالإنتقاد والتصويب لحين يصير للجيش “الأمر له” فعلاً وقولاً..
ما نحكيه اليوم عن الجيش في مناسبة “عيده” ينطبق بالتأكيد على كل الوزارات والمؤسسات والدوائر. المحظورات والممنوعات و”التابويات” هي اساس تخلفنا، فلنكسرها.. هذا إذا اردنا العيش في اكثر من مزرعة، في اكثر من فُتات وطن!

السابق
دار الافتاء يعود لحضن المستقبل
التالي
أميركا على خطى بني عثمان