بال 1977 كان عمري 5 سنين …. لما صرت إسمع إنو في شي غريب عم بيصير بالمنطقة
ما كنت إفهم شو يعني : … وقـــّــــفوا سيارة عكوع
الكحالة .. وخطفوا كل الركــّــاب
هيك كان في خبريات بلبايا
……..
مرة .. عملوا دميتين على أساس إنهم بيار الجميل و كميل شمعون
و كانت الشبيبة عندها غضب ….. و حرقوهن حد المدرسة …
على وقع أغاني … طالعلك يا عدوي طالع من كـــــــــــــُل بيت و حارة و شارع …
و أغاني … سأغني سأغني سأغني للفرح .. .خلف أجفان
العيون الخائفة … منذ هبّت في بلادي العاصفة …
بعدين عرفت إنو الجميل و شمعون اللي عندهم إتصالات بالعدو
متفقين مع السوريين اللي متفقين بدورهم مع الأميركان
حتى يفوتو ع لبنان لضرب الحركة الوطنية و اليسار و الثورة الفلسطينية
و سموا كل هالخبوصة … المبادرة السورية
شي غريب ….. كيف عدو و أميركا و سوريا و الجميل و شمعون
… كلهون بنفس الخانة
؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!
المهم … كانوا الشباب محمّـــسين و فيه عندهم
روح تمرّدية و إعتراضية عالشي اللي عم بيصير
يوم من الإيــــام …. في هرج ومرج بلبايا
و شباب استنفرت …
و حكي السوريين صاروا بجب جنين
أنا ما كنت أعرف تفاصيل عن القومية و العروبة
و الحس الوطني و الأخوّة …. بس بعرف إنو سوريا دولة
عربية مجاورة للبنان … يعني إذا بتفشخ بعد جبل الشيخ بتــّـــطبّ بدمشق …
طيب ليش الفزع ؟؟؟!!!!!!!!
بعد مرور بعض الوقت شفت إخواتي
عم يلبسوا و معجوقين … إمي بتقللي
يالله يا احمد … لبوس عليك … بدنا نروح عالمغارة ..
!!!المغارة !!!
… يعني … الملجأ …
و أنا بصراحة بهاللحظة …. ما إجى ببالي إلا ردّية … :
ستــّي بالمغارة عم تــِــحلــُب حليب فارة
و بصراحة من زمان كنت ناطر هاللحظة …و عطول بفكر فيها
المهم …. رحنا عالمغارة فوق بيتنا بجنب بيت محمد مكي …
الله يرحموه ..
ما في خمس دقايق بين بيتنا و المغارة …
وصلنا … في شي 10 عيل …. كل جيراننا
ولاد … و صبايا … و نسوان … و شباب … و ختيارية
هلقـــّد مهمة إحتفالية
” ستي بالمغارة ” ….
دخلت المغارة .. في شبه غرف
محفورة بقلب هالصخرة … نواويس
و منظفينها للمغارة و في شمع و فوانيس
و لــِــحـِــف و مخدات و فــِرش … بدكن تقولوا ..
مهــجــّـــرين بس بالضيعة
نمت و بذينتي عم بسمع … ألله يحرس الشباب.. و يحميهون و ينجينا يا رب
بخوف … و فزع … و تَرَقــُّــــبْ … و شيء من
الرهبة و الإنتظار
الصبح … إمي بتفيقني .. : قوم يا أحمد …
قمت… قلتلي: يالله…. يالله ….. طلاع لــَـــبــَـــرّه …
… وقفت عباب المغارة …!!!!!
واحد …. جندي سوري حاطــّــــلــّـي كلاشينكوف براسي
.. و بيصرخ : يالله و لاك … رفاع العشرة …. و طلاع …!!!!
رَفـَـعت العشرة … و طلعت… كل الأهل و الجيران
برا واقفين بالصف .. رافعين العشرة
هني زاتون اللي كانوا معنا بالمغارة
ولاد … و صبايا … و نسوان … و شباب … و ختيارية
نــَـزَّلـــونا بالصف … لحد حيط المدرسة
الملالات السوريي بكل لبايا عم بيفتشوا
بغمار القمح … و أكوام التبن … عبيادر لبايا عن سلاح و شباب
و رأي آخر … و عن رفض .. و تصدي …
ومحاولات للدفاع عن قضية إسمها فلسطين ….
وأسئلة
وين راحوا الشباب ولاك ؟؟؟؟
من وين هربوا ؟؟؟
و ين في سلاح ؟؟؟
بدّنــا نعرف وين راحوا الشيوعيي و البعثيي … وين
اختفوا هالكلاب …. ؟؟؟
مين عم يشتغل مع فتح و الفلسطينيي ؟؟؟؟
و الله اليوم إذا ما بتسلمونا الشباب … رح نهبّط لبايا
عصحابها ؟؟؟
الضابط قاعد عصخرة حد المدرسة بيــــتـّطلع
فيي و بقللي : تعـــا … و بيومي … بإيدو
رحت أنا و بكل براءة … بيسألني : شو شعارك إنتا و لا –
بعتقد هون كانت تـــُطبّق عليي نظرية خدوا سرارهون من زغارهون – أنا وقفت
مشفــّـــتــِر- شفـّــتي التحتا بارزة أكثر من اللزوم و شفــّـتي الفوقا متقلصة و
مشدودة نحو الداخل … و عم تهز و ترجف …. و كلني قابل للإنفجار بالبكاء بأي
لحظة … و مستغرب … شو يعني شعاري ؟؟؟… و هل لي شِعار ؟؟
أريد شِعاراً … الآن … كي أتخلص من هذه الورطة …
… و هل أنا أملك شعار أصلا ً … وبعدني مش عارف ..؟؟؟؟
و ليش سألني إلي ؟؟؟؟ …
هلق كل هالعالم كبار و زغار … ما نقــّــاني إلا أنا !!! شو هالحظ !!! …
المهم ….عرفت بعدين إنو لازم كنت جاوبوا : أمة
عربية واحدة ذات رسالة خالدة … أو أي شعار يساري شيوعي أو تقدمي أو قومي ….. كي تلتصق بي التهمة … أو بمن أنتمي إليهم … بعثي … أو شيوعي …
و بعدين عرفت كمان … إنو أكتر من 200 شب ّ من لبايا شيوعيي و بعث – عراقي –
ويسار و مناصرين …. كانوا بالحمى – الحرش ناطرين دخول السوريين لحتى يتصدوا للمؤامرة
الأميركية السورية المشتركة بالتعاون مع اليمين الإنعزالي اللبناني و الضوء الأخضر
الإسرائيلي لضرب قوى الحركة الوطنية اللبنانية و اليسار الرافض و الداعم لحق
المقاومة لتحرير فلسطين .
… و بعدين عرفت إنو الشباب تركوا الحمى لتجنيب لبايا من
كارثة و مجزرة … و هربوا عبيروت و نصهون إعتقلوهن على الحواجز و صاروا خارج
الحدود و ضلوا فيها لبعد سنة 1990
بعد هالحادثة بست سنين .. و بعد 6 حزيران ..1982 ..مش ذاكر بالزّبط … بس بشهر آب 1982
كنا طالعين .. الساعة 4:30 الصبح بكير … من بيروت المدمّــرة و المحاصرة من قبل العدو الإسرائيلي … عظهر البيدر المليء بالعتاد و الدبابات المحترقة … المتجهة شمالا ً.. صوب الحدود …و الأرض مليانة رصاص ..
مغطاية بشكل كامل … و بعد مرورنا على حواجز متتالية … و فايته ببعضها..
القوات اللبنانية .. الجيش السوري .. قوات مشتركة … جيش إسرائيلي … بدكــّــن تقولوا خبوصة
و كلو أسئلة و تفتيش , و بطاقات .. و من وين … و لوين
… أخدنا نص النهار لوصلنا على كامد اللوز …..
” الحدود الجديدة ”
التي تفصل لبنان المحتل عن باقي الوطن
مررنا بسيارة جارنا يوسف حسن وهبي – الله يرحمو – على طريق ترابي و مراقب …. حتى و صلنا على الحاجز الإسرائيلي بيصرخ الجندي : إنزل من
السيارة … عم يحكي بصيغة الفرد للجماعة …كنا 7 أشخاص بالسيارة
أنا و إختي و إمي .. و إخواتي الشباب التلاتة
.. و الحاج يوسف حسن وهبي .. قائد المجموعة
بيفتح الباب … واحد …. جندي إسرائيلي حاططلي أم 16
براسي .. و بيصرخ : يالله و لاك … إرفع عشرة إنتا …. بيصف الحيط
… شو هالعلقة …
طلعت… كل الأهل ويوسف حسن وهبي … بـــــَــــــرّا
واقفين بالصف .. رافعين العشرة عكعب حيط مدرسة كامد اللوز
… و قفنا …. من الساعة 12 .. طقة الظهر … للساعة 5:30 … عفرد وقفة …
وجاهنا للحيط … رافعين العشرة … و ولا كلمة … ولا
واحد إجا سألنا .. أو قلــّــنا شو عم بيصير؟؟؟!!!!
بعد شوي … بيجي ضابط إسرائيلي .. بيقلنا : يالله ….
إنتي بيجي من عند” مـُــخرّب ” … إنتي بيطلع
بسيارة … بيرجع لعند
” مُخرّب ” …
حلوة كتير و الله …..
يعني رح نرجع عبيروت المحاصرة …
على نفس الطريق .. مع نفس المخاطرة …
أنا كان بجيبتي منشور رمته الطائرات الإسرائيلية فوق
بيروت ترشد النازحين عن بيروت و تــُشير إلى الطرق التي يجب سلوكها عبر الشمال من
المتحف و صوب البقاع من الفياضية .. و إلى الجنوب عبر مثلث خلدة …
قلتله لخيي .. فرجوه على المنشور …
بلكي …؟؟؟!!!
و زبطت معنا
إقتنعوا يتركونا نفوت عالبقاع الغربي و من ثــُــم …. علبايا …
وصلنا علبايا على وقع أغاني …. شالوم عيني شالوم … يتردد أصداءها بأحياء لبايا
و بالمنطقة الغربية … عملولـَك حربجية ….. – على وزن أغنية و لما صفينا النية … وحبينا هالصبية … نوينا عالجازة نوينا –
أنا بصراحة كنت بعدني أ ُعتبر زغير … بس ضبوا حواجبي
عبعضهم أوتوماتيكيا ً… وحسيت بغصّـــة … و سكـّرت تمــّي ..
و بالصدفة … بعد كم يوم … فقت الصبح بكير بتاريخ : 25 آب و مشيت صوب بيت حسين علي حسن عباس المشرف على وادي التيم حيث يكون في الصباح
الباكر كــُـتــل الغيم تتكدّس و تتراكم فوق بعضها البعض لتشكل سقف غيمي كثيف ….
رائع يحجب الرؤية عن الأرض التحتا و الذنيبة و الحوش و المطار الإسرائيلي
المُستحدَث هناك … و كأنك فوق سطح الغيم … تحُـــسُ بأنك سوف تقفز لتمشي فوق
الغيمة لتوصلك جنوبا ً نحو حاصبيا و فلسطين …أو تتجه شمالا ً نحو راشيا و البقاع
.. أو تؤدي بك الغيوم إلى سفوح حرمون العالية لتــُــطـِلَ على دمشق و قاسيون…
المهم … وصلت لعند بيت حسين عقيل الجبلي… و بيت زينب
حسين الحاج والدة الشهيدة نجاح المقتولة بواسطة قذيفة إسرائيلية – الله يرحمهما –
شاهدت شباب من لبايا.. بصراحة بعرفن و لكن ما بعرف أسماءهن .. مسلحين و عم بيلزّ
قـــوا صور لموسى الصدر بمناسبة ذكرى إختفاءه الرابعة … و صور لأكثر من قائد
مُــعمّـــم … و صادفت مرور دورية للإسرائيليين بجانبنا من دون أي فعل .. أو ردة فعل !!!!!!…….!!!!!؟؟؟؟؟؟
أنا بصراحة كنت بعدني أ ُعتبر زغير … بس ضبوا حواجبي
عبعضهم أوتوماتيكيا ً… وحسيت بغصّـــة … و سكـّرت تمــّي .. مرة تانية …
و بعدها بفترة كانت صار موجة من البحث و التفتيش عن
الشباب ” المتعامل” مع الفلسطينيين… و الشيوعيي و البعث العراقي و
اليسار و المناصرين وصار كذا محاصرة لشباب بقلب الضيعة و التحقيق معهم و عن
علاقتهم بالسلاح و بالفلسطينيي …
… المهم ….عرفت بعدين إنو أكتر من النص الباقي من
شباب لبايا … شيوعيي و بعث – عراقي – ويسار مناصرين …. هربانين و متخبيين
بيبروت … إنتظارا ً … لحتى يتصدوا للمؤامرة الأميركية الإسرائيلية المشتركة
بالتعاون مع اليمين الإنعزالي اللبناني و الضوء الأخضر السوري لضرب قوى الحركة
الوطنية اللبنانية و اليسار الرافض و الداعم لحق المقاومة لتحرير فلسطين
صُــدفتين … بلبايا صاروا معي …
لهلق بحس ّ بغرابتهون ..
أو أنا غلطان …؟؟!!؟ !!!!!
…. أتــــَـــمــَــــــنى …