حملة أمنية توقف المجاهرين بالإفطار في رمضان لأول مرة بمصر

في سابقة تعد هي الأولى من نوعها شنّت وزارة الداخلية المصرية حملة أمنية تستهدف توقيف المجاهرين بالافطار في نهار رمضان “محاكاة” لتجربة بعض دول الخليج العربي التي تعاقب المجاهر بالإفطار في رمضان بالسجن لمدة شهر أو غرامة تصل لنحو 350 دولاراً، وكذلك مقاطعة أتشي بإندونيسيا التي تعاقب المفطرين بالجلد، ويسري العقاب في هذه الدول على المسلمين وغير المسلمين إذا ما تم ضبطهم متلبسين بتناول الطعام أو الشراب أو التدخين في نهار رمضان.

وأثارت هذه الحملة غضب منظمات حقوق الانسان في مصر على اعتبار انه لا يوجد أي نص في قانون العقوبات المصري يعاقب على المجاهرة بالافطار في نهار رمضان، واعتبرت احدى المنظمات ان هذا الاتجاه يؤشر الى تحول مصر الى “طالبان” أخرى. ومن محافظة أسوان ألقت الشرطة المصرية القبض على 150 مصرياً وأودعتهم السجن وحررت لهم محاضر جنحة الجهر بالافطار في نهار رمضان.

وفي مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر ألقت الشرطة المصرية القبض على العديد من المصريين خلال إفطارهم في نهار رمضان، وكشفت المعلومات أن محافظ البحر الأحمر أصدر قراراً بإغلاق المقاهي والمطاعم في نهار رمضان علماً بأن هذه المحافظة من المحافظات السياحية. وألقت كذلك مباحث طلخا بمحافظة الدقهلية بدلتا مصر القبض على سبعة شباب يجاهرون بالافطار في نهار رمضان ويدخنون السجائر في الشارع العام، وحرّر لهم رئيس مباحث طلخا محضراً بالواقعة وتم عرضهم على النيابة التي أمرت بالافراج عنهم بكفالة 500 جنيه.

وتحت شعار “أنقذوا الوطن” أصدرت حركة “شركاء من أجل الوطن” بياناً الاثنين 7-9-2009 أدانت فيه هذه الحملة واعتبرتها غير دستورية وانتهاكاً للحريات العامة للمواطنيين. وقال صمويل العشاي المتحدث باسم الحركة: “لقد وجهنا اليوم بياناً الى وزير الداخلية نناشده فتح تحقيقات موسعة مع ضباط شرطة الغردقة والدقهلية وأسوان، وتحويلهم الى محاكمات عادلة يكون فيها الجزاء رادعاً لكل من سوّلت له نفسه السير خلف أفكار تهدد الوطن، حشية أن تتحول مصر الى طالبان أخرى”.

وانتقد جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، تلك الحملة مؤكداً أنها غير قانونية ووصف ما تفعله الداخلية بأنه “مزايدة من الحكومة على الدولة الدينية، كما اعتبره دليلاً على التشدد الديني الذي أصاب بعض رجال الشرطة”. وقال عيد لـ”العربية.نت” إن إجراءات القبض على المواطنين بتهمة “الإفطار” لا يوجد ما تستند إليه قانوناً”، وأضاف “يحق لأي مواطن أن يفطر أو يصوم رمضان، ولا يحق لأحد أن يفرض ذلك عليه”.

وقال عيد”إن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها وكانت هناك محاولات لتطبيقها منذ عامين بمحافظة القاهرة، لكن تم التراجع عنها، بعد إلقاء القبض على عدد من المواطنين، لأنها غير قانونية، معتبراً صمت قيادات وزارة الداخلية على ممارسات ضباطها بأسوان “تواطؤاً وموافقة ضمنية على ذلك التصرف غير القانوني”.

وقال ماجد حنا المحامي: لا أعرف أي عقوبة في القانون ولا أي تهمة من الاساس تسمى “الجهر بالافطار”، لا يوجد مثل هذه التهمة في القانون الا في القوانين السعودية والباكستانية الطالبانية”. وأكد حنا أن “مثل هذه الحملة تثير الفتنة في مصر، فقد توقف الشرطة مسيحياً في الطريق العام وهو يأكل أو يشرب، وقد تلقي القبض على مريض له رخصة الافطار، فهل يهان هذا المواطن ويسجن لحين إثبات براءته”.

وأوضح “نحن نخشى أن تقوم الشرطة المصرية بتوقيف من ترتدي البنطال الضيق أو من تضع مساحيق الزينة على وجهها”. وتساءل حنا “ما الذي يعنيه الجهر بالافطار، لقد وصل الامر الى اقتحام الشرطة المصرية للمقاهي والقبض على من بداخلها، علماً بأن من يجلس في مثل هذه المقاهي يجلس مختبئاً ولا يجاهر بالافطار، فالمعنى مطاطي وحسب أهواء الشرطة”.

من جانب آخر لقيت هذه الحملة ارتياحاً بين السلفيين في مصر، على اعتبار أنها خطوة جيدة لتطبيق الشريعة في مصر. وقال الداعية الاسلامي عادل السيد نائب رئيس جماعة أنصار السنة السلفية بمصر لـ”العربية.نت”: نعم الصوم هو عبادة بين العبد وربه، يجزى بالثواب إن صام وبالعقاب إن أفطر دون عذر، لكن هذا لا يمنع أن المجاهرة بالافطار لا تجوز شرعاً وما فعلته الشرطة المصرية شيء تحمد عليه، وهو من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

وأضاف الشيخ عادل السيد “إن الانسان لو شرب الخمر في بيته ولا يراه أحد لا أستطيع أن أعاقبه، أما إن جهر بها في الطريق العام فيحق لي أن أنفذ فيه العقوبة بواسطة ولي الامر، وهو هنا في مصر الشرطة، والتي نصّ عليها الشرع والقانون لانه أخلّ بالنظام العام وجاهر بالمعصية ولم يعتبر لحرمات الله، واستهان بالشرع الحنيف، وهذا ينطبق على المفطرين في نهار رمضان، وإن كان المفطر مريضاً أو مسافراً فلا يجوز له ان يجاهر بالافطار”. وأكد “أن ما فعلته الشرطة المصرية يطابق القانون المصري، فهناك نص يعاقب على ذلك في قانون العقوبات بالغرامة المالية تحت بند “مخالفة الأخلاق والآداب العامة، وهو ما يعاقب عليه القانون”.

السابق
150 مسلحاً فلسطينياً يبدأون اليوم تطبيق خطة أمنية في مخيم عين الحلوة
التالي
فلسطين إلى انتفاضة… وحرب ثالثة