الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدين تهجير مسيحي العراق

الشيخ القرضاوي

يندِّد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بعمليات التهجير القسري للإخوة المسيحيين في العراق من بيوتهم ومدنهم ومحافظاتهم، وهي أعمال مخالفة للشرع الإسلامي، وللضمير الإسلامي، ولا تترك إلا صورة سلبية سيئة عن الإسلام والمسلمين ، وتتناقض مع حقائق الإسلام الذي شمل الناس جميعاً بمبادئ العدل والإحسان، وقيم البر والتسامح، التي دلَّ عليها قوله تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }[ الممتحنة: 8] . وبامتثال هذه المبادئ قدَّم المسلمون نماذجَ رائعة في التعامل مع غير المسلمين في أشدِّ الأوقات صعوبة، ممَّا دعا الآلاف إلى اعتناق الإسلام والاندماج في المجتمعات الإسلامية والتعايش معهم في الوطن الواحد.

كما يطالب الاتحاد تنظيم ما يُسمّى بالدولة الإسلامية بالعراق والشام، والذي افتأت على المسلمين بإعلانه الخلافة المزعومة: أن يسمح للإخوة المسيحيين في الموصل بالعودة إلى ديارهم ، فهم من أبناء العراق الأصليين، وليسوا دخلاء عليه ، ويجب السعي على وأد الفتنة ، وتوحيد الصف ، وحل مشكلات العراق العريق ، بدلاً من إقحامه في أمور تزيد من تعقيد المشهد الحالي ، ولا تخدم سوى مؤامرات الأعداء الساعية إلى تفتيت العراق ، بل تفتيت الأمة العربية والإسلامية بالكامل ..

وكنا نودُّ من هذا التنظيم إن كان يعيش في عصره أن يطالب مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العالمَ أجمع بإعادة النظر في طريقة التعامل مع المسلمين في مناطق عديدة، وخاصة فلسطين وما يقع على الفلسطينيين من تهجير وتشريد وتدمير وقتل ومجازر ، وما يحاك من مؤامرات ضدّ المسلمين في بلاد كثيرة مثل : سريلانكا والهند وأفريقيا الوسطى وغيرها ، ممَّا يسبِّب تأجيج الصراع على أسس مذهبية وطائفية، ويدخل العالم في دوامة صراع لن تنتهي، إلا بعد أن تأتي على الأخضر واليابس .

وينادي الاتحادُ العالم الحر – إن كان يسمع النداء وفيه بقية من الحياة- أن يقف مع المظلومين المضطهدين الذين سُلبت حقوقهم، فتحقيق العدل واستعادة الحقوق لأصحابها سيوقف الصراعات والنزاعات والحروب ،وينهي صور التطرف من كافة الأطراف.

إنَّ إيقاظ الفتنة شر ٌّ عظيم ، ويجب على الناس جميعًا التعاون في معرفة أسبابها، والسعي لقطع دابرها، وإطفاء شرارتها، بل إخماد نارها.

حفظ الله تعالى العراق وكلَّ بلاد العرب والمسلمين من الاقتتال الداخلي، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]

 

السابق
مكتبة رقمية تضم مئة ألف كتاب عربي في بيروت
التالي
كنيسة … تأوي مسلمين فارين من الحرب