تفجير إنتحاري جديد في الضاحية يستعجل التفعيل الحكومي

بعد ثلاثة أيام على انفجار ضهر البيدر، ضرب الإرهاب الضاحية الجنوبية مجدداً، الأمر الذي يؤشر إلى أنّ انفجار الجمعة الفائت لم يكن معزولاً في الزمان والمكان، وأنّ محاولات ربط لبنان بالساحتين العراقية والسورية ما زالت مستمرة، وأنّ البلاد قد تكون دخلت في مرحلة أمنية جديدة على رغم أن ظروف المرحلة السابقة تختلف عن الحالية لجهة تقاطع الخارج والداخل على تحييد لبنان، وفي ظل وجود حكومة تجمع فريقي النزاع. ولكنّ الجديد في التفجير الإرهابي كان وقوعه منتصف الليل خلافاً للتفجيرات السابقة التي كانت تقع في وضح النهار، الأمر الذي يؤشر إلى احتمالين، إما أن الإرهابيّين اعتمدوا تكتيكاً جديداً معوّلين على الاسترخاء الأمني ليلاً لاعتبار أنّ التفجيرات تقع نهاراً، أو أنّ هذه الجماعات تعمَّدت التفجير في هذا التوقيت الذي تحتشد فيه الجموع لمتابعة مباريات المونديال بغية إلحاق أكبر خسائر بشرية ممكنة.

انفجرت سيارة مفخّخة على مستديرة شاتيلا على المفرق المؤدّي إلى أوتوستراد هادي نصرالله، وذلك قرب مقهى “أبو عساف” الذي كان يعجّ بشبّان يتابعون مباراة المونديال بين البرازيل وكاميرون. 

وفيما ارتفعت سُحب الدخان الكثيف في بيروت، هرعت سيارات الإسعاف الى المكان، وساد الهلع بعدما سمع سكّان العاصمة صوت تفجير مزدوج، لكنّ مصادر أمنية نفَت حصول انفجارين، موضحةً أنّ الجيش أطلق النار في الهواء لإبعاد المواطنين. 

وقد أغلق الجيش كلّ الطرق المؤدية الى الضاحية وأقام حواجز تفتيش عند مداخلها، ونفّذ انتشاراً واسعاً، وأوقف أحد المواطنين في مكان الإنفجار.
وفي وقت تضاربَت المعلومات حول هوية الانتحاري، أفادت معلومات أوّلية أنّ انتحارية كانت تستقلّ “مرسيدس – 180” قديمة العهد تحمل الرقم 144631/ و، سلكت الطريق عكس السير، فاشتبه بها عناصر الأمن العام وأطلقوا عليها النار، ما دفعها إلى تفجير نفسها، لتعود المعلومات وتؤكّد أنّ الانتحاريّ رجلٌ، وأنّ قوّة الانفجار قذفت جثته إلى الطابق الرابع من إحدى البنايات القريبة. 

وتحدّثت المعلومات الأوّلية عن وقوع 3 شهداء وعشرات الجرحى، من دون أن يتضرَّر روّاد المقهى، في مقابل أضرار جسيمة في المباني. وطلب وزير الصحّة العامة وائل ابو فاعور من المستشفيات استقبال الجرحى والمصابين ومعالجتهم على نفقة الوزارة. 

وقد توزّع المصابون على مستشفيات المنطقة، علماً أن لا شهداء في صفوف الجيش. وقد عاينَ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر مكان التفجير وكلّف الشرطة العسكرية مباشرة التحقيقات. 

هيل 
على المستوى السياسي، برزَت دعوة اميركية الى اللبنانيين، على لسان السفير ديفيد هيل بعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام، بعدم الإنجرار نحو المعارك التي يخوضها الآخرون. واعتبر انّ “هذا الوقت هو للعمل على إغلاق الثغرات لكي يُفسَحَ المجال لتعزيز امن لبنان واستقراره”. وقال: “يجب ان لا تُخاض معارك المنطقة في لبنان”. 

من جهته، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري انّ على لبنان أن يحمي نفسَه “من تحت الى فوق”، واعتبر أنّ ما يجري اليوم في المنطقة هو ترسيم حدود، ودعا إلى العمل على انتخاب رئيس وعدم تعطيل المؤسسات والسير بنهج النكايات. 

مصادر أمنية 
وقبيل وقوع التفجير بساعات، أكّدت مصادر أمنية لـ”الجمهورية” أنّ لبنان لا يزال تحت مواجهة قطوع يوم الجمعة الماضي الذي لم ننتهِ منه، لكنّه تحت السيطرة، مؤكّدةً أنّ الأجهزة الأمنية استطاعت إفشال المخطط الكبير الذي كان يستهدف أمن لبنان وكانت على قدر المسؤولية. 
وعلى الرغم من عدم إسقاط أيّ احتمال لأيّ خَرق أمني جديد، إلّا أنّ المصادر أكّدت أن لا عودة للتفجيرات بالوتيرة التي كانت عليها سابقاً، لأنّ الأمن بات ممسوكاً أكثر، وهناك تنسيق بين الأجهزة الأمنية التي استفادت من “الأيام السود” التي تعرّض فيها لبنان لأكثر من تفجير انتحاري وسيّارة مفخّخة، وخصوصاً لجهة معرفة كيفية عمل الخلايا الإرهابية. كذلك فإنّ منافذ ومعابر الإرهاب هي تحت السيطرة حاليّاً. 

وأكّدت المصادر انّ البحث يجري حالياً عن الانتحاريَين الطليقين اللذين تواريَا عن الأنظار وهما ينتظران السيارات المفخّخة وأمر تنفيذ العمليات، لكنّ الأجهزة الأمنية تعمل على تتبُّع كلّ الخيوط وعلى رصد ومراقبة كلّ الطرق التي يمكن ان تعبر من خلالها السيارات المفخخة”. 
وفي هذه الأجواء، تلقّى القطاع السياحي امس جرعة دعم من خلال تحرّك وفد السيّدات السعوديات الذي يزور لبنان منذ يوم الجمعة الماضي، بعدما كان ساد جوّ من التشاؤم عقب تفجير ضهر البيدر، وصدور توصية من دولة الإمارات العربية المتحدة الى مواطنيها، بتحاشي القدوم الى لبنان.

وشملَ نشاط الوفد النسائي السعودي زيارة كلّ من رئيس الحكومة، وزير الداخلية نهاد المشنوق، وزير السياحة ميشال فرعون، السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري، والوكالة الوطنية للإعلام. وأدلت سيّدات في الوفد بمواقف مُطمئنة حول الوضع في لبنان. 

وقالت عضو منظمة السياحة العربية في جامعة الدول العربية مضاوي الحسّون، إنّ “الهدف من الزيارة أن نُطمئنَ الشعب الخليجي كلّه، ولا سيّما السعودي أنّ هناك أماناً في لبنان، ولكن لدينا ملاحظة هي أنّ الإعلام اللبناني يبالغ في تغطيته للأحداث، ونحن رأينا أنّ الأمور جيّدة، وليست بهذا السوء، وليس من داعٍ للمبالغة في تغطية الحوادث مباشرةً، فهي تجعل الإنسان يتراجع عن المجيء الى لبنان”. 

وعن تحذير الإمارات لرعاياها من المجيء إلى لبنان، قال فرعون: “لم نباشر بعد في معالجة مشكلة الامارات، في انتظار تهدئة الأوضاع”. ولفتَ إلى أنّ الحظر لا يعني المنع. 
وعن توقّعاته للموسم السياحي، قال فرعون: “الحجوزات لفترةِ ما بعد شهر رمضان لا تزال قائمة، إنّما لا شكّ في أنّ أحداث يوم الجمعة الماضي دفعت بالبعض الى تركِ لبنان رغم أنّ الأجواء اليوم هادئة جداً”. وأعربَ عن اعتقاده أنّ “كلّ ما نريده اليوم الهدوء والأمن والوقت لتجاوز هذا القطوع”. 



 

السابق
هجوم إنتحاري ليلاً على مقهى وحاجز للجيش في الضاحية
التالي
الإرهاب يضرب مجدّداً عند مدخل الضاحية انتحاري نفّذ التفجير قرب حاجز للجيش