أغلبية اللبنانيين خائفون!

أظهرت نتائج استطلاع قامت به شركة «آراء للبحوث والاستشارات» حول الوضع الأمني في لبنان أن نسبة كبيرة من اللبنانيين يشعرون بالخوف. فقد ذكر 44 في المئة من المشمولين بالاستطلاع أنهم يشعرون بحالة من القلق أو عدم الاطمئنان (25 في المئة ذكروا أنهم قلقون جدًا و19 في المئة غير مطمئنين بتاتا). في المقابل، ذكرت نسبة 27 في المئة أنها متخوفة بعض الشيء، وقالت نسبة 28 في المئة إنها مطمئنة نسبيًا، بينما توزعت نسبة 1 في المئة بين القول انها «لا تعلم» أو انها رفضت الإجابة.

وتأتي هذه الدراسة مع استمرار التحدي الأمني متقدما على ما عداه من تحديات في ضوء التفجيرات الانتحارية التي بدأت منذ التاسع من تموز 2012، وصولا إلى يومنا هذا. كما تأتي غداة نجاح الأجهزة العسكرية والأمنية في شن حرب وقائية أدت إلى حماية لبنان من أعمال إرهابية خطيرة.
شملت الدراسة الميدانية التي أجرتها شركة «آراء» 500 مواطن لبناني. وتوزّعت العيّنة على مختلف المحافظات والأقضية اللبنانية بما يتوافق والبنية السكانية للمواطنين اللبنانيين بحسب مكان السكن والنوع والفئات العمرية، بالإضافة الى التوزّع النسبي لمختلف الطوائف. وقد تمّ تنفيذ البحث الميداني عبر مقابلات تلفونية بواسطة الكومبيوتر في الفترة الممتدة بين 27 حزيران و3 تموز 2014، وأشرف عليها وعلى دراسة نتائجها مدير «آراء» طارق عمار.
وكان لافتا للانتباه أن الوضع الأمني الضاغط جعل نسبة 33 في المئة من اللبنانيين تغّير نمط حياتها (تعديل عادات يومية مثل التنقلات وتغيير السكن ومحلات شراء المأكولات والتسوق فضلا عن اختزال واجبات ومسؤوليات اجتماعية وكل ذلك وغيره ربطا بتجنب أماكن قد تكون مستهدفة أمنيا بالتفجيرات والانتحاريين). وذكر 61 في المئة ممن غيروا نمط حياتهم أنهم حدّوا من تنقلاتهم إلى أماكن معينة بالإضافة إلى 29 في المئة يتخوفون من التنقل بشكل عام، بينما خفضت 9 في المئة من هذه الفئة مصاريفها الشهرية تحسبًا للآتي.
وأظهر الاستطلاع أن سكان العاصمة بيروت كانوا الأكثر تعبيرًا عن خوفهم. فقد ذكر حوالي 60 في المئة منهم أنهم قلقون جدًا أو غير مطمئنين بتاتاً، مقارنة بـ 33 في المئة من سكان محافظتي الجنوب والنبطية.
وإذا كان شعور أبناء العاصمة بالخوف مرتبطا بوقوع معظم الأحداث الأمنية في بيروت وضاحيتها الجنوبية، فإن اللافت للانتباه أن يكون اللبنانيون من أبناء الطائفة الشيعية هم الأقل شعورًا بالقلق. فقد ذكر 32 في المئة منهم أنهم قلقون جدًا أو غير مطمئنين بتاتا، مقارنة بنسبة 48 في المئة عند المسيحيين و45 في المئة عند المسلمين السنة و40 في المئة عند الدروز.
وبرغم واقع معروف بأن مناطق المسلمين الشيعة هي الأكثر استهدافًا من قبل الإنتحاريين، إلا ان 37 في المئة من سكان هذه المناطق ذكروا أنهم مطمئنون نسبيًا مقارنة بـ 23 في المئة عند الدروز و27 في المئة عند المسيحيين و29 في المئة عند السنة.
ويفسر محللو «آراء» اطمئنان الجمهور الشيعي بأنه مرتبط بالإجراءات المطمئنة التي اتخذتها المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، وقد شكّل نجاح القوى الأمنية في منع وصول الانتحاريين الى أهدافهم أكثر من مرة، واعتقال عدد كبير منهم منذ ولادة حكومة الرئيس تمام سلام، بالإضافة الى التعاون والتنسيق الأمني بين جميع الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، وحرص جهات استخبارية غربية على تزويد الأمن الرسمي اللبناني بكل ما يتوافر من معطيات حامية للاستقرار في لبنان، شكل كل ذلك عنصر ثقة بالوضع الأمني عند الجمهور الشيعي.
ويظهر ذلك جليًا في موقف اللبنانيين الشيعة الذين اعتبروا بنسبة 53 في المئة أن الحالة الأمنية اليوم أفضل مما كانت عليه من قبل، بينما أظهرت عينات من باقي الطوائف والمذاهب عكس ذلك. فعلى المستوى الوطني ذكر 47 في المئة أن الوضع الحالي أسوأ من فترة التفجيرات السابقة مقابل نسبة 43 في المئة اعتبرت أن الوضع أفضل… و8 في المئة «لا تعلم» و2 في المئة رفضت الإجابة.
وتوقعت نسبة 53 في المئة من اللبنانيين تحسن الأوضاع الأمنية، مقابل 30 في المئة توقعت أن تسوء الأوضاع، بينما قالت نسبة 16 في المئة انها لا تعلم و1 في المئة رفضت الإجابة. وقد تكون الإنجازات التي حققتها القوى الأمنية ركيزة هذا التفاؤل.
مذهبيًا، تميز الشيعة بالتفاؤل أكثر من المذاهب الأخرى، فذكر 66 في المئة منهم أنها ستحسن. أما السنة، فقد توقع 50 في المئة منهم أن تتحسن الأوضاع مقابل 40 في المئة ذكروا أنها ستسوء وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمذاهب الأخرى.

50 في المئة يعتبرون الحكومة «سيئة»

أظهر استطلاع «آراء» أن نسبة 32 في المئة من اللبنانيين اعتبرت حكومة تمام سلام إيجابية (3 في المئة اعتبرتها «ممتازة» و29 في المئة اعتبرتها «جيدة»). أما أغلبية 50 في المئة فقد اعتبرت الحكومة سيئة (16 في المئة اعتبرتها «سيئة جدًا» و34 في المئة اعتبرها «سيئة بعض الشيء») وذكرت نسبة 14 في المئة أنها «لا تعلم» و3 في المئة رفضت الإجابة.
وكان لافتا للانتباه تقارب النسب مذهبيا في تقييم عمل الحكومة، وهو أمر لم يحصل في استطلاعات رأي سابقة، اذ ان النظرة الى الحكومة كانت محكومة دائما بالاعتبار المذهبي أكثر مما هي مرتبطة بطبيعة عملها وانجازاتها أو اخفاقاتها.
مناطقيًا، تميز أبناء الشمال بتقييمهم الإيجابي للحكومة، فذكرت نسبة 41 في المئة منهم أنها «إيجابية» مقارنة بـ 40 في المئة اعتبرتها «سيئة». ولعل نجاح الحكومة في فرض خطة طرابلس الأمنية واعتقال قادة المحاور وفتح مناطق المدينة على بعضها البعض من أهم إنجازاتها.

السابق
تكريم نيلسون مانديلا 
التالي
اول تعليق لاعلام حزب الله على الشائعات التي طالت السيد نصرالله