لهذا عاد السعوديون إلى لبنان كإنتحاريين وليس كسوّاح؟

تفجير الروشة
تفاجأ اللبنانيون بما انتهى اليه الغرام السعودي اللبناني الاخوي والتاريخي، وهم يتابعون احد الشباب السعوديين يفجّر نفسه مفضّلا الموت على الوقوع اسيرا بأيدي رجال الامن اللبناني. فما هو السبب الذي حوّل لبنان من هدف سياحي الى «هدف جهادي» في نظر هذا الشاب وغيره من المجاهدين المنتحرين؟ هنا أربعة أسباب، أبرز نجومها "تيار المستقبل" و"حزب الله".

قبل يومين فجّر انتحاري نفسه في غرفته بأحد فنادق العاصمة اللبنانية بيروت عندما داهمت قوات الأمن الفندق لاعتقاله. ليتبين لاحقا أنّ لانتحاري الذي فجّر نفسه “سعودي الجنسية”.

وقد تركت هذه الحادثة، وما تبعها، صدمة وذهولا لدى اللبنانيين كافّة، وهم يشاهدون بعيونهم كيف تحوّل بعض الخليجيين العرب الذين تنتظرهم مرابع الوطن صيف كل عام من سائحين الى انتحاريين إرهابيين يفجرون أنفسهم بفنادق بيروت بعدما كانوا روّادها الأوفياء عاما بعد عام.
واذا كانت أسباب هذا التحوّل المأساوي غير مفهومة لدى كثير من مواطنينا الذين تفاجأوا بما انتهى اليه الغرام السعودي اللبناني الاخوي والتاريخي، فإنّ العالمين بما يجري في لبنان والمنطقة أدرجوا أسبابا توالت وأحداثا تداعت منذ عقود حوّلت لبنان من هدف سياحي الى «هدف جهادي» في نظر هؤلاء الشباب المنتحرين.

السبب الأول هو العقيدة السنيّة الوهابيّة التي يعتنقها هؤلاء الشباب وأهلهم في السعوديّة وقطر وغيرها من بلدان الخليج. فالمذهب الوهابي أكثر تطرّفا من باقي المذاهب السنيّة الأربعة كما هو معروف، وشيوخهم لا يعترفون بغير ما يعتقدون سبيلا لوصول المسلم الى الجنّة.

فمعتنقو المذاهب السنيّة الأربعة في نظرهم خطأة وضالّين. أما المسلمون الشيعة بحسب شريعتهم أيضا فهم “كفّار” لأنّهم “أصحاب بدع” يؤمنون بإمامة أهل البيت من جهة ويحجّون الى اضرحتم زائرين متبرّكين، وكذلك هم “روافض” أيضا لأنهم رفضوا الاعتراف بخلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان بعد وفاة الرسول، ولم يعترفوا الا بولاية الخليفة الرابع الامام علي بن ابي طالب ابن عم الرسول وصهره.

أما السبب الثاني لهذه الفورة السلفيّة المسلّحة في صفوف الشباب الخليجي، فهو دخول التيار الجهادي السلفي كتنظيم “القاعدة” و”داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها في مجابهة مع ايران وولاية الفقيه الشيعيّة وحلفائها في العراق وسوريا وحزب الله اللبناني.

ورغم اعلان تنظيم القاعدة منذ سنوات انّ لبنان ارض نصرة وليس ارض جهاد، بمعنى انّ وطننا لن يكون مسرحا للعمليات العسكرية والانتحاريّة التي يشنها هذا التنظيم على اعدائه كما يفعل في سوريا ضد نظام الاسد، وفي العراق ضد الحكم “الرافضي”، كما يقول مستهدفا الجنود العراقيين والتجمعات السكانية الشيعية بعملياته الارهابية على انواعها، من تفجيرات وخطف وقتل همجي على الهوية.

لكنّ دخول حزب الله على الخط بشكل مباشر على الساحة السورية واعلانه الدعم العسكري ومقاتلته الى جانب نظام الاسد قبل اكثر من عام، مترافقا ذلك مع عزل الاعتدال السني المتمثل بـ”تيار المستقبل”، وما صاحبه من شعور بالاحباط والاستضعاف من قبل عموم الطائفة الاسلامية السنية خصوصا بعد ضرب معسكر الشيخ السلفي احمد الاسير في منطقة عبرا شرق صيدا، وتصفية وجوده السياسي والعسكري من قبل الجيش اللبناني وحزب الله…

هذه العوامل مجتمعة أدّت الى اعلان تلك الحركات الجهادية، نيابة عن “اهل السنّة والجماعة”، التي تجمعها “عقيدة الأمّة”، انّ لبنان اصبح “أرض جهاد” وذلك بلسان كتائب عبدالله عزام كما صرحت العام الفائت وذلك “نصرة لاخواننا السنة المستضعفين من قبل حزب الله وايران” على حد قول احد بياناتهم. لتدخل بعدها التنظيمات السورية “القاعدية” من “داعش “و”نصرة” على الخطّ وتنفّذ عملياتها الارهابية الانتحارية مستهدفة التجمعات الشيعية المدنية في الضاحية الجنوبية لبيروت وبئر حسن ومنطقة البقاع وغيرها.

وفي العودة الى العملية الانتحارية الاخيرة التي افشلها الامن العام اللبناني وذهب ضحيتها انتحاري وعدد من الجرحى في منطقة الروشة، وبالعودة الى السؤال نفسه: لماذا فجّر هذا السعودي نفسه في وطننا بدل ان يستجم ويلهو في مرابعنا وملاهينا كما اعتاد اترابه واسلافه؟

إنّ الجواب المباشر هو أن هذا السعودي فجّر نفسه لأنه لبّى نداء “استضعاف اهل السنة والجماعة” من قبل ايران وحلفائها شيعة لبنان “الروافض”، وهو نداء “الأمّة” الذي اطلقه الشيخ السلفي الفار احمد الاسير واصحابه، وأذكاه تشتت تيار المستقبل المعتدل لصالح بعض محاور هذا التيار. فالزعيم سعد الحريري، الفارّ ايضا كي لا يُقتل أو يتعرّض لمحاولة اغتيال، كأبيه، لا يملك اسباب القوّة ليحمي طائفته كما يحميها حزب الله الذي يقود “محور الممانعه” في بلاد الشام بالمدافع والصواريخ الايرانيّة.

السابق
السيستاني يدعو لتسمية رئيس وزراء قبل جلسة البرلمان
التالي
حزب الله وأمل: لا إفطارات جماعية لأسباب أمنية