لماذا أحبط موساد إسرائيل محاولة اغتيال عباس ابراهيم؟

رسالة أمنية فريدة ومذهلة في نوعها ودلالاتها وجّهتها اسرائيل اليوم الى لبنان، ولكن هذه االمرّة رسالة غير مخضبة بدماء اللبنانيين كما عودتنا، بل هي عبارة عن "هديّة أمنيّة" تعلن عن نوايا طيّبة من "العدو الاسرائيلي"، وتمنيات صادقة منه بدوام الامن والاستقرار في هذا البلد الصغير الشقي الذي يحد حدودها الشماليّة. فهل ترغب اسرائيل اليهودية بالانضمام "حلف الأقليات" المسيحي الشيعي الذي بشرت به "الممانعه" وتحاول اليوم ان ترسيه في لبنان وسوريا منذ اندلاع الاحداث الدموية في بلاد الشام؟ 

نقلا عن الاعلامية اللبنانية الأصل جولي أبو عراج، حاملة الجنسية الاسرائيلية منذ لجوئها الى الاراضي المحتلة خلال العام 2000، والتي تعمل محررة في نشرة أخبار التلفزيون الاسرائيلي”24 I”، أوردت صحيفة “النهار” اللبنانية اليوم أن أبو عراج حصلت على وثيقة من جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) تفيد بأن جماعات مسلحة تأتمر من كتائب عبدالله عزام تخطط لعمل إرهابي كبير في لبنان يستهدف المدير العام للأمن العام اللواء  عباس ابرهيم.

كما كشفت “ابو عراج ” مصدر معلوماتها نقلا عن تلك الوثيقة لكي تقطع الشك باليقين وتبرز مصداقية هذه المعلومات الخطرة وجدّيتها، فقالت إن “الموساد” حصل على هذه المعلومات من عملائه داخل مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، ورصد مجموعة اتصالات من داخل المخيم تخلص في محتواها الى وجود مخطط كبير لعملية اغتيال عبر تجهيز سيارة مفخخة داخل المخيم على أيدي ارهابيين محترفين من الخبراء الشيشانيين، ثم وضعها في تصرف وفد فلسطيني رسمي اعتاد لقاء ابرهيم في بيروت لبحث مواضيع أمنية، من دون علم أعضاء الوفد بالأمر، لتفجيرها لاحقاً أثناء انعقاد اللقاء.

كما شرحت  وثيقة “الموساد” حيثيات محاولة اغتيال مدير عام الامن العام عباس ابرهيم التي احبطتها تسريباته إلى الاعلاميّة اللبنانيّة اللاجئة على أراضيه، فقالت جولي أبو عراج إن “كتائب عزام والجماعات المتطرفة التي تدور في فلكها تسعى الى اغتيال ابراهيم منذ احداث عبرا، ﻷنها تعتبره الرأس المدبر الذي أدار من وراء الكواليس عملية القضاء على ظاهرة الشيخ الفار أحمد الأسير.

“النهار” سألت مسؤولاً في المديرية العامة للأمن العام، عن حقيقة هذه الوثيقة، فقال: “اطلعنا على المعلومات فعلاً، ونحن نتابع الموضوع بكثير من الجدية، لا سيما وانها تقاطعت مع معلومات أخرى استوجبت منا اتخاذ اجراءات وتدابير أمنية مناسبة”.

والسؤال المشروع هنا: لماذا انقذت اسرائيل لبنان من هذه الكارثة الأمنيّة التي كادت ان تطيح برجل الأمن الأول في لبنان اللواء عباس ابراهيم المعروف بقربه الشديد من حزب الله، عدوّها اللدود حتى وقت قريب؟

وكيف اصبح العدو الاسرائيلي الغادر فجأة حمامة سلام يرسل التحذيرات ويكشف شبكات التخريب الارهابية على أرض لبنان قبل ان تضرب ضرباتها القاتله ثم يعلم الامنيين اللبنانيين بها؟ كاشفا عنها بشكل استعراضي علني عن طريق “اعلامية لبنانية عميلة” لاجئة على أراضيه؟

اللافت ان صحيفة “النهار” حين سألت مسؤولاً في المديرية العامة للأمن العام عن حقيقة هذه الوثيقة، أكدها… إذن تلقفت السلطات اللبنانية الهدية الامنية الاسرائيلية بإيجابية، ولم تجد حرجا في الاعلان عن قبولها.

لا شك إذا في ان هذه الهدية الأمنية الاسرائيلية البادرة عن حسن نيّة، التي وجهتها الى لبنان، هي على قاعدة “عدو عدوّك صديقك”. فمنذ ان بدأت كتائب عبدالله عزام، ابنة “القاعدة” وربيبتها، بإطلاق الصواريخ على شمال اسرائيل بالتزامن مع تبنيها للعمليات الارهابيّة الانتحارية التي استهدفت أمن لبنان في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله وجمهوره، وكذلك السفارة الايرانيّة في بيروت وغيرها، تحولت تلك المنظمة الارهابية المستحدثة الى عدوّ مشترك لحزب الله واسرائيل. وباتت تشكل خطرا على أمن الدولتين المتجاورتين بحكم الجغرافيا والمتعاديتين بحكم التاريخ الدموي بينهما. ولطالما كان التاريخ هو المتغيّر الخاضع لعوامل الجغرافيا التي لا يمكن تغييرها الا بقوّة وارادة الخالق عزّ وجلّ لا غير.

السؤال الاخير: هل ترغب اسرائيل اليهودية بالانضمام “حلف الأقليات” المسيحي الشيعي الذي بشرت به “الممانعه” وتحاول اليوم ان ترسيه في لبنان وسوريا منذ اندلاع الاحداث الدموية في بلاد الشام؟

الجواب الاكيد في عهدة الزمن مع تطور الاحداث الدموية الطائفيّة في المنطقة والتي دخل حديثا الى مسرحها العراق، خالطا الاوراق ومحددا معان جديدة للعدو والصديق.

وفي النهاية نجا لبنان من قطوع أمني مهلك.. ونحمد الله على سلامة اللواء عباس ابراهيم.

السابق
ملياردير صيني يدعو فقراء أميركيين لمشاركته الغداء
التالي
بهاء الحريري: ملتزمون بمسيرة الرئيس الشهيد