الاسـتحقاق الرئاســي: لبننة ام تعريب ام تدويـل؟

انتخاب رئيس الجمهورية

قبل مغادرته سدة الرئاسة بأيام وجه الرئيس ميشال سليمان رسالة الى نواب الامة حثهم فيها على القيام بواجبهم في انتخاب رئيس بعدما استشعر مدى خطورة التأخير الحاصل في اجراء الانتخابات على الوضع الداخلي، الا ان النواب لا يبدو انهم تأثروا بالحث الرئاسي ولا حتى بضياع فرصة لبننة الاستحقاق بعد تسع جلسات متتالية غابوا عن ثمان منها، فتحولت الى مواعيد هامشية تغيب عنها اي حيوية سياسية.

واذا كان بعض السياسيين يعزو الاخفاق في انجاز العملية الانتخابية الى غياب التوافق المسيحي، فإن رفض القيادات الاسلامية وفي مقدمها الرئيس سعد الحريري الدخول في لعبة اختيار الرئيس المسيحي او طرح اسماء والاصرار على الوقوف خلف موقف بكركي وسيدها سيخرج الاستحقاق برمته من دائرة اللبننة في ظل اصرار بعض القادة المرشحين على عدم التراجع افساحا في المجال امام رئيس التسوية التوافقي بما يحول دون احراز اي تقدم على المستوى الداخلي، حتى ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي فقد حماسته للمبادرات او للدعوة لعقد اجتماعات بعدما نكس هؤلاء بوعود قطعوها بتأمين نصاب الجلسات الرئاسية وتنصلوا من بيانات لم يجف بعد حبر توقيعهم عليها.

ازاء هذا الواقع، تعتبر مصادر دبلوماسية ان فرص لبننة الرئاسة تقلصت الى ادنى مستوى وبدأت تنحو في اتجاه التدويل او التعريب بمباركة دولية على غرار ما حصل في اتفاق الدوحة بحيث يقع الاختيار الخارجي على اسم يؤيده البرلمان اللبناني استنادا الى تسوية تتقاسم فيها الاطراف السياسية الحصص والمغانم. غير ان هذا الطرح لا تبدو ظروفه ناضجة ما دامت ذيول “الغزوات الداعشية” و “الجرف” الاسرائيلي لغزة والعلاقات السعودية – الايرانية في اسوأ مراحلها، وهو امر تعرب المصادر الدبلوماسية عن خشيتها من ان يفرض في نهاية المطاف “امر مهمة” على اللبنانيين يوجب عليهم جميعا السير فيه، خصوصا اذا ما طرح على “الساخن”، ما دامت كل المبادرات المطروحة داخليا من كلا فريقي 8 و 14 آذار تجهض قبل ان تولد وما دامت السنة النيران ولغة الحديد والنار متحكمة بأوضاع المنطقة ودول الجوار اللبناني.

ولم تخف المصادر بالغ قلقها من امكان فقدان مظلة الاستقرار التي تؤمنها دول القرار الخارجي للساحة اللبنانية وتجاوز الواقع الامني الخط الاحمر المرسوم دوليا خصوصا بعدما تمدد تنظيم “داعش” من العراق الى سوريا ملغيا الحدود بين الدولتين وفتح حزب الله الجهبة الشرقية مع مسلحيه ونظرائهم من جبهة النصرة ومسلحي المعارضة السورية وهو امر تعتبره المصادر الغاء للحدود بين سوريا ولبنان ويؤسس لمخاطر واسعة على المسرح اللبناني.

وتبعا لذلك، ترى المصادر الدبلوماسية وجوب دخول راعيي الوضع اللبناني دوليا، روسيا والولايات المتحدة الاميركية بما لهما من تأثير على القوى الاقليمية المتحكمة بورقة الرئاسة في لبنان على خط المعالجات وممارسة الضغط عليها لانهاء حالة الفراغ الرئاسي الشاذة قبل انفجار البركان الاقليمي برمته من البوابة اللبنانية.

السابق
نظريان: وضع المياه والكهرباء نتيجة تراكمات ولا عصا سحرية
التالي
أميركا تتذكّر بعد 34 عاما: محمود بزّي عذّب جنودا إيرلنديين