الى أهل غّزة: أنتم أملنا الوحيد

هل يحتاج كل قوم أن يكون عندهم فرعون عات، ليضطرهم إلى أن يشقوا البحر ويكتبوا طريق الخروج ؟ كتاب مفتوح الى أهل غزة أملنا الوحيد لأنهم ببساطة خير أمة أخرجت للناس في هذا الزمن الرديء. فالسلام عليكم إن شئتم و رحمة الله عليكم إن أردتم.

أهلنا المذبوحين على الطريقة الشرعية الدولية ، مصيركم و قدركم و قتلكم وسحقكم ومصابكم والقحط والوباء المسلط عليكم لن يوقفه إلا حب النفس وترويض الروح التي أسكنت فيكم وإلا فثنائية متنافرة تجمع الحب مع الخوف، والعبودية مع العتق والغباء مع العقل ويستحال فيها ومعها الدمج أو حتى تحقيق النصر. أما العواطف منكم كانت أم معكم فهي أشد بشاعة وأكثر عدوانية، فما أقبح التفسيرات وما أصعب التحديق، ما أحقر تفاهة العباقرة وما أقس مذلة الكبرياء، ما أبشع المشاعر الهابطة بشموخ، كلها ليست إلا كالبصق على أجسادكم الطاهرة وعلى نظافة وإشراقة وجوهكم بل وهي و الله أشد .

ما أبغض تبلد العالم وصمته أمام مواكب أحزانكم وآلامكم والآهات والآنات. تحار فتحتار فلا تعرف أو تفهم أهؤلاء قوات مهاجمة مع تلك الغازية أم أنهم قوات مغيثة ملبية؟ هم على الأرجح وكما خبرناهم قبلاً قنابل صوتية مستسلمة منهم من يرفع العتب عن نفسه، يوهم المقتول بأنه مقاوم ممانع، وآخرين بالحق هم ليسوا إلا وحوش أنسانية كاسرة، متبرجين بالأحقاد و الغيرة أو مستترين بالأزياء و الذوات، أجسامهم جميلة إلا ان نفوسهم تأنف العرق، تعشق التيه ، جلهم ملوك وأسياد مطاعين أهل درة عند أتباعهم يتيمة و نادرة.

السؤال الواجب طرحه اليوم والمشروع إلى حد ما ، هو حول التسوية التي أبرمها أرباب السفينة المثقوبة التائهة في بحر المنطقة الهائج و إضطلع الروس و الأمريكان بها و قرروا تنفيذها بل و تعاهدوا جميعاً على تحقيقها ؟ خصوصا و قد سبقتها ثورة العرب الناقصة وإدراك الغرب باكراً خطر وعي العرب ومحاولتهم السيطرة على السفينة التي ستوصلهم الى شاطئ الأمان، فعاجلوها بتسوية، جيروا دفعتها الأولى الى المستفيد الأول بشيك مفتوح موقع على بياض ليهود إسرائيل (الجمرة الخبيثة) الرابطة في الجسد العربي وفي قلبه النابض فلسطين تلك الباعثة لكل عنفوان ومجد وعز.

لقد خطفت السماء من الارض قلوب سكانها، سرقت تطلعاتهم و طموحاتهم فاستكانوا الى بلاهة الركود عراة والأكاذيب وحدها لهم ساترة ، لو بقي عشقهم لها وحدها لكانت حظوظهم أعظم و أفضل، و لو أن أرواحهم بقيت فيها لفازروا بها فوزاً عظيماً، ذلك ان المعتدي رابض فيها و ليس خارجها وفعله نابع عن تشبث بها و إن غصباً أو إغتصابا. أعيدوا إحياء القلب، إستعيدوا جغرافيا الأرض فإنها جزء من الجسد العربي، لا تخيطوا جراحكم بالخناجر و لا تتخلصوا من الشرق بالماء بإبتلاع الإبر.

أخشى أن تصدق مقولة أن كل قوم بحاجة الى فرعون عات ليضطرهم الى شق البحر و كتابة سفر الخروج، فهاك فرعون العصر بعبقرية خلق إسرائيل ولكننا عرب سلمنا إضطراراً بالأمر لعجز .

اقبلوا على الموت ولا تتمنوه ، لا تتحركوا بالضرورة ولا تفكروا فقط لأنكم تتحركون أو لأنكم مطاردون، الحياة ليست فرار ولا إرتحال محتوم ولا هي سأم أو عجز عن البقاء. الصمت في كثير من الاحيان سببه بلاهة الموعود والجنة ليست إلا في بقاء النفس ممتشقة بذكاء تقود صاحبها وإن بتناقص الى شيخوخة عامرة في أرض أقل ما فيها أن السماء إختارتها لتكون مهد الأنبياء .

قد يكون العقل الوحيد المتورط أمام ما هو معتمد ومكرس لكنها حرب ونحن لا نتحرك الا بالضرورة وإلا أنتم في قطار المنطقة و سيأخذكم معه.

السابق
هيئة التنسيق مجدداً: لا مدارس في أيلول
التالي
بعد عام على معركة عبرا: صيدا أكثر أسيرية