رفض طهران تنحّي المالكي يُمهّد لحرب تقسيمية في العراق!

كما كان متوقعاً، لم يخرج الاجتماع «المهم» الذي عقده الرئيس الأميركي باراك أوباما مع كبار مسؤولي الحزبين الجمهوري والديموقراطي من أعضاء الكونغرس لمناقشة أوضاع العراق بأيّ جديد. إلّا أنّ اللافت هو اللقاءات التي عقدها مع كل مسؤول على حدة، بعد انفضاض الاجتماع الموسّع، لمناقشة عناوين خططه للتعامل مع ما يحصل، فيما لم يدلِ أيّ منهم بتصريح، كما جرت العادة!
إعلان المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن لا خطط مستقبلية مع إيران لمتابعة البحث في وضع العراق، يعكس أنّ واشنطن ليست في وارد الدخول في ايّ مقايضة مع طهران، سواء تعلّق الأمر بمحادثاتها النووية، او بملفّها الإقليمي، في ظل تنامي الشعور الأميركي بأنّ المستنقع الذي تغرق فيه السياسة الإيرانية في المنطقة، يزداد عمقاً.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر اميركية مطلعة أهمية ما أعلنه رئيس الإستخبارات الأميركية السابق الجنرال ديفيد بترايوس، الذي كان قائداً للقوات الأميركية في العراق ايضاً، معتبرة أنّ كلامه في هذا التوقيت بالذات، مؤشّر حقيقي على طبيعة الموقف الأميركي حيال ما يعيشه هذا البلد.

فقد رفض بترايوس رفضاً مطلقاً، تحويل القوة الجوية الأميركية أداةً في يد طائفة عراقية في مواجهة طائفة اخرى. وأشار بوضوح الى أنّ الوسيلة الوحيدة لبدء معالجة الأزمات التي يتخبّط فيها العراق، تبدأ في إزالة الأسباب التي أوصلت العملية السياسية الى مأزقها الحالي.

وتؤكد تلك المصادر أنّ رفض إيران البحث في استبدال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشخصية مقبولة من مكوّنات الشعب العراقي كله، هو العقدة الرئيسة التي يبدو أنّ طهران ليست مستعدة لمناقشتها، في اعتبار أنّ تقديم مثل هذا التنازل من شأنه إرسال رسالة ضعف، لا تبدو القيادة الإيرانية مستعدة لتقبّلها، ما يمكن أن يفتح الباب امام تنازلات أشدّ وأقسى في الإقليم كله.

وتشير المصادر الى أنّ «الطلب» الرسمي العراقي الصادر عن وزير الخارجية هوشيار زيباري الى الولايات المتحدة بتقديم مساعدة جوية في مواجهة تنظيم «داعش»، لا يمكن اعتباره صادراً عن المرجعية العراقية الرسمية، ما يعني أنّه ليس في وسع المالكي ومرجعيته الإيرانية تحمّل تبعات هذا الطلب.

وترى تلك المصادر أنّ اندفاع الأطراف الداخلية والإقليمية الى التصادم الكلي، يبدو أنّه دخل طوراً لا رجعة فيه، فيما استعدادات البحث في فكرة التقسيم الواقعي للعراق نفسه قد تكون قطعت شوطاً، في ظل تسريب كثير من الأطراف سيناريوهات عدّة إزاء هذا الموضوع.

وتحذّر المصادر الأميركية من أنّ التجييش قد تجاوز حدود العراق نفسه، مع اتجاه أطراف وجماعات إقليمية أخرى الى الاستنفار، فيما تؤكّد المعلومات أنّ إيران ستسعى عبر أدواتها المباشرة وغير المباشرة الى تصعيد عسكري وميداني على أكثر من جبهة، بهدف تعميق ما تعتبره انجازات، سواء في سوريا او في العراق او في لبنان، أو عبر محاولة إعادة خلط الاوراق الميدانية، الأمر الذي يُنذر بمواجهات مريرة في الايام المقبلة.

وأمام المأزق الذي وجدت طهران نفسها فيه، وفي ظل عجزها عن خوض تدخّل مكشوف في العراق، من المرجّح أن تدفع ببدائلها المحلية الى الإنخراط في المواجهات بنحوٍ أكبر، ما قد يعيد تسخين الأجواء سواء في سوريا او لبنان، مع توالي المعلومات عن احتمال عودة شبح التوتر الأمني اليه، في معزل عمّا إذا كان الأمر ناجماً عن فعل الأطراف الأخرى او عن رد فعلها.

السابق
تلاقٍ بين أوباما وروحاني للضغط على المالكي
التالي
بري يكشف عن تفاهم على إدارة العمل الحكومي