داعش: صفة أم تنظيم؟

داعش
ماذا يمكن لنا أن نسمي من يقاتل شعبه بإصرار أو الذين يدعون أنهم الثورة ومجدهم كالفطر ينمو على حساب الأوطان؟ ماذا لنا أن نطلق على من اقتات من الدم ونسب زوراً الى نفسه الحق والورع؟

ماذا يمكن لنا أن نسمي من يقاتل شعبه بإصرار أو الذين يدعون أنهم الثورة ومجدهم كالفطر ينمو على حساب الأوطان؟ ماذا لنا أن نطلق على من اقتات من الدم ونسب زوراً الى نفسه الحق والورع؟

 

إذا ما اعتبرناه تنظيماً، فلنا أن نعرف من أين أتى ومتى كان وما الغرض من وجوده أو الغاية التي يمن النفس بها هذا القادم الجديد؟ فإذا ما ادركنا الكيفية الموجبة لوجوده والكم الضامن لهذا الوجود والما المطلوبة منه هانت علينا معرفة باعثه إلى الحياة وموعد الفناء؟

أما وأنه صفة، فيفترض بها أن تكون سمة موزعة وموجودة بحق في أي عقل وعند أي مذهب أو تجمع، عند أي جماعة أو تيار وفي أي بيئة لا فرق فيها بين عجمي، عربي، كردي أو حتى يهودي إلا بمقدار سطوع نجمه عند هذا او ذاك وبهمة الشاشات ومواقع التواصل وفي الصحف المقروءة والإذاعات. قد تكون صفة من صفات النظام أو خصلة من خصال المتبدلين، وقد تكون منطلقة من واجب مفروض أو اتكال محبوك يترجم على انه قدر محتوم. وإلا ماذا يمكن لنا أن نسمي من يقاتل شعبه بإصرار أو الذين يدعون أنهم الثورة ومجدهم كالفطر ينمو على حساب الأوطان؟ ماذا لنا نطلق على من اقتات من الدم ونسب زوراً الى نفسه الحق والورع؟

الكل داعش والماثل امامنا ليس إلا لتحقيق نبوءة، يتبارى بل ويتنافس القادمون الجدد على تحقيقها وفيها أن فئة من المسلمين المقاتليين المؤمنيين سيحشدون قواهم لملاقاة الروم القادميين من الغرب، المقدرين بالملايين، معهم اليهود، يغزون بلاد المسلمين، ويكون لهم بالمرصاد مقاتلون أشداء جلهم من بلاد فارس، من إيران والعراق وأفغانستان تلاقيهم كتائب تأتي من الجزيرة العربية يَعرفون بـ”حملة الرايات السود”، يقاتلون إلى جانبهم. وبين صفوفهم فئة من الروم الغربيين الذي دخلوا في دين محمد أفواجاً، قدوتهم قادة ابتغوا رفع اللواء يلتف جميعهم حول المهدي المنتظر في مسجد شرقي دمشق، يؤمّهم عند صلاة الفجر فيصلون وراءه ومعهم نبي الله عيسى، ويخرجون الى القتال، تفيض الأرض بالدماء، بعدها يكتب النصر للمسلمين ولفئة باقية على قيد الحياة منهم تلاحق الروم واليهود الى بيت المقدس ومنه الى عقر ديارهم.

القائم إذاً حاجة سيطرت على جغرافيا العقول والمؤمن بها يستعجل الحدوث استباقاً لليوم الموعود والمسلمون تسليماً بالنصر المكتوب. المنطق يحتم تهيئة الامور لحدوث المتخيل الموروث وهو ما يلزمه فعل إيمان موصوف يتحقق معه تصادم الأضداد ويتحقق معه الظهور، ومن ثم استعداد لقتال وخروج ونصر بالرصد.. حتمي الحدوث.

تقدم الغرب وتخلف العرب خطان يلتقيان، واحدهم يتقدم ببرجوازية باتجاه نهاية العالم والآخر صوب اليوم الموعود. الكل وإن إدعوا عكس ذلك هم في الفلك ذاته يسبحون. وليدة الوجد (أي فيض) الموروثي صلتها بالذوق أقوى من صلتها بالعقل، هي ليست سليلة الصحو بل وليدة السكر وانتشاء الروح. هي شطح والمصير المحتوم للكل هو الفناء.

السابق
السيد: موقوفو محاور طرابلس كشفوا المستور عن دور المستقبل
التالي
رعد: من أخرج داعش الى حيِّز الظهور يريد مساعدة إسرائيل