الأمن الاستباقي: خلية القلمون تسقط..

جولة أخرى ربحها الأمن اللبناني في مواجهة الإرهاب. ضربتان استباقيتان في يوم واحد، منعتا وقوع الأسوأ وحقنتا الكثير من الدماء التي كان يمكن أن تسيل في أكثر من مكان، وخصوصاً في أحد أكبر مطاعم وفنادق العاصمة اللبنانية. 

بعد ملاحقة قوى الامن الانتحاري في صوفر وإجباره على تفجير نفسه في ضهر البيدر، وبعد اشتباه عنصري “الأمن العام” بسيارة الطيونة ما دفع سائقها الى تفجير نفسه… ها هو “الأمن العام” أيضا يوجّه ضربة وقائية إلى خليّة إرهابية “داعشية”، تضم سعوديين وشخصاً ثالثاً مجهول الهوية، كانت تتخذ من فندق “دو روي” مقراً لها، فيما كانت مخابرات الجيش تعتقل، قبيل ساعات، خلية أخرى في بلدة القلمون الشمالية مكونة من خمسة أشخاص، كانت تستعد لاغتيال أحد ضباط “الأمن العام”. 

وإذا كان تدفق الانتحاريين خلال الأيام الماضية، يؤشّر الى قرار بتصعيد العمليات الإرهابية، فإن الأمن السياسي الذي تجسّده الحكومة الحالية ونجاح الأجهزة العسكرية والأمنية في عرقلة سير الانتحاريين وإجبارهم على تحوير وجهتهم كما حصل في ضهر البيدر والطيونة، أو ضبطهم بالجرم المشهود كما جرى في الروشة، إنما يؤشر بدوره الى حصانة سياسية وجهوزية أمنية عالية خصوصاً على صعيد جمع المعلومات والتحرك الميداني، بحيث يمكن القول إن المبادرة على الأرض لا تزال في أيدي الأمن اللبناني، والشبكات الإرهابية تتهاوى كأحجار “الدومينو”. 

رصد الخلية لأسبوع كامل 
في التفاصيل، أن الأمن العام بدأ برصد خلية “دو روي” ـ الروشة الإرهابية المؤلفة من 3 عناصر(سعوديان في العقد الثاني من العمر هما علي بن ابراهيم بن علي السويني وعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الرحمن الشقيفي وشخص ثالث) على مدى أسبوع كامل وتمكن من جمع ملف أمني كامل يؤكّد علاقتهم بتنظيم “داعش”. 

تلقت الخليّة، أمس، أمراً بتنفيذ هجوم انتحاري مزدوج عبر تفجير انتحاريين مجهّزين بأحزمة ناسفة نفسيهما داخل أحد أكبر المطاعم في بيروت(ومن ضمنه فندق كبير) خلال وقت الذروة ووجود أكبر عدد من مرتادي المطعم، أي خلال متابعة مشاهدة إحدى مباريات “المونديال”. 

وبعد عمليّة الرصد، جهّزت “قوات النخبة” في الأمن العام نفسها لدهم الفندق في الروشة بثيابٍ مدنيّة، بإشراف مباشر من اللواء عباس ابراهيم. تولّت مجموعات عدة المهام، من رصد الفندق من بعيد، الى التحكم ببعض الطرق المؤدية إليه، وصولاً الى قيام مجموعة باحكام الطوق على مداخل الفندق البيروتي الواقع قبالة السفارة السعودية ومقر تلفزيون “المستقبل” سابقاً في الروشة. 

وفي الوقت نفسه، توجهت مجموعة من “النخبة” إلى الطبقة الرابعة، وكانت قد تبلغت أن هناك أكثر من انتحاري في الغرفة نفسها… والمطلوب اقتحام المكان حتى يحول عنصر المباغتة دون جعلهما يستخدمان الأحزمة التي بحوزتهما. وفي الساعة الصفر، اقتحمت المجموعة الغرفة، فسارع الإرهابي السعودي الشقيفي إلى رمي حزامه الناسف في وجههم، ليسقط هو قتيلا قبل أن تحترق جثته بالكامل لاحقاً، كما سقط ثلاثة جرحى من عناصر الأمن العام فوراً وهم هيثم وهبي وطارق الضيقة وأسامة حجازي، فيما تولت مجموعة أخرى اقتحام الغرفة، ولاحظت أن شخصاً اندفع فوراً نحو شرفة الغرفة لرمي نفسه من الشرفة، وآثار الحريق وبعض الجروح جليّة على جسمه، غير أن سرعة المجموعة وإرباك الإرهابي (السويني) حالا دون فراره. 

في المحصلة، قتل انتحاري نتيجة الانفجار والحريق الذي اندلع داخل الغرفة، وألقي القبض على الإرهابي الآخر الذي نقل إلى سجن الأمن العام في محلة المتحف، حيث أخضع للعلاج، وتبين أن حروقه غير خطيرة، وبدأت التحقيقات ليلا معه، وأكد خلالها وجود شخص ثالث ينتمي الى المجموعة نفسها استطاع الهروب، لكن لم يعرف ما اذا كان ذلك قد حصل بالصدفة أو بالتزامن مع عمليّة الدهم. 


وجرت عملية مداهمة لعدد من الغرف، فضلاً عن تفتيش غرفة “الداعشيين” السعوديين، وعثر فيها على حقيبة من المتفجّرات التي صادرها الأمن العام.
وفيما كان اللواء ابراهيم يتفقد جرحى الأمن العام في مستشفى الجامعة الأميركية، ووزير الداخلية نهاد المشنوق يزور مسرح العملية الأمنية الاستباقية في الروشة، اتصل رئيس الحكومة تمام سلام باللواء ابراهيم منوّهاً بإنجاز الأمن العام، ومتمنياً الشفاء العاجل للجرحى. 


فرض التأشيرة على الخليجيين
وعلمت “السفير” أن مجلس الوزراء سيقرّ، اليوم، سلسلة إجراءات عند الحدود البرية والبحرية وكذلك في مطار بيروت، وخصوصاً لجهة إلزام الخليجيين بالحصول على التأشيرة اللبنانية مسبقاً، وليس مباشرة من مطار بيروت، وذلك على قاعدة “المعاملة بالمثل”، وذلك بما يقطع الطريق على أية تسهيلات محتملة لدخول إرهابيين الى بيروت من جهة، وبما يشكل ضمانة أمنية للبنانيين وضيوفهم الراغبين بزيارة لبنان من جهة ثانية.
يذكر أن فرق الدفاع المدني وفوج الإطفاء عملت لأكثر من ساعتين على إخماد الحريق الذي اندلع وتمدّد داخل الطبقة الرابعة من فندق “دو روي”، فيما تجمهر عشرات الإعلاميين والصحافيين والمصورين وسيارات النقل المباشر على بعد أمتار من الفندق، محاولين التقاط المعلومات القليلة التي يخرج بها ضباط من القوى الأمنيّة الذين منعوا المدنيين من الاقتراب من المكان. 


وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كانت مجموعات من “النخبة” في الأمن العام والجيش و”المعلومات” تنفّذ سلسلة من المداهمات في عدد من فنادق العاصمة والضواحي الجنوبية (مثل “ماريوت” سابقا و”الساحة” وغيرهما)، في ظل معلومات عن احتمال وجود الانتحاري الثالث الذي تمكن من الفرار في أحد هذه الأماكن. 


وقال مصدر أمني لـ”السفير” إنه حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، تم القبض على مجموعة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة بينها سعودي وسوريان من المشتبه بهم. 


خليّة القلمون
في سياق أمني متصل، تمكنت مخابرات الجيش من توقيف خليّة إرهابية في بلدة القلمون، مؤلفة من خمسة أشخاص، كانت تخطط لاغتيال رئيس شعبة المعلومات في الأمن العام في الشمال المقدم خطار ناصر الدين الذي كان موضع رصد من قبل مجموعات إرهابية منذ أربعة أشهر، ما اقتضى اتخاذ تدابير وقائية، بينها تزويده بسيارة مصفّحة وتعديل خطة تنقّله بشكل دوري. 


ووفق المعلومات، يُشتبه بأن يكون الموقوفون على علاقة بـ”كتائب عبد الله عزام”، وبأن تكون هناك رابطة نسب لأحدهم مع أبو سليمان المهاجر الذي كان قائداً لموقع قلعة الحصن في حمص قبل أن يسقط في يد الجيش السوري، ولا يزال مصيره مجهولاً منذ ذلك الحين. 


وأشارت المعلومات الى أن الموقوفين كانوا قد قطعوا شوطاً كبيراً في التحضير لعملية الاغتيال، وأنهم كانوا ينتظرون تحديد الساعة صفر لتنفيذها، في أحد أزقّة بلدة القلمون الضيّقة 

السابق
بيان الأمانة العامة قوى الرابع عشر من آذار
التالي
نجوى كرم مع العنف اﻷسري.. وتثير خيبة جمعيات نسائية