مفاجآت ’حماس’

أكثر من مفاجأة كانت في انتظار إسرائيل في اليوم الثالث للعملية العسكرية الإسرائيلية ضد حركة “حماس” في قطاع غزة. فعلى رغم الغارت الإسرائيلية التي استهدفت حتى الآن نحو 600 موقع فان “حماس” لم تركع ولم ترفع الراية البيضاء، لا بل على العكس من ذلك لا تزال تواصل قصفها للمدن والبلدات الإسرائيلية، وقد اجبرت نصف سكان إسرائيل على الاحتماء من خطر الصواريخ البعيدة المدى التي تستخدمها للمرة الأولى في المواجهات مع إسرائيل.

اكثر من مفاجأة كانت في انتظار اسرائيل هذه المرة، فالى جانب الصواريخ البعيدة المدى التي تصل الى أكثر من 110 كيلومترات والتي لم تكن الاستخبارات الإسرائيلية على معرفة بها، هناك شبكة الانفاق التي تسميها إسرائيل هجومية والتي حفرتها الحركة طوال سنوات لاستخدامها للعبور الى إسرائيل وتنفيذ هجمات في الداخل. وهناك عمليات التسلل النوعي التي نفذتها مجموعة مقاتلين تنتمي الى كتائب القسام على القاعدة البحرية العسكرية زيكيم. ليس هذا فحسب، فثمة تخوف إسرائيلي من ان تكون “حماس” في صدد التحضير لمفاجآت أخرى مثل استخدام طائرات من دون طيار، أو صواريخ اكثر تطوراً أو هجمات نوعية أخرى.
تحاول الحكومة الإسرائيلية تصويرنفسها بأنها أُجبرت على الدخول في مواجهة لا ترغب فيها، وان “حماس” هي التي فرضت توقيت المواجهة وهي التي تتحكم بالتصعيد أو التهدئة. لكن هذا لا يعدو ان يكون ذرائع تحاول بواسطتها إسرائيل اخفاء نياتها الحقيقية الا وهي ضرب القوة العسكرية لـ”حماس” واضعافها سياسياً وخنقها اقتصادياً.
لكن مشاكل عدة تواجهها حكومة نتنياهو في اليوم الثالث للقتال منها: هل يقتصر الهدف الاستراتيجي لعملية “الجرف الصامد” على ضرب الذراع العسكرية للحركة وإبقاء الزعامة السياسية؟ وكيف يمكن القضاء على الترسانة الصاروخية للحركة و”الجهاد الإسلامي” بواسطة الغارات الجوية فقط ومن دون اللجوء الى عملية توغل بري؟ وفي حال تنفيذ هجوم بري كيف يمكن تفادي وقوع عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين في قتال سيكون مسرحه الاماكن المكتظة سكانياً؟ وكيف يمكن منع وقوع خسائر بشرية داخل إسرائيل او وسط الجنود اذا استمر القتال مدة طويلة؟ وما هو السبيل للمحافظة على تأييد الرأي العام وصمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية؟
تشكل عملية “الجرف الصامد” اختباراً مهماً لزعامة نتنياهو وذلك على عكس عملية “عمود السحاب” التي شنها على غزة عام 2012. إذ يخوض نتنياهو اليوم المواجهة في ظل ضغوط كبيرة من اليمين للقضاء على “حماس” بصفة نهائية. وينتظر هذا اليمين فشل نتنياهو في مهمته كي ينقض عليه سياسياً.

السابق
أحد مطلقي الصواريخ جريح والجيش يبحث عنه
التالي
الورطة السورية