من يتحمّل مسؤولية الحرب؟

شنّت إسرائيل الحرب على غزة، منذ أسبوع، أي أنها طالت أكثر من حرب الأيام الستة، التي قضمت فيها أراضيَ من ثلاثة بلدان عربية، تزيد عن مساحتها بأضعاف، ومع ذلك فلا أحد يعرف متى ستتوقف هذه الحرب أو كيف. المشكلة، بالنسبة لإسرائيل، أن هذه الحرب هي الثالثة من نوعها ضد الفلسطينيين في القطاع، في ستة أعوام (الأولى أواخر 2008 والثانية أواخر 2012)؛ ما يفيد أن هؤلاء يستعصون على الكسر أو الإخضاع، وأنها تعجز إزاءهم. معلوم أن غزة ليست امبراطورية، ولا دولة قوية، بل إنها مكان صعب للعيش، بسبب مناخها، وندرة مواردها الطبيعية، وكثافتها السكانية، زد على ذلك خضوعها لحصار مشدد منذ سبعة أعوام، مع استهداف دائم من قبل الجيش الإسرائيلي، حتى البحر يكاد يكون محرّماً على صيادي غزة! تبلغ مساحة القطاع 360 كلم2 أي 1.33 بالمئة من فلسطين الكاملة، و 6 بالمئة من مساحة الدولة الفلسطينية المفترضة، وهو على شكل شريط ضيق على الساحل الجنوبي، طوله 41 كلم وعرضه بين 5 و15 كلم، يقطن فيه مليونا فلسطيني تقريباً، غالبيتهم من لاجئي 48.

 

منذ عام 2007 باتت غزة تخضع لسلطة “حماس”، التي تعزّزت مكانتها فلسطينيا بعد فوزها في الانتخابات (2006)، وكسرها احتكار “فتح” للقيادة، وهو ما لم تهضمه هذه الحركة، وأفضى إلى واقع من الاختلاف والاقتتال والانقسام في الساحة الفلسطينية، ما سهّل على إسرائيل فرض الحصار على فلسطينيي غزة، وتصعيب حياتهم. القصد أنه يمكن الاختلاف مع “حماس”، على شعاراتها والشكل الأجدى للمقاومة وطريقة إدارتها للسلطة، بيد أنه لا يمكن تحميلها مسؤولية الحرب، تحت أي ذريعة، لأن إسرائيل هي التي تملك قرار الحرب وأدواتها، لاسيما أنها ليست المرة الأولى. الدليل أن الأشهر الخمسة الأولى لهذا العام (قبل خطف المستوطنين الثلاثة في حزيران الماضي) شهدت مصرع 30 فلسطينيا في الضفة وغزة برصاص الجيش الإسرائيلي، وجرح 159، واعتقال 1375، وشهدت 755 محاولة اعتداء وانتهاك للمدن والبيوت وممتلكات الفلسطينيين من قبل الجيش وعصابات المستوطنين. وكانت إسرائيل قامت، في السنوات التسع الماضية، من 2005 – 2013، بقتل 3921 فلسطينيا، في المقابل لقي 187 إسرائيلياً فقط مصرعهم، في عمليات مقاومة، بمعدل أقل من أثنين في الشهر. هكذا تدحض الاحصاءات والوقائع ادعاءات إسرائيل، وتبيّن أنها كانت تعيش في وضعية احتلال مريح ومربح، بوجود قيادة “معتدلة”، وتنسيق أمني، كما تبيّن أن الفلسطينيين هم ضحايا عدوانية وإجرام إسرائيل الاستعمارية والعنصرية، التي تشتغل على اخضاعهم، وقتل روح المقاومة لديهم، وسلب حقوقهم، سواء كانت قيادتهم “فتح” او “حماس”.

السابق
فيديو لـ«فرقة قطط استعراضية»
التالي
القائد الـ12 لـ’اليونيفيل’ يتسلّم في تموز