السلفية في لبنان (2): جند الشام وعصبة الأنصار وفتح الإسلام

هنا حلقة ثانية عن السلفية في لبنان وتطوّرها إلى ما وصلته اليوم، وفيها أسباب ونتائج نشوء تنظيمات جند الشام وعصبة الأنصار وفتح الإسلام وغيرها من التنظيمات المتطرّفة الناشطة في لبنان. ما المشترك بينها، وأين تختلف؟ أن تتصارع؟ وأين تتحالف، فكرا وتنظيما؟

أسس “عصبة الأنصار” في لبنان هشام شريدي الذي قاتل ضد الإسرائيليين في مخيم عين الحلوة. تأثر بالفكر السلفي الجهادي بعد احتكاكه بعناصر من حركة التوحيد التي لجأت إلى منطقة صيدا بعد عام 1985، اتخذت شكلاً تنظيمياً بعد تسلم أحمد عبد الكريم السعودي (أبو محجن) مسؤوليتها، كانت مجموعة متطرفة وتكفيرية، نظرت إليها الدولة اللبنانية على أنها منظمة إسلامية إرهابية. عام 2010 أصدر الرئيس الأميركي جورج بوش قراراً بتجميد أرصدتها المالية، أصدرت العصبة بياناً نفت وجود أية صلة مع القاعدة تنظيماً وأن علاقتها عقائدية. أثرت فيها حركة حماس والشيخ جمال خطاب ما دفعها الى الخروج من الموقع المتطرف السابق. حالياً موقفها يتباين ما بين موقف جبهة النصرة، وموقف الجبهة الإسلامية في سورية. قاتل عدد من أعضاءها في العراق ضد الاحتلال الأميركي، تتحدث بعض المصادر أن قناة أمنية متفوحة بينها وبين الأجهزة الأمنية اللبنانية، وقد اعتمدها الجيش اللبناني قوة فصل بينه وبين مجموعة جند الشام.

 

هشام شريدي

جند الشام

أسسها محمد أحمد شرقية عام 1989 بعد انفصاله عن عصبة الأنصار. مجموعة متطرفة تكفيرية، موجودة في مخيم عين الحلوة – صيدا ومخيم الطوارىء تنظر إلى الحكومات والجيوش بصفتها كافرة، لا يتعدى عناصرها 50 عنصراً معظمهم مطلوبين من السلطة اللبنانية، شارك عناصرها بهجمات على الجيش اللبناني وعلى عناصر منظمة التحرير الفلسطينية، قدم إليها أحد الأطراف اللبنانية مساعدة اجتماعية ومالية لإبعادها عن التعرض للجيش اللبناني، حسب تبرير الطرف اللبناني. يمكن القول أنهم مجموعة تحت سيطرة عصبة الأنصار، ويمكن استخدامها من أطراف سياسية مختلفة.

دولة داعش

فتح الإسلام

هناك اختلاف بوجهات النظر حول نشأة فتح الإسلام، أحد المشايخ السلفيين الذي كان على صلة مع زعيمها شاكر العبسي قال:”إنها مجموعة أتت الى لبنان خلال عدوان تموز 2006 إعتقادا منها ان جبهة جديدة ستفتح ضد واشنطن وتل أبيب. لكن مصدر آخر يقول إن الأصل التنظيمي لحركة فتح الإسلامي هو لبناني سلفي وتكفيري، استقبلت مجموعات إسلامية مختلفة لأنها تنظيم إسلامي لا يعترف بالكيانات، واستخدمت مخيم نهر البارد لوقوعه خارج إطار السلطة الرسمية. وأن خطتها كانت تفضي بإقامة إمارة إسلامية في الشمال. وعلاقتها مع المخابرات السورية من جهة ومع قوى سياسية سنّية لبنانية من جهة ثانية هي تعبير عن تقاطع مصالح، وأن القيادة الفعلية كانت لأبي هريرة القدور الذي قتل لاحقاً وللهارب عبد الغني جوهر. وشكلت معركة نهر البارد مناسبة للأجهزة الأمنية لإلقاء القبض على مئات من اللبنانيين والفلسطينيين للاشتباه باتجاهاتهم المتطرفة، ويمكن القول حالياً إن الحركة قد انتهت تنظيمياً لكن فكرها ونهجها التنظيمي ما زال يعش في عقول شبان عديدين.

شريف عقل

في الخلاصة فإنّ الوضع الاجتماعي والتقوقع الطائفي واليقظة الأمنية تشكل قيداً ثقيلاً على تشكل تيارات إسلامية متطرفة وتكفيرية، لكن لا بد من الإشارة إلى عوامل عدة تساعد على نمو أفكار ومعتقدات إسلامية تكفيرية أهمها الوضع الاقتصادي وغياب خطط تنموية مختلفة البطالة المتزايدة في أوساط الشباب وخصوصاً في منطقة الشمال. التهميش الاجتماعي وغياب الخدمات الأساسية والحملات الأمنية التي تستهدف الشباب المشتبه بهم وعدم الإسراع بالتحقيق معهم وإصدار الأحكام القضائية المناسبة، كل هذه العوامل تزيد من شعور الشباب بالاضطهاد والعجز عن مواجهة ما يحدث بطرق ديموقراطية أضف إلى ذلك التعبئة المذهبية التي تستهدف الجميع والتي توسع من القاعدة الاجتماعية للطرف الأكثر تعصباً في مكونه الاجتماعي.

السابق
ازاحوا كرسيه من الكنيسة … فأحرق سيارة الكاهن
التالي
هل تصبح ريتا حايك مقدمة برامج؟