وجه الانتحاري يظهر في كاميرات المراقبة

الحقيقة المرة التي كان اللبنانيون يخشون تصديقها منذ انفجار ضهر البيدر، فرضت نفسها بقوة عليهم منتصف ليل أمس: التفجيرات الانتحارية عادت الى المشهد الداخلي بعد ان اختفت لأشهر ابان تأليف حكومة الرئيس تمام سلام ونجاح الخطة الامنية. وفيما كانوا يتمنون ان تكون حوادث يوم الجمعة الماضي عابرة، واستثناء لا قاعدة كما طمأنهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، أتى الانفجار الانتحاري الذي هز منطقة الطيونة قرب حاجز للجيش اللبناني وأسفر عن استشهاد المفتش الثاني في الامن العام عبد الكريم حدرج، واصابة  20 مواطنا بجروح، ليضرب آمالهم ويجبرهم على تجرّع الكأس المرة…

تستمر التحقيقات الاولية التي تجريها مديرية المخابرات والشرطة العسكرية باشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر في حادث السيارة التي انفجرت الليلة الماضية في الطيونة، عند مدخل اوتوستراد الشهيد هادي نصرالله. وتتركز على معرفة ما اذا كانت هناك عوامل مشتركة او متشابهة بين انفجار الطيونة وانفجار ضهر البيدر، تمهيدا لكشف الملابسات والجهة والاشخاص الضالعين في مثل هذه العمليات الارهابية.

وظهر امس، وبعد ان كان موقع التفجير مقفلا ومحاطا بتدابير أمنية مشددة منعت أي شخص من الاقتراب، واثر انتهاء الأدلة الجنائية من مسح موقع الجريمة ورفع الادلة والبصمات وأخذ العينات، عملت بلدية الغبيري على رفع السيارات المتضررة من المكان وباشرت أعمال التنظيفات، وأعادت فتح الطريق.
خير وصقر
في غضون ذلك، قام سكان المباني وأصحاب المحال التجارية المجاورة والتي تضررت واجهاتها بفعل عصف التفجير وتحطم زجاجها، بتفقد الاضرار التي أصابت منازلهم، كما سجلت الهيئة العليا للاغاثة بشخص اللواء محمد خير، أسماء المتضررين تمهيدا للتعويض عليهم، وقال خير « نحن جاهزون للإغاثة وكل القوات المسلحة جاهزة لمساعدة أي مواطن لبناني وفي أي مكان كان، علينا أن نكون حذرين في عملنا وعلى المواطنين أن يتواصلوا مع القوى الأمنية في أي شيء مشبوه».

وخلال معاينته موقع الانفجار، اعلن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، ان زنة العبوة كما أفادته العناصر الامنية، تتراوح ما بين 35 و40 كيلوغراماً.
وقال «ما زلنا في المرحلة الاولى من التحقيق، ونقوم بتجميع المعلومات والادلة والجميع يعمل على الارض ونحن نتابع التحقيقات والاجراءات، وعندما نتوصل الى نتائج نعلن عنها».

وردا على سؤال عما اذا كانت السيارة المرسيدس البيضاء المفخخة قد بيعت من سوري بعدما بيعت لشخص اخر، اجاب «هذا الموضوع قيد التحقيق وما زلنا نعمل لمعرفة الحقيقة». وعن وجود اي معلومات اولية عن هوية الانتحاري، قال «ما زلنا نقوم بالتحقيقات ولا يمكن ان نعطي كلاما نهائيا حتى تصدر النتائج».
وترحم صقر على شهيد الامن العام عبد الكريم حدرج، وتمنى الشفاء للجرحى، وقال «نتحفظ عن اعطاء عدد الجرحى او القتلى قبل ان نأخذ نتيجة طبية مساء اليوم».
عكس السير

الى ذلك، أفادت المعلومات ان الاجهزة الامنية وجدت خيوطا مهمة تدل الى هوية الانتحاري، الذي كان آتيا من طريق المطار وبعكس السير لتفادي حاجز الجيش، وظهر وجهه عبر كاميرات المراقبة وتحديدا على مدخل منطقة الشياح وهذه الصور باتت في عهدة استخبارات الجيش، كما أفيد ان تم العثور على هوية مزورة في مسرح الجريمة.
وأشار مصدر عسكري الى أن فتيلا من المتفجرات لم ينفجر وكان يمكن للانفجار أن يكون أقوى ويتسبب بأضرار أكبر. كما علم ان سيارة المرسيدس المستخدمة في التفجير بيعت من قبل نمر شمعون الى شخص يدعى زهير عبد الله صليبي في 9 أيار 2014، الذي باعها الى تاجر السيارات زهير عبد الله سويد والذي باعها الى السوري علي حسن ديراني بموجب وكالة بيع من نمر شمعون. وأشار شهود عيان الى ان الانتحاري ركن سيارته وسط الطريق، وقال لمن سألوه عن السبب ان مفتاحه انكسر، مؤكدين ان لهجته سورية.
حدرج افتدى الابرياء

في غضون ذلك، انضم المفتش الثاني في «الامن العام» عبد الكريم حدرج الى قافلة شهداء التفجيرات الارهابية، حيث اثبتت فحوص الحمض النووي ان حدرج هو الشهيد الذي قضى في تفجير الطيونة، وتبلغت عائلته باستشهاده.

وأفيد ان حدرج كان يحاول توقيف الانتحاري بعد ان شك بأمره مع زميل له يدعى علي جابر الذي توجه نحو حاجز الجيش لابلاغ العناصر بالامر، وعندما حاول حدرج تقييده في انتظار وصول قوة من العسكريين عند الحاجز لتوقيفه، فجر الانتحاري نفسه بحدرج الذي افتدى بروحه ارواح ابرياء، اذ منع الانتحاري من اكمال طريقه الى مقهى أبو عساف حيث كان العشرات يشاهدون مباريات المونديال.

والجدير بالذكر ايضا ان السيارة التي تطايرت اجزاء متناثرة جراء الانفجار وهي من نوع مرسيدس قديمة عائدة لحسين حيدر، ليست هي السيارة المفخخة كما بينت التحقيقات الاولية التي أكدت انفجار سيارة اخرى كانت بقربها لم تحدد كامل مواصفاتها بعد. كما أسفر الانفجار عن سقوط 20 جريحا معظمهم اصاباتهم طفيفة، نقلوا الى مستشفيات الساحل والزهراء والرسول الاعظم.
قيادة الجيش

وكانت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أعلنت ان «عند الساعة 23,40 من ليل امس الاول اقدم احد الانتحاريين وهو يقود سيارة « نوع مرسيدس 300 لون ابيض تحمل الرقم 324784/ج» على تفجير نفسه بالقرب من حاجز تابع للجيش في مستديرة الطيونة، ما اسفر عن اصابة عدد من المواطنين بجروح مختلفة، وفقدان مفتش من المديرية العامة للامن العام، بالاضافة الى حصول اضرار مادية جسيمة في الممتلكات.
وفرضت وحدات من الجيش طوقا امنيا حول المكان المستهدف. كما حضرت وحدة من الشرطة العسكرية، وعدد من الخبراء المختصين الذين قاموا بالكشف على موقع الانفجار، حيث تبين ان السيارة كانت مفخخة بنحو 25 كلغ من المواد المتفجرة وتستمر التحقيقات باشراف القضاء المختص».

ومنع الصحافيون من دخول غرفة أحد شهود انفجار الطيونة المفتش الثاني في قوى الأمن العام علي جابر، الذي خضع لعملية جراحية أمس الاول في رجله اليسرى في مستشفى الساحل، وتنتظر النيابة العامة الاستماع الى افادته.

وأكّدت مديرة الطوارئ في مستشفى الساحل الدكتورة مريم الحسن أنّ اصابة جابر متوسطة ووضعه الصحي جيد، وحددت أنّ اصابته في رجله اليسرى. وكشفت أن جابر لم يكن يعلم باستشهاد زميله الى امس وبالصدفة وهذا الأمر أثر على حالته الصحية والنفسية.
وأوضحت الحسن أن 14 جريحاً وصلوا الى المستشفى أمس (الاول) وخرج منهم 13 بعد أن تمت السيطرة على حالاتهم، وبقي المفتش جابر في المستشفى.

 

السابق
امرأة للمرة الأولى مديرة للأخبار فيAFP
التالي
’خلطات شرعية’ للطلاب خلال الامتحانات