السكر بريء من السكري؟!

لو قدِّر للسكر أن يمتلك لساناً وشفتين لصرخ بملء فمه: أنا بريء من السكري براءة الذئب من دم يوسف! ولئن كانت الأبحاث الطبية مصدقة له في ذلك، فإن يده ملطخة بدماء وذنوب أخرى. ولكن هذا يجب أن لا يجعلنا ننكر حقه، فالمتهم – حتى لو كان السكر الذي يشمل سكر المائدة والسكر البني وغيره من السكريات- بريء حتى تثبت إدانته.
ما هو السكر؟
السكر اسم يطلق على العديد من المواد التي تنتمي إلى عائلة الكربوهيدرات التي يجمعها طعمها الحلو. ويمكن تقسيم السكريات من حيث تركيبها الكيميائي إلى مجموعتين أساسيتين:
السكريات الأحادية، وتشمل:
– الغلوكوز، وهو السكر الذي يوجد في مجرى الدم وتأخذه الخلايا للقيام بوظائفها ومهامها، وعند ارتفاعه عن الحدود الطبيعية في الجسم يتم تشخيص صاحبه بأنه مصاب بداء السكري.
– الفركتوز، أو ما يعرف بسكر الفاكهة، ويوجد في الفواكه والعسل.
– الغالاكتوز، ويوجد في منتجات الألبان.
السكريات الثنائية، وتتكون من جزيئين من السكريات الاحادية وتشمل:
– السكروز، أو ما يعرف بسكر المائدة أو السكر الأبيض، وهو مكون من جزيء غلوكوز وجزيء فركتوز.
– المالتوز، ويعرف أيضا باسم سكر الشعير، ويتكون من جزيئين من الغلوكوز.
– اللاكتوز أو سكر الحليب، ويتكون من جزيء غلوكوز وجزيء غالاكتوز.
– السكر البني هو سكر مائدة “سكروز” ولكن أضيف إليه دبس السكر فأصبح بني اللون وذا قوام أكثر رطوبة، وهو ليس سكر حمية (دايت)  وليس مناسبا لمرضى السكري، ولا يحتوي على الألياف الغذائية، وأضراره مماثلة لأضرار السكر الأبيض وباقي أنواع السكريات.
جريمتان مثبتتان فقط
هناك ذنبان للسكر أثبتتهما الدراسات الطبية، وما تبقى من اتهامات فلا أدلة كافية عليها. وهي:
– تسوس الأسنان، إذ تقوم البكتيريا في الفم بتحليل وهضم السكر في الغذاء منتجة أحماضاً تهاجم سطح السن، مما يؤدي إلى فقدانه للمعادن وحدوث تسوس فيه. والعلاقة بين تسوس الأسنان والسكر مثبتة، وهذا يشمل العصائر والعسل والدبس والحلويات، فجميعها تسبب التسوس.
كما ترتبط درجة الأذى الذي يلحقه السكر بالسن بعوامل أخرى، مثل فترة بقاء السكر في الفم، فالسكر في العصير مثلا أقل ضرراً من السكر في الكعك لأنه يتم ابتلاعه بشكل أسرع. وعامل آخر هو درجة “لزوجة” الطعام السكري، فمثلا “غزل البنات” والزبيب شديدة الضرر بالأسنان لأنها تلتصق به وبالتالي تمكث أكثر في الفم وتوفر غذاء للبكتيريا التي تنتج الأحماض.
– سوء التغذية، وهو الجرم الثاني الذي تم إثباته على السكر ويرتبط بعدم حصول الشخص على المغذيات اللازمة مثل الفيتامينات، والمعادن كالكالسيوم، والألياف الغذائية.
والمقصود بسوء التغذية أن الشخص يتناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية لكن دون محتوى غذائي مفيد. فالأغذية السكرية كالشوكولا والبوظة عادة تحتوي على سعرات حرارية فارغة، أي مقدارا من الطاقة ولكن دون مواد غذائية مفيدة، مما يجعلها ضمن ما يسمى بالمصطلح العامي “الأغذية الفارغة”.
تهم باطلة
أما الأمراض التي السكر منها براء، فتشمل:
– السكري، إذ إن هذا الداء مرتبط بالوراثة وقلة النشاط البدني والبدانة، ولا توجد علاقة مثبتة بين الإسراف في تناول السكر والإصابة.
– فرط النشاط لدى الأطفال، فلا توجد علاقة بين تناول الطفل للسكر وفرط النشاط.
– السلوك الإجرامي لدى البالغين.
– الإدمان على السكر، فلا شيء اسمه إدمان السكر، فالسكر ليس خمرا أو مخدرات أو كافيين أو نيكوتين حتى يدمنه الجسم ويتعود عليه من الناحية الفسيولوجية.
– البدانة، زيادة الوزن ناجمة عن تناول كمية من السعرات الحرارية أكبر مما يحرقه الشخص، سواء كان هذا الفائض من السكر أو الدهون أو البروتينات.
– أمراض القلب، إذ قد يؤدي الغذاء المحتوي على كمية كبيرة من السكر المضاف كالسكروز والسكر البني إلى رفع مستوى الدهون في الدم مما يزيد مخاطر أمراض القلب، ولكن هذا لا ينطبق إذا كان مأخوذ الشخص من السكر معتدلا وبدون إفراط.
ومع ذلك فإن هناك عوامل أخرى أهم بكثير تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب، مثل التدخين وتناول الأغذية التي تحتوي على الدهون المشبعة كاللحوم الحمراء والزبدة والحلويات.
ولذلك فإن الطريقة المثلى للتعامل مع السكر، هي محاولة تقليله في الغذاء إلى الحد الأدنى، وخاصة السكر المضاف مثل السكر الأبيض والسكر البني والمشروبات الغازية والعصائر، والتركيز على الخضار والفواكه والحبوب الكاملة.

السابق
سيبانة رمضان
التالي
مساهمة ’حزب الله’