عبد الكريم حدرج كم افتدى من أرواح

حتى الساعة، ما يزال مصير المفتش الثاني في جهاز الامن العام اللبناني عبد الكريم حدرج مجهولاً رسمياً، ومعلوماً واقعياً، حيث استشهد الرجل الذي افتدى بروحه العشرات من الارواح والمئات ربما، وضحى بنفسه لينجو آخرون من كارثة كانت محققة لو قيّد لانتحاري الطيونة ان يصل الى هدفه المرسوم، والذي بلا شك كان ليكون مكلفاً على مستوى الارواح البشرية ولا سيما اذا كان الهدف مقهى من المقاهي التي يتجمع فيها مشجعي كرة القدم، ذلك ان تحرك السيارة وانفجارها كان في ساعة الذروة التي عادة ما تشهد تجمع أكبر عدد من المشجعين في مباراة “المونديال” وسيّما ان الوقت كان وقت مباراة البرازيل – الكاميرون، وبالتالي فان للبرازيل أغلبية ساحقة من المشجعين في لبنان، ما يعني ان “التجمعات التشجيعية” كانت في ذروتها على مستوى الحشود.

 

 

في المقابل، فإن المديرية العامة للأمن العام كجهاز رسمي ليس بإمكانها ان تنعي الشهيد ما لم تظهر نتائج فحوص الحمض النووي الريبي الـ “دي. أن. أي.”. وهو أمر غير متيسر قبل ساعات المساء بأسرع تقدير، حتى وإن كانت كل الدلائل تشير الى انه بات في عداد الشهداء، وتم وضع عائلته بهذه الاجواء.
وبالعودة لما حصل ليل الاثنين – الثلاثاء، عند معبر الطيونة الى الضاحية الجنوبية، من جهة اول جادة هادي نصرالله، حيث كان يوجد عنصرا الامن العام الشهيد حدرج ومعه علي جابر اللذان ارتابا بأمر سيارة مرسيدس من طراز 300 بيضاء تحمل الرقم 324784/ج، يقودها شخص سوري بارتباك واضح، ويحاول عبور الجادة من الجهة المعاكسة بطريقة مخالفة للسير للتهرب من المرور على حاجز للجيش في المنطقة لكنه يحاول التقدم ببطء، ثم ما لبث ان يركن السيارة الى اليمين ولدى مشاهدتهما الانتحاري وارتيابهما بأمره تقدما منه وسألاه عن سر وقوفه في المحلة ووضع سيارته بشكل مخالف لوجهة السير فأجابهما بلهجته السورية، ان مفتاح السيارة مكسور، وتبينا على وجهه الارتباك والقلق أكثر فأكثر، وشكا بأمره فطلبا منه التقدم معهما نحو حاجز الجيش وعندما رفض قرر الشهيد حدرج ان يثبته بيديه ليمنعه من الهرب بالسيارة والبقاء معه وطلب من زميله جابر ان يتوجه ويحضر قوة من الجيش من على الحاجز لتتمكن من توقيفه والتحقيق معه، وما ان توجه جابر نحو الحاجز وقبيل وصوله، وعندما تيّقن الانتحاري ان فرص الهروب من العسكريين باتت معدومة في ظل تثبيت الشهيد حدرج له وتكبيله قام بتفجير السيارة موديا بحياته وحياة الشهيد وموقعا نحو 20 جريحا ممن كانوا في مقهى ابو عساف القريب والذي كان مكتظا بالرواد من متابعي المونديال، ولكن جميع الاصابات جاءت طفيفة وسرعان ما تم تضميدها في المستشفيات وخرج الجرحى في الليلة نفسها.

 
وبيّنت التحقيقات الاولية ان السيارة كانت محشوة بعبوة قدر وزنها من 30 الى 40 كيلوغرام، وان قوة عصف الانفجار ادى الى قذف بقايا جثة الانتحاري التي تطايرت أشلاء الى أحد جدران الطبقة الرابعة من مبنى مجاور لمكان الانفجار والذي تلطخ ببقع من الدماء ، فيما تناثرت أشلاؤه البشرية الاخرى الى كتل صغير وزعت في المكان.
كما علم من التحقيقات الاولية ان سيارة المرسيدس المفخخة التي تم تفجيرها باعها شخص إسمه نمر شمعون في 9 أيار الماضي الى شخص يدعى زهير عبدالله سويد وسوري يدعي علي حسن ديراني بموجب وكالة بيع منظمة لدى كاتب بالعدل في منطقة الشياح في حينه واللذين تم استدعاؤهما الى التحقيق ولم يتبين حتى الساعة بعد ما اذا كانا حضرا او لم يحضرا نظرا للشح في التسريبات من داخل التحقيقات.

السابق
البارزاني: حان الوقت لتقرير المصير
التالي
أي ترابط بين المرسيدس والمورانو؟