انخفاض منسوب مياه بركة رأس العين في صور

انخفض منسوب المياه في بركة رأس العين نحو نصف متر في العام الحالي للفترة نفسها مقارنة بالسنة الماضية، فيما حافظت عمليات ضخ مياه الشفة التي تتولاها «مصلحة مياه صور» من البركة إلى مدينة صور ونحو عشرين بلدة وقرية على المستوى ذاته، والمقدرة بعشرة آلاف متر مكعب يومياً. وتأثرت المزروعات في منطقة سهل رأس العين – الرشيدية، التي تستفيد من البركة بشكل مباشر وغير مباشر، من تراجع كميات ضخ المياه إلى المزارعين، الذين يعتمدون في ريّ مزروعاتهم على مياه البركة، ما يهدد بانتكاسة مواسم المزارعين.

وقد بنى الرومان البركة قبل أكثر من ألفي سنة، ويتعدى قطرها ثلاثمئة متر، وتتغذى من ينابيع المياه الجوفية. وما زالت تحافظ إلى اليوم على متانة حجارتها ودعائمها، على الرغم من الثقوب المختلفة في نواح عديدة من الجدران الشرقية للبركة، والتي تتسرب منها آلاف الامتار المكعبة يومياً إلى البحر، والتي تهدد بنيتها إذا ما استمر الوضع على حاله. ويعيد مشرفون على البركة وعمليات توزيع المياه، تراجع منسوب المياه في بركة رأس العين إلى انخفاض معدل المتساقطات، وتأثير ذلك على المياه الجوفية، ما دفع المصلحة إلى خفض ضخ كميات المياه إلى المزارعين بشكل استثنائي.
ومن المعروف أن بركة مياه رأس العين جنوب صور، التي تتغذى من أربعة ينابيع طبيعية على بعد مئات الأمتار من البحر، مصنفة أثرياً، وتقع ضمن نطاق «محمية صور الطبيعية»، وتحيط بها أبنية قديمة وطواحين.
ويؤكد مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي، أن آخر تحديث عمراني للبركة كان في عهد الرومان، قبل أكثر من ألفي سنة، وهي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد. وعن إمكانية معالجة الثقوب في جدران البركة، يشير بدوي إلى أن المديرية العامة للآثار لا تمانع القيام بالأشغال التي تحافظ على البركة الفريدة من نوعها في لبنان، وهي مستعدة للتعاون مع مصلحة المياه في هذا الإطار، مؤكداً أن مديرية الآثار لم تتلق أي طلب في الموضوع.
يسحب أبو محمد من جيبه أربعين الف ليرة لبنانية ويدفعها إلى صاحب الصهريج الذي زوده بالمياه صبيحة أمس. أحس وهو يدفع هذا المبلغ، الذي لم يحصل على نصفه من عمله في مجال الزراعة، أن شيئاً ما انسلخ من داخله.
ابتداءً من شهر حزيران الماضي، وتزامناً مع ارتفاع ساعات التقنين التي تجاوزت الـ18 في المنطقة، ارتفع معدل شراء المواطنين في كثير من بلدات قضاء صور المياه، بواسطة الصهاريج التي يتراوح سعر كل واحد منها سعة 15 برميلاً، ما بين عشرين إلى ثلاثين ألف ليرة، والذي يتفاوت بين بلدة وأخرى في منطقة صور. ووفق مصادر في «مصلحة مياه لبنان الجنوبي»، فإن سبب الطلب على المياه من خارج عدادات المصلحة في المناطق الجنوبية، لا يعود حصراً إلى تقنين التيار الكهربائي، لأن محطات ضخ المياه الرئيسة على كل الأراضي اللبنانية، ومنها محطات منطقة صور (وادي جيلو، يانوح، باتوليه ورأس العين) تزود أربعة وعشرين ساعة بالكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان، وكميات المياه التي تضخ إلى خزانات البلدات والقرى يرتفع منسوبها في أشهر الصيف، الذي يزداد فيه الطلب على المياه، وبالتالي لا توجد أي مشكلة من جانب المصلحة.
ويشير عاملون في صيانة شبكات المياه، إلى أن المياه تصل بنفس الوتيرة السابقة إلى خزانات البلدات، التي تستفيد من مياه آبار محطات منطقة صور التي يزود بعضها قرى بنت جبيل، مؤكدين أن المشكلة الناجمة حالياً عن طلب الحصول على المياه من خارج عدادات المصلحة، يعود في جزء كبير منها إلى مشكلة الكهرباء في كل بلدة، وارتفاع حاجة المواطنين للمياه في فصل الصيف، الذي يتزامن مع قدوم أبناء القرى الى بلداتهم لتمضية العطلة الصيفية، ووجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين.
ويقول حسن ضاهر، الذي يقيم في منطقة العباسية، إنه مع بداية كل صيف، «نعاني من أزمة مياه نتيجة أسباب عدة، ومنها انقطاع الكهرباء وسلسلة الأعطال والطلب المتزايد على المياه، وغياب ترشيده من قبل الناس». يضيف: «نضطر في حالات كثيرة في فصل الصيف إلى شراء المياه بواسطة الصهاريج، بمبلغ عشرين ألف ليرة، وهذا ما يشكل عبئاً إضافياً على ذوي الدخل المحدود»، مناشداً المسؤولين «الافادة من المياه التي تهدر إلى البحر، وتحديداً مياه كبرى برك رأس العين الطبيعية، والتي تقدر بآلاف الأمتار المكعبة».
ويؤكد عاملون في مصالح المياه في الجنوب، أن الآبار الارتوازية في المحطات لم تتأثر حتى اليوم بالنسبة إلى استخراج المياه الجوفية، و«الأمور تسير بشكل عــــادي، ولكن التخــــوف قائم نتيجة تراجع منـــسوب المتساقطات خلال الشـــتاء الماضي، الـــذي انعكس على مجمل حركة المياه والحاجة إليها».

السابق
كيف ستحصل الانتخابات النيابية من دون رئيس للجمهوريّة؟
التالي
في غزّة وغيرها: لن ننتصر لأنّنا لا نُهزم