تمارا حريصي: القانون المدني يحمي من قانون المذاهب

تمارا حريصي
شغلت قضة تمارا حريصي الناس ووسائل الاعلام الا انها لم تعتمد على الاعلام فقط في عرض قضيتها، بل لجأت الى ممارسة حقّها بالحماية القضائية والنفقة. هكذا حمى القانون المدني المرأة التي لم يحمِها قانون المذهب الذي تنتمي إليه. وها هي أخرجت زوجها من المنزل وتحصل منه على نفقة بحماية القانون.

هذا هو القرار الثالث الذي يصدره قاضي الامور المستعجلة في قضية تشبه قضية تمارا حريصي، ولم يُعلن عن القرارين السابقين لأنّ صاحبتيهما قرّرتا عدم الظهور في الاعلام. المحامية المسؤولة في جمعية “كفى” ليلى عواضة تؤكّد هذا الأمر، هي التي تتحرك لحماية النساء من العنف الاسري.

تمارة حريصي هي الحالة الثالثة على صعيد لبنان والاولى على صعيد جبل لبنان التي استفادت من قرار الحماية، بعدما تعرّضت لضرب مبرح من زوجها الذي احبته وتزوجته “خطيفة” رغم ارادة اهلها.

بحسب الناشطة ليلى عواضة، فإن القانون اللبناني: “للمرّة الأولى ينهي ظاهرة جرميّة لا يمكن ان يكون القانون وحده رادعا لها وإلا لكان انتهى العنف”، قالت في حديث لـ”جنوبية”.

ومهمة القوانين عادة، بحسب عواضة، أن “تشجّع الضحايا على التقدم بشكوى، واذا كان ثمة قوانين رادعة فالانسان يرتدع. وعندما كنا نطالب بخروج المعنّف من المنزل كانوا يواجهوننا بالقول أننا نحلم إلاّ أن هذا الحلم تحول الى حقيقة”.

ففي حالة السيدة الاولى، التي هي من الاشرفية، ما ساعد على تنفيذ القرار أنّ الزوج المعنّف كان موقوفا بتهمة الضرب. وأول قراري حماية كان المهم فيهما هو إخراج الزوج المعنّف من المنزل. والقضاء اعتبر ان من حق الزوجة والاولاد ووالدة الزوج (حيث كان الزوج يعنّف والدته ايضا) الحماية.

أما القرار الثاني فقد كان الحصول على قرار حماية شرط خروج الزوج من المنزل وأن يدفع نفقة، وذلك كلّه بفضل القاضية زلفا الحسن.

إلا أن للقرار وجه سلبي وهو أن قرار الحماية له وقت ومدة محددة، ويمكن تعديله في اي وقت. وبفضل القرار يمكن إلزام المعتدي بالنفقة الطبية والنفسية مع مراقبة اختصاصية اجتماعية تزور العائلة لمدة ستة اشهر.

هذ القرار يُلزم بالنفقة والعلاج والتكلفة من خلال اعطاء سلفة للعلاج. وبما ان النفقة واجبة، يبقى أمر خروجها من المنزل الى مكان آخر بقرار من القاضي وليس بناء على قرار من المحاكم الروحية التي قد يلجأ اليها الزوج، كل بحسب طائفته، وأي مخالفة لقرار القاضي المدني يعاقب عليه القانون. وتعتبر الاموال التي يصرفها على الزوجة المعنّفة سلفة من حساب النفقة.

هذه الاجراءات تشجع النساء أن يلجأن الى القضاء خصوصا أنّ الجو العام تغيّر بفضل تدريب الدرك والقضاة في هذا المجال. والمطلوب الآن من النساء المعنفات أن يتحرّكن ويستفدن من هذه القرارات.

وبحسب المحامية عواضة: “نحن كجمعية (كفى) ليس لدينا اي تحفظ على جوهر القانون، بل على بعض التفاصيل. إنّ إقرار القانون لا يمحي الجريمة. فالجريمة قائمة، لكن العقوبات الرادعة تؤثر على كثير من الاشخاص. ولو أنّه هناك تطبيق جديّ للقوانين لكان فكر المعنّف قبل ان يقوم بفعلته”.

“وما يزعجنا أنه في حال رغبت أيّ سيدة معنّفة بتقديم شكوى عليها اللجوء الى قاضي الامور المستعجلة الذي يطلب توكيل محام. هذه هي ملاحظاتنا كجمعية على القانون”.

وتكمل عواضة: “كنّا نطلب حماية للمرأة ولأولادها ولكنهم أصروا على العودة الى الطوائف، وهذا عائق جديد بوجه الاطفال. فملاحظاتنا هي لحماية الاطفال واعتبار الاطفال في خطر كونهم في بيئة عنيفة. لهذا نشجع كل النساء على الاستفادة من هذا القانون. فالعنف لا يقتصر على الزوج والزوجة، بل هناك الأم والأخت والأهل”.
إذا ثمة عدد من الصبايا حُجزت حريتهن لمنعهن من الذهاب الى الجامعة مثلا. وقد تدخلت جمعية كفى في عدد من الحالات.
وتختم محامية جمعية “كفى” بالقول إنّ العنف قضية تاريخية ضد المرأة، متجذرة في عاداتنا. وهذا العنف يأخذ اشكالا متعددة، ولكن يمكننا مساعدة النساء المعنّفات عبر القانون الجديد.

السابق
دمية بن لادن
التالي
واشنطن: عناصر ثورية إيرانية في العراق