الصراخ العربي الفارغ

لا طعم ولا لون ولا رائحة للبيان الصحافي الذي أصدره مجلس الأمن في شأن ما يجري في غزة. لم يزعج خاطر اسرائيل بقدر ما أزعجها اللهاث العربي اليه. يبعث على الخجل، ليس إلا، أن المجموعة العربية في الأمم المتحدة لا حيلة ديبلوماسية لها، ولا جرأة معنوية لديها، لذكر اسرائيل بالإسم وتوجيه أصابع الإتهام مباشرة اليها في المأساة المتكررة على أكثر من مليون ونصف مليون من الفلسطينيين في غزة.

المنطق الأميركي في ما يتعلق باسرائيل خائب. منطلقه أن هذه حليف قوي لا يتزعزع للولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم، وأن في واشنطن ونيويورك وغيرها من مراكز النفوذ قوى سياسية واقتصادية ومالية حاضرة وضاغطة على القرار الأميركي، وأن الأميركيين يتعاطفون مع اليهود بسبب الاضطهاد الذي واجهوه وخصوصاً في محارق النازيين، وأن مؤيدي اسرائيل يتحدثون بصوت واحد. غير أن هذه الحقائق يجب ألا تكون غطاء أو مبرراً لكل مآسي الفلسطينيين وغيرهم من العرب على أيدي الإسرائيليين. على رغم أن العالم صار عموماً أكثر تحسساً للجرائم التي ترتكب، لا يزال غافلاً عن الجريمة الكبرى ضد الإنسانية في فلسطين.
كان عملاً شائناً أن تختطف مجموعة من حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أو من منظمة “الجهاد الإسلامي” الشبان الإسرائيليين الثلاثة وأن تقتلهم. يوازيه إرهاب خطف مجموعة اسرائيلية مراهقاً فلسطينياً ثم قتله حرقاً. هؤلاء لم يكونوا أهدافاً عسكرية. آليات المحاسبة وتحقيق العدالة وإعطاء الحق مفقودة في هذا الجزء الحزين من العالم. فشل منطق التفاوض للتوصل الى سلام عادل، ولو على سراب حل الدولتين. هذه هي شرارة الحرب الحقيقية التي أشعلت غزة.
كما في المرات السابقة، لا يزال العرب في خبر كان. فتحت اسرائيل أبواب الجحيم على القطاع، على دوي الإنفجار الهائل لبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، وفي ظل الغياب العربي عن الوعي. من يسمع نداءات العرب وصراخهم الفارغ في وادي الأمم غير المتحدة في هذا الوقت بالذات؟ سخر ديبلوماسيون غربيون من حماسة بعض الفلسطينيين والعرب في الدفاع عن “حماس” وصواريخها العديمة الدقة التي تصيب المدن والبلدات الإسرائيلية. ليس هذا المنبر لخطاب كهذا أمام من يصنف “حماس” منظمة ارهابية. تقول المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة سامنتا باور ونظراؤها الغربيون إن ما من دولة في العالم تقبل بأن يتعرض سكانها لإرهاب صاروخي كهذا. لم يخرج بين الديبلوماسيين العرب من يرد بأن نعم، هذا صحيح، ولكن أين تلك الحمية على الإنسانية في ما يصيب الفلسطينيين من غارات عبر الليل والنهار بإسم استهداف الإرهابيين؟
دعك من المأساة المستمرة منذ أكثر من ستة عقود، أرقام هذه الحرب تتحدث: خلال الأيام الستة (حتى أمس) من هذه الحملة العسكرية على غزة، أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها قصفت ١٣٠٠ هدف ارهابي. سقط حتى الآن ١٦٧ قتيلاً، بينهم ٨٩ في المئة مدنيون، وأكثر من ١١٠٠ جريح.
ما هي الإحصاءات في الجانب الإسرائيلي؟

السابق
بالصور.. طوني خليفة يفاجئ جمهوره
التالي
شاكيرا تلهب جماهير نهائي كأس العالم