19 لبنانياً يقضون في كارثة الطائرة الجزائرية

يدفع اللبنانيون من جديد ضريبة اغترابهم بحثاً عن لقمة العيش، ويأتي الخبر من القارة السمراء، التي تضم عدداً كبيراً من المهاجرين الجنوبيين، فقد أعلنت «شركة الخطوط الجوية الجزائرية»، أمس، فقدانها الاتصال مع طائرتها التي انطلقت أمس من دولة بوركينا فاسو الواقعة في غرب أفريقيا، وذلك بعد مرور 50 دقيقة على إقلاعها.

وليلاً عثر على حطام الطائرة في شمال مالي قرب الحدود مع بوركينا فاسو بحسب ما أعلن قائد أركان الرئاسة البوركينية الجنرال جيلبار دييندييري.
وقالت مصادر رسمية لـ«السفير» إن الطائرة تضم في قائمة ركابها 19 لبنانياً، بينهم ثلاث عائلات مجموع أفرادها 15. أما اللبنانيون وفق قائمة المسافرين فهم فادي رستم (عينطورة)، جوزف جرجس حاج (الزلقا)، محمد أخضر (الزرارية)، عمر بلان (غوسطا)، منجي حسن ونجوى زيات حسن وأولادهما محمد رضا، وحسن، وحسين، ورقية (حاريص)، رندة بسما ظاهر أولادها صلاح وعلي وشيماء (صريفا)، وبلال دهيني وزوجته بيرن كورينا وأولادهما أوليفيا وريان ومالك (الخرايب). وعُرف من بين المفقودين فادي سيوفي.
وأشارت المصادر إلى أن الطائرة اختفت فوق الصحراء في شمال مالي، علماً بأنها كانت متجهة إلى الجزائر. والطائرة، وفق الإذاعة الجزائرية، كانت تقل 116 راكباً، بينهم، إلى جانب اللبنانيين، 51 فرنسيا و26 من بوركينا فاسو و7 جزائريين، ورعايا من كندا وأوكرانيا، بينما أفراد الطاقم الستة للطائرة، المستأجرة من شركة اسبانية، هم من الاسبان. وأعلن رئيس «الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم» أحمد ناصر، عن تشكيل غرفة عمليات في الجامعة، للتنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين في شأن الركاب اللبنانيين.

صريفا تنتظر

كان الأمل حتى مساء أمس في بلدة صريفا (حسين سعد)، يتملك أمينة ظاهر شقيقة فايز ظاهر، الذي فقدت زوجته وثلاثة من أبنائه في حادثة تحطم الطائرة، بأن تكون زوجة شقيقها رندة بسما وأولادها الثلاثة من بين الناجين. ذلك التمني كان مصحوباً بسيل من الحزن والغضب في دار عائلة ظاهر. وتتحدر العائلة من بلدة لبايا في البقاع الغربي، خصوصاً أن أفراد العائلة كانوا يتحضرون لاستقبال زوجة شقيقهم، وفلذات اكبادهم علي (17 عاما)، وصلاح (15 عاما) وشيماء (خمس سنوات)، لقضاء عطلة العيد معاً في ربوع صريفا وعين بعال (قرية والدتهم)، ولا سيما أن أفراد عائلة فايز لم يزوروا لبنان منذ أربع سنوات.
بحرقة كبيرة تتحدث أمينة عن رحلة شقيقها فايز، الذي سافر قبل عشرين عاماً إلى بوركينا فاسو لتحسين ظروفه الاقتصادية والمعيشية، ثم الزواج وإنجاب ثلاثة أولاد تحولوا بلحظة إلى ذكرى. تقول أمينة: «كنا ننتظرهم على أحرّ من الجمر لنطبع القبلات على وجوههم ونشم رائحة الشوق التي طالت أربع سنوات، ولكن ما حصل بدد كل شيء وأسر أحلامنا»، مؤكدة أن شقيقها فايز أرسل أفراد العائلة لتمضية عطلة العيد، وما تبقى من العطلة المدرسة، ووعدهم بأن يلحق بهم إلى لبنان في الثاني عشر من آب، إلا أن فرحته لم تتم.

بين الخرايب والزرارية

فجعت بلدتا الخرايب والزرارية في منطقة الزهراني بمصاب جلل حمل أخبار فقدان اثنين من أبنائها. لقاء الأهل لمناسبة العيد تحوّل إلى حزن، وحلّ البكاء والنحيب مكان الفرحة والبهجة.
الخرايب والزرارية المتجاورتان إلى حد التماهي بالجغرافيا والنسب والعلاقات، تجاورتا وتساوتا أمس بهول الفاجعة التي حلّت على عدد من العائلات من خلال تحطم الطائرة الجزائرية المنكوبة. الخرايب فقدت ابنها بلال أسد الله الدهيني (41 عاماً) وزوجته وأولاده الثلاثة ريان (11 سنة) وأوليفيا (7 سنوات) ومالك (4 سنوات).
يصف عباس دهيني شقيقه بالمكافح الذي غادر لبنان منذ 20 عاماً بحثاً عن وضع أفضل في العمل والاستقرار، وتنقل بين المانيا وبوركينا فاسو إلى أن تزوّج من سيدة المانية ليستقرا لاحقاً في بوركينا فاسو، ويعمل في التجارة في حين تعمل زوجته مع وكالات التنمية.
ويلفت عباس إلى أن الزيارة الأخيرة لبلال كانت «قبل نحو ست سنوات عندما توفي والدي، حينذاك راودته فكرة البقاء مع عائلته في لبنان وحتى زوجته الألمانية اقتنعت بالفكرة. وكنا سنباشر بتشييد منزل له في الضيعة». ويشير إلى أن آخر اتصال تلقاه من شقيقه كان الساعة 12 من منتصف ليل أمس الأول، أبلغه فيه أنه في مطار بوركينا فاسو ويتوجه إلى الطائرة من هناك إلى الجزائر ومنها إلى لبنان، «لكن جاءت أخبار الفاجعة، كنا على موعد فرح واحتفال، أصبحنا نبحث عن خبر عن تلك الرحلة التي هوت من السماء إلى الارض وحولت فرحتنا إلى فاجعة».
أما الزرارية، فقد فجعت بفقدان ابنها الشاب محمد فيصل أخضر (23 عاما)، الذي استعجل المجيء إلى لبنان قبيل العيد، لأنه كان قد قرر وضع حدّ للعزوبية وأحب أن يفرح قلب والده ويدخل في عالم الخطوبة تمهيداً للزواج. يقول عمه وجيه أخضر إن «محمد أجرى آخر اتصال مع والده منتصف الليل، من بوركينا فاسو. وأبلغه بموعد وصول الطائرة إلى لبنان وتواعدا على اللقاء في بيروت ورد عليه والده: مشتاق لك كثير وان شاء الله توصل بالسلامة، لكن القدر وقف بالمرصاد وحال دون هذا اللقاء». ويشير إلى أن محمد يحمل إجازة في إدارة الأعمال ويعمل في شركة في بوركينا فاسو منذ سنتين، وأحب أن يكون في عيد الفطر بين أهله في لبنان.

ساحل علما

ومن ساحل الزهراني إلى ساحل علما حيث كان أهل فادي رستم وأصدقاؤه ينتظرون سماع أي خبر رسمي في شأن الطائرة. فادي وشقيقه جورج من رجال الأعمال الذين يعملون بين بوركينا فاسو وغينيا. وأفاد جورج بأنه قد تلقى اتصالاً من القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ساحل العاج، صباح أمس، يخبره بنبأ فقدان الطائرة.
وعرف من المفقودين منجي حسن من بلدة حاريص، وهو في العقد الرابع من عمره، هاجر إلى بوركينا فاسو منذ سنوات للعمل كمعظم أبناء بلدته حاريص. وهو متأهل من نجوى الزيات وله أربعة أولاد، محمد رضا وحسين وحسن ورقية، وجميعهم كانوا معه على متن الطائرة.
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«السفير» إنه بتكليف من رئيس الحكومة تمام سلام أجرى اتصالات مع جهات محلية وأجنبية من أجل متابعة قضية ضحايا الطائرة.
ويتوجه وفد رسمي يضم المدير العام لوزارة المغتربين هيثم جمعة، الأمين العام لـ«الهيئة العليا للاغاثة» محمد خير وضابط من الأمن العام، إلى أفريقيا، لمواكبة التحقيق والكشف عن مصير اللبنانيين.
وشكّلت «الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم» غرفة عمليات.

العثور على الحطام
فقدت الخطوط الجوية الجزائرية الاتصال بطائرة استأجرتها من الشركة الاسبانية «سويفت اير»، عند الثانية إلا خمس دقائق من فجر أمس الخميس، وعلى متنها 116 شخصاً، بعد خمسين دقيقة من إقلاعها من واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو.
وتربط الرحلة «ايه اتش 5017» واغادوغو بالعاصمة الجزائرية. وفقدت الخطوط الجزائرية الاتصال بالطائرة حين كانت فوق مالي. وأعلنت فرنسا تشكيل خليتي أزمة في إدارة الطيران المدني والخارجية إضافة إلى تفعيل خليتين في مطار شارل ديغول في باريس ومطار مرسيليا.
وقال مصدر في الخطوط الجزائرية إن «الطائرة لم تكن بعيدة من الحدود الجزائرية، وطلب الطاقم تغيير المسار بسبب سوء الرؤية ولتفادي مخاطر الاصطدام بطائرة أخرى تؤمن رحلة بين العاصمة الجزائرية وباماكو». وأوضح المصدر «فقدت الإشارة بعد تغيير المسار». وأكدت الشركة على موقعها على شبكة الانترنت أنّ الطائرة تقوم بأربع رحلات جوية في الأسبوع نحو واغادوغو.
وأوردت مواقع طيران على الانترنت أنّ الطائرة المفقودة صنعت منذ 18 عاماً. وأوقفت شركة صناعة الطائرات الأميركية ماكدونيل ـ دوغلاس، وهي الآن جزء من «بوينغ»، إنتاج عائلة طائرات «أم. دي ـ 80» العام 1999 لكنها ما زالت تستخدم على نطاق واسع.

السابق
فؤاد معصوم رئيساً للجمهورية العراقية
التالي
المحكمة الدولية: المحكمة ليست صاحبة الاختصاص في قضية «الجديد»