ميشال سليمان: الزعيم الآتي… وليس الرئيس السابق

الرئيس ميشال سليمان
ليل الرئيس ميشال سليمان على أنّ الأفق المسيحي مسدود هو خروجهم من اللعبة في السنوات الأخيرة بسبب التبعية والانقسام. والعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية. فوفق إحصاءات دقيقة لا تمثّل الحالة العونية ومناصرو القوّات اللبنانية أكثر من 30 إلى 32 في المئة من الرأي العام المسيحي. و20 في المئة متردّدون يميلون مع الريح. يبقى نصف المسيحيين ينتظرون خلاصا بعيدا عن الحرب السنية - الشيعية... وهل من المعقول أن يبقى المسيحيون أسرى معادلة عون - جعجع منذ أكثر من 30 عاما؟

مرتاح هو الرئيس ميشال سليمان في منزله الجديد. مرتاح وحركة الزوّار لا تهدأ. لا يبدو الرجل رئيسا سابقا بقدر ما يبدو زعيما آتيا. يقرأ الأحوال السياسية بعين ثاقبة. هو الرجل الذي “حكم” لبنان 15 عاما، 9 منها في قيادة الجيش، و6 في رئاسة الجمهورية. وهو الذي ينظر إلى الأمام وليس إلى الوراء. ينظر إلى “الزعامة” وإلى “الدور” بعيدا عن “المنصب” في الساحة المسيحية وعليها.
يعرف الرئيس ميشال سليمان، وفق إحصاءات دقيقة، أنّ الحالة التي يمثّلها التيّار العوني ومناصرو القوّات اللبنانية لا تمثّل أكثر من 30 إلى 32 في المئة من الرأي العام المسيحي. ويعرف أنّ أكثر من 20 في المئة هم المتردّدون، أو الذين يميلون مع الريح. مثلا إذا كانت كفّة القوّات راجحة في زحلة يصوّتون في الانتخابات لصالح القوّات، وإذا كانت كفّة العونيين راجحة في كسروان يصوّتون لميشال عون.

يبقى إذا أنّ نصف المسيحيين ليسوا متحزّبين، لكن لهم رأي. وهؤلاء ملّوا من ثنائية عون – جعجع. فينقل زوّار الرئيس سليمان أسئلة من نوع: هل من المعقول أن يبقى المسيحيون أسرى هذه المعادلة منذ أكثر من 30 عاما؟

ويستمع الرئيس إلى زوّاره. هو الذي يعرف أنّ الأرص خصبة أمام حراك سياسي جديد ينقل المسيحيين من “التبعية”، بين قوى 8 وقوى 14 آذار، إلى مكان “جبليّ”. فهم سكّان جبل لبنان الأصليين يستسيغون أكثر، في لحظة حرب المئة عام السنية – الشيعية، حيادا “وسطيا”، يشبه موقف النائب وليد جنبلاط. أي حيادا جبليا، درزيا – مسيحيا، يبعد المسيحيين عن الحرب المذهبية التي ينقسم بعضهم دعما لهذا الطرف أو ذاك.
حاول كثيرا، طوال 5 سنوات من ولايته، أن يتنازل، علّ “البلد يركب”. لكنّه اكتشف أنّ الذين استأسدوا عليه لا يريدون البلد ولا يريدون أن “يركب”. فهم لا يؤمنون بصيغة “العقد الاجتماعي” بين مكوّنات البلد، بل بالغلبة. ولذا قرّر ألا يسكت وهو يرى البلد يذهب إلى الشرذمة في وحول المنطقة. ويعطي مثالا على “الغلبة” قرار “منع” التعيينات، الذي فجأة تحوّل إلى قرار “تمشاية التعيينات”، بعد نحو سنتين من “الحبس”.
يقول إنّه سيكون، كما اعتاده الناس، على مسافة واحدة من الجميع. يعرف أنّ تأسيس حزب جديد أمر مكلف، لذا يفكّر في دخول “العمل السياسي اليومي” من البوّابة الوطنية، وليس من البوّابة الخدماتية.
يعرف الرئيس أنّ المال لا يصنع الزعامة. لكن ما لا يعرفه ربّما أنّ كثيرين، غير مرتبطين بدول أو أحزاب، من نخب مسيحية، مصرفية ومالية ورجال أعمال، يتعطّشون لوجد زعامة جديدة، ويتمنّون المساهمة في دعمها. هؤلاء الكثيرون، الذين يعبّرون عن نصف المسيحيين تقريبا في لبنان، ممن يبحثون عن قشّة خلاص من بحر الغرق العوني الجعجعي المديد الذي أغرق المسيحيين في السنوات الثلاثين الأخيرة.
ودليل الرئيس على أنّ الأفق المسيحي مسدود هو خروجهم من اللعبة في السنوات الأخيرة بسبب التبعية والانقسام. وبحسب زوّاره فإنّه لا بدّ من خطّ جديد خارج الاصطفافات المستفحلة. والدليل الأكبر العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية. فكيف وصل المسيحيون إلى أن يخرجوا من منصبهم الأوّل ويصير على طاولة مفاوضات أحزاب غير مسيحية؟
من يجالس الرئيس يعرف أنّه لم يقل ما في جعبته بعد، وأنّه يفكّر في المستقبل، وأنّ رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش ما كانتا إلا تدريبا على ما يحبّ أن يفعله: أن يكون منقذا بقدر إمكاناته، وليس رقما إضافيا على أيّ من ساحات المعارك في لبنان والمنطقة

السابق
مشعل يشترط وقف العدوان الإسرائيلي لتحقيق التهدئة
التالي
ايران مستعدة للتعاون مع واشنطن في الملف العراقي