ناهض حتر يمدح حزب الله أم يذمه؟

لم يكتف ناهض حتر، هو المعروف تاريخيا بخصومته للنظام الإسلامي الإيراني، والمعروف أيضا ما يدور في مجالسه الخاصة من احاديث تنال حتى من شخص مرشد الثورة في ايران السيد الخامنئي ويعرفها الحزب جيدا، لم يكتف في هذه المقالة بسلخ الحزب عن ايران بل اجتهد لسلخ الحزب عن الدين والمفاهيم الدينية واعتبر أن الحزب قد تطور من حزب ديني متخلف "ومشوب بكل الاعراض المرضية" الى حزب لا علاقة له بالدين والإسلام. وهذا بالظبط ما هو ملفت بهذه المقالة التي انما توقعت انا شخصيا أن يرد عليها حزب الله وبشكل حاسم وسريع، ليشرح لهذا الكاتب وجهة نظر الحزب الحقيقية، التي تقول إنه لا يخجل من كونه حزبا دينيا، ولا يخجل من اسلامه، وانه عندما حاول ناهض حتر ان يمدحه انما بالحقيقة فقد ذمّه..

كتب الصحافي والكاتب اليساري الأردني يوم الجمعة الفائت مقالة في جريدة الاخبار بعنوان (حزب الله .. الى العراق أيضا؟ ). الا ان الملفت في المقال طلب الكاتب من حزب الله لعب دور العرّاب في العمل من اجل انتاج تسوية سياسية لحل الازمة في العراق. تسوية هي اقرب ما تكون الى حلم لا يراود الا أمثال الكاتب ممن يحملون تاريخا معروفا من الود والعلاقات المتينة ترافقت مع مرحلة عراق بعث صدام حسين. ويطلب ان يكون حزب الله عاملا موحدا بين عزة الدوري او الكتلة السياسية للنظام السابق من جهة وبين الحكومة العراقية من جهة أخرى!

سنأتي لاحقا على اللافت. هنا يفترض الكاتب، ومن فراغ، أولا: أن حزب الله هو خارج منظومة طهران – المالكي، وبالتالي فإن لعبه أي دور في العراق محكوم مسبقا بالقرار الإيراني ومصالحه في العراق أولا وأخيرا، وثانيا: نسي الكاتب أن لبنان وازمته الرئاسية أولى بجهود واهتمامات الحزب لو انه استطاع الى ذلك سبيلا.

الملفت في هذه المقالة هي المقدمة الطويلة التي اسهب خلالها ناهض حتر من اجل الوصول الى هذا المطلب العجيب وما يحمله من مغالطة الواضح انها لم تغب عن ذهنه أثناء الكتابة وهنا تكمن الغرابة الى حد الاستهجان

فمن اجل ان يعتبر الكاتب أن حزب الله وقراره السياسي هو قرار مستقل، وبالتالي هو قرار منفصل عن أي قرار للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وللقول أيضا إن الحزب يشكل قوة غير مرتبطة عضويا بالمرجعية الدينية المتمثلة بعقيدة ولاية الفقيه، والتي تمثل الإشكالية الأكبر عند حتر… فقد حاول هذا الكاتب المسكين ان يرسم بريشة مخيلته خريطة افترضها مراحل تحاكي التطور الفكري لحزب الله، حتى وصل به الامر الى نتيجة رغبوية، فاعتبر أن حزب الله تحول الى حزب علماني ولا علاقة له بالايديولوجيا الدينية لا من قريب ولا من بعيد، وتحول بحسب مخيلة الكاتب الى “قوة ردع وطنية وقومية”.

إقرأ أيضاً: من هو ناهض حتّر؟

فمحاولة الكاتب الفاشلة عبر مقدمته الطويلة، من اجل انتزاع اللبوس الديني عن حزب الل،ه انما في الحقيقة تفسر حجم المأزق والتناقض الذي يعيشه اليساريون والقوميون في هذه المرحلة. هذا المأزق المتجسد في دعمهم واحتضانهم والعمل في مؤسسات حزب ديني (جريدة الاخبار)، وحزب قائم على اعتقاد ديني، وعلى رأس هرمه القيادي رجل دين، ومحكوم في كل سلوكياته وادبياته السياسية للمفردات الدينية، ويقاتل او يهادن، يسالم او يحارب وفق الفتوى الدينية (كما صرح الأمين العام منذ فترة).

هذا كله من جهة، ومن جهة أخرى يحاول هؤلاء اليساريون والقوميون أن يقدموا انفسهم ليس فقط كعلمانيين بل كخصوم اشاوس لما يسمونه بالإسلام السياسي. ما يشكل هذا التناقض الفاضح من اضطراب فكري وتكاذب ممارساتي، يجهد خلاله كل واحد منهم للخروج من هذه الحال بحسب موقعه وبالاسلوب المتاح امامه، وما هذه المقالة الا واحدة من تلك المحاولات البائسة.

إقرأ أيضاً: ناهض حتر.. نختلف معك ونلعن من قتلك

لم يكتف ناهض حتر، هو المعروف تاريخيا بخصومته للنظام الإسلامي الإيراني، والمعروف أيضا ما يدور في مجالسه الخاصة من احاديث تنال حتى من شخص مرشد الثورة في ايران السيد الخامنئي ويعرفها الحزب جيدا، لم يكتف في هذه المقالة بسلخ الحزب عن ايران بل اجتهد لسلخ الحزب عن الدين والمفاهيم الدينية واعتبر أن الحزب قد تطور من حزب ديني متخلف “ومشوب بكل الاعراض المرضية” الى حزب لا علاقة له بالدين والإسلام. وهذا بالظبط ما هو ملفت بهذه المقالة التي انما توقعت انا شخصيا أن يرد عليها حزب الله وبشكل حاسم وسريع، ليشرح لهذا الكاتب وجهة نظر الحزب الحقيقية، التي تقول إنه لا يخجل من كونه حزبا دينيا، ولا يخجل من اسلامه، وانه عندما حاول ناهض حتر ان يمدحه انما بالحقيقة فقد ذمّه..

السابق
صواريخ الجنوب الحقت اضراراً بالغة بمنزل في الجليل الغربي
التالي
نهائي المونديال: إستنفار أمني خوفا من الشغب بلبنان