48 ساعة لإطلاق الصباغ وإلا فلبنان من المصنع إلى العبودية في الشارع

من يريد لطرابلس ان تخرج عن طورها وينفلت شارعها وتسوده الفوضى بكل أشكالها، تمهيدا لضربها في الصميم وشل قدرتها على الحركة؟

لا ينشغل اهل المدينة حاليا بالجواب عن هذا السؤال، بل بالمحاولة لمحاصرة تداعياته قبل ان تصبح المعالجات غير مجدية، بعد ان تتطور الامور دراماتيكيا كما كان معداً لها ان تكون. وهذا ما نجحوا فيه بالامس من خلال تخفيف تداعيات توقيف الشيخ حسام الصباغ الذي يحلو لكثيرين تسميته بـ”الرجل الغامض”. الصباغ الذي أوقفه الجيش كاد توقيفه ان يجرّ طرابلس الى معركة جديدة مع الجيش لو لم تتحرك هيئة العلماء على مستويين: رسمي وشعبي، ومعها بعض الفاعليات الميدانية لتهدئة الشارع ومعالجة الموضوع بالسياسة.
“لماذا لم يوقف الصباغ من قبل حين كان يجلس مع من اعتقله اليوم، بطلب منه، بهدف وقف الاستنزاف الذي تتعرض له المدينة، باعتبار ان الصباغ كان مدركا للعبة الامنية في المدينة، ولذلك خرج من الصراع العبثي بين جبل محسن والتبانة وطلب من محبيه عدم خوض هذه الحرب؟ يسأل احد اعضاء “هيئة علماء المسلمين” في حديث الى “النهار”. ويضيف: “هناك جهاز امني في طرابلس يطبق خطة امنية وفقا لمصالحه الخاصة، عندما يشعر بأن تغييرا ما يلوح في الافق على مستوى القادة الامنيين، يسرع الى احداث البلبلة ومن ثم تقديم نفسه على انه المنقذ الوحيد للمدينة من فوضاها الامنية”.
كان الهدف من توقيف الصباغ الذي يحظى باحترام كبير من العلماء والسياسيين ويعتبر من اهم ركائز الاستقرار في طرابلس، اخراج الشارع الطرابلسي عن طوره، في محاولة لضرب الخطة الامنية، وهذا ما اكدته مصادر “هيئة العلماء” التي شاركت أمس في اجتماع مع رئيس الحكومة تمام سلام، وفي الاتصالات بوزير الداخلية نهاد المشنوق. وتؤكد المصادر ان “اعتقال الصباغ محاولة غير بريئة في فترة زمنية حرجة لضرب استقرار لبنان بأكمله، ومن يظن ان الاعتقال تنحصر تداعياته بطرابلس فقط فهو مخطئ جدا، الآن نحن ننتظر وعد وزير الداخلية نهاد المشنوق لوفد الهيئة بأن الصباغ سيكون بين أحبائه خلال 48 ساعة، وان لم يتم هذا الامر فلبنان بكل مناطقه سيتحرك من المصنع الى العبودية، لأننا لن نقبل بتهريب علي ورفعت عيد واعتقال “ابو الحسن”.
اذا الخطة الامنية في طرابلس تنتكس مجددا من وجهة نظر البعض، والسبيل لاعادة تصويبها “وقف التجاوزات المتكررة”، وهو ما كان اشار اليه الرئيس سعد الحريري في كلمته الأخيرة، إذ دعا الى تنفيذ الخطة بشكل متوازن ووقف التجاوزات ومحاسبة من يتصرف على هواه ووفقا لاهوائه السياسية والخاصة من الامنيين”. وفحوى هذا التصريح كرره وزير العدل اشرف ريفي بعد لقائه وفدا من “اللقاء الاسلامي” بحث معه في قضية الصباغ.
هذه التطورات تضع الخطة الامنية والمشرفين على تنفيذها تحت المجهر، اذ كيف تقوم هذه الخطة بتوقيف أكثر من مئة شخص من اهالي طرابلس، فيما لا يتعدى عدد الموقوفين من جبل محس العشرة اشخاص، وكيف يتم تسجيل اكثر من 11 الف وثيقة اتصال بحق شباب حملوا السلاح دفاعاً عن بيوتهم واعراضهم؟
تؤكد مصادر طرابلسية مطلعة ان هناك “محاولات حثيثة يقوم بها البعض لضرب التيار الاسلامي في طرابلس بـ”تيار المستقبل” المشارك في الحكومة بوزارتي العدل والداخلية، والقول ان “المستقبل” يتخلى عن طائفته ويضحي ببعض من ابنائها بهدف استمراره في السلطة، ولكن الحقيقة ان هذا البعض هو من يفتعل المشاكل والاحداث ويحاول الباسها لـ”المستقبل” تارة وللاسلاميين تارة اخرى، لوضع الطرفين في مواجهة، لكنه لم ينجح اطلاقا لان التنسيق بين هيئة العلماء والوزيرين المشنوق وريفي على اعلى درجاته، وتجري معالجات مشتركة لكثير من الملفات”.
وكان المشنوق اعتبر في تصريح ان “قضية الصباغ مغايرة ولا يمكن ادراجها في خانة منذر الحسن” الذي قتلته القوى الامنية في طرابلس.

السابق
القلق من كلام الحريري… بكل صراحة
التالي
مسيرة مليونية بشيكاغو نصرة لغزة