لبنان ليس وحده

لبنان واللبنانيين يتحملون عبئا كبيرا ومتزايدا بسبب الضغط الناتج عن قبول أكثر من مليون شخص في هذا البلد الصغير. إن الكرم والانفتاح نحو المحتاجين قد أصبح موضوع اعتراف واشادة دولية، خاصة في الرابع عشر من شهر تموز الجاري، عندما أصدر مجلس الأمن قرارا سلّط فيه الضوء على الجهود الكبيرة والمثيرة للإعجاب التي يبذلها لبنان والدول المجاورة الأخرى في مساعدة اللاجئين.

أكثر من ستمائة ألف طفل في سوريا فروا من عنف الأسد، ولجأوا الى لبنان بحثا عن الأمان. إنهم مُجبرون على الفرار من القتال، وهم يواجهون مستقبلاً غامضا، وحاضرهم مخيف أحيانا. فهم، غالباً، يعيشون بما يتيسر يوما بعد يوم، باحثين عن كيفية الحفاظ على الطعام والمأوى، فاقدين فرص ذهابهم إلى المدرسة، ومعرضين للاستغلال. هذه واحدة من العديد من عواقب الحرب في سوريا.
وللتخفيف من هذه المعاناة، يجب للحرب في سوريا أن تنتهي. هذه النتيجة تأتي فقط من خلال حل سياسي يسمح لللاجئين بالعودة إلى ديارهم بأمان وإعادة بناء حياة خالية من العنف، مدركين أن لديهم رأيا في أنظمتهم السياسية والاجتماعية. ولكن البعض لا يزال يؤجج العنف في سوريا، مما أدى إلى قدوم المزيد من اللاجئين إلى لبنان، وجذب مقاتلين أجانب إلى المنطقة ما قد يهدد الأمن اللبناني.
لا أحد يعيش في لبنان يمكنه أن يفشل في تقدير الصعوبات التي فرضها تدفق اللاجئين على كاهل لبنان واللبنانيين، إضافة إلى الآثار الاخرى للصراع السوري. وليس بإمكان من درسوا تاريخ لبنان، وتوازناته الدقيقة، الا يدركوا الامور التي أصبحت على المحك. ومن قضى بعض الوقت مع اللبنانيين لا يمكن الا أن يُعجب بأصالة أخلاق اللبنانيين والشعور الإنساني الذي يميزهم من خلال تعاملهم مع قضايا اللاجئين.
إن لبنان واللبنانيين يتحملون عبئا كبيرا ومتزايدا بسبب الضغط الناتج عن قبول أكثر من مليون شخص في هذا البلد الصغير. إن الكرم والانفتاح نحو المحتاجين قد أصبح موضوع اعتراف واشادة دولية، خاصة في الرابع عشر من شهر تموز الجاري، عندما أصدر مجلس الأمن قرارا سلّط فيه الضوء على الجهود الكبيرة والمثيرة للإعجاب التي يبذلها لبنان والدول المجاورة الأخرى في مساعدة اللاجئين. وقد أشار مجلس الأمن أيضا بأن الوضع الإنساني سوف يستمر بالتدهور من دون التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا، كما حثّ الدول المانحة على مساعدة لبنان والبلدان الأخرى فيما هم يتعاملون مع هذه الأزمة.
لدى الولايات المتحدة سجل حافل في مساعدة الشعب اللبناني على إيجاد السبل لتلبية احتياجاته كما احتياجات اللاجئين. فمنذ بداية الأزمة، قدمت الولايات المتحدة ملايين الدولارات إلى أشخاص ومؤسسات دولية وغير حكومية عاملة في لبنان لتلبية تلك الاحتياجات.

وعلى سبيل المثال، تشاركت الولايات المتحدة مع بلديات محلية في تلبية الاحتياجات المتعلقة بالموارد المائية التي من شأنها أن تعود بالفائدة على اللاجئين والمجتمعات اللبنانية المضيفة على السواء. وقد وقّعنا نهار الجمعة الماضي، اتفاقا مع مصالح مياه لبنان الأربعة لتعزيز إدارة الموارد المائية في لبنان. كما أن الدعم الأميركي للمدارس الرسمية اللبنانية هو من الأولويات، خاصة في تعامل المدارس مع العدد المتنامي للطلاب المسجلين.

وقد عملنا على مدى السنوات الماضية، على تعزيز المدارس الرسمية اللبنانية في كافة أنحاء البلاد من خلال إعادة تأهيل المدارس القائمة لتوفير بيئة آمنة ورحبة للتعلّم. وفيما تتزايد الاحتياجات، كذلك تزيد مشاركتنا. وسوف تكون لهذه البرامج ونتائجها فوائد على المدى الطويل لكل لبنان.

تقوم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بالكثير لمساعدة لبنان على التعامل مع هذه الأزمة. لبنان ليس وحده، لكن مما لا شك فيه بأنه يستحق المزيد من الدعم، تماما كما أن المزيد مطلوب من أجل التوصل الى الأهداف في تحقيق حل سياسي في سوريا ولمساعدة الناس على العودة بأمان. وقد بدأنا في الولايات المتحدة بذلك ونعمل على تشجيع الآخرين على الانضمام إلينا. سوف تواصل الولايات المتحدة العمل مع الجهات الدولية المانحة لإيجاد الحلول. ونحن في السفارة سوف نستمر في مساعدة المجتمعات المحلية، بطرق كبيرة وصغيرة، فيما نبقي نصب أعيننا الحاجة الأساسية لانهاء الصراع في سوريا.

قادة لبنان يمكنهم المساعدة أيضا. سوف يكون لبنان، فقط من خلال رئيس منتخب للجمهورية إلى جانب برلمان فعال وحكومة عاملة، في وضع يُمَكَّنه من التصدي بفعالية مع دعم دولي للتحديات التي تواجهه. وهذا يشمل كذلك التعامل مع آثار امتداد الحرب في سوريا.

أنا أدرك أنه من الصعب بالنسبة للعديد من اللبنانيين الحفاظ على شعورالتعاطف مع اللاجئين، ولكن علينا أن نعمل معا لإيجاد حلول عملية: حلولا تعالج كثرة من الاحتياجات، حلولا تلتزم الاتفاقيات الدولية والمحلية، حلولا لا تشمل لبنانيون يقاتلون في سوريا، حلولا تساعد جميع الأطفال على التمتع بطفولة مليئة بالأمل والفرح، وليست مليئة بالصواريخ والبنادق.

 

السابق
بلامبلي: قلق من تقدم داعش في لبنان والوضع في الجنوب خطر
التالي
عندما يشكو الجمهور من تحوّل ’الصقور’ إلى حمائم