لم يستطع رئيس بلدية زغرتا توفيق معوض مواجهة ”الموت الحتمي” بعد الجروح التي أصيب فيها جراء حادث سير على أوتوستراد الكرنتينا. رحل هذا المواطن تاركاً خلفه قضية أثارتها جمعيات مدنية وحذرت منها مراراً وتكراراً وهي “الشاحنات من دون مردات واقية”.
وفي التفاصيل، “وقع حادث السير في تمام الساعة 4:45 دقيقة من فجراليوم الخميس على أوتوستراد الكرنتينا في إتجاه وسط بيروت، امام مبنى شركة سوكلين بين سيارة جيب من نوع ” Audi Q7 ” سوداء اللون تحمل الرقم 10896 وشاحنة كبيرة كانت مركونه على جانب الطريق تحمل الرقم 330113 ، على الفور هرعت وحدة الإنقاذ والإسعاف في فوج الإطفاء الى المكان وعملت على إنتشال سائق سيارة الـ ” Audi Q7″ و يدعى توفيق ألبير معوض (رئيس بلدية زغرتا) بعدما قامت بسحب السيارة من تحت مؤخرة الشاحنة لجهة اليسار، ثم نقلته الى مستشفى حداد وهو في حالة حرجه جداً”، وفق بيان فوج اطفاء مدينة بيروت، ليعلن في ما بعد وفاة معوض متأثراً بجروحه.
مصادر امنية تابعت مسار التحقيقات في الحادثة، أكدت لـ”النهار” أن “معوض تفاجأ بشاحنة تابعة لمؤسسة “سوكلين” مركونة إلى جانب الطريق فاصطدم بها ودخلت سيارته أسفل الشاحنة وصولاً إلى الدواليب”، كاشفاً عن أن “التحقيقات أثبتت عدم وجود أي أثر لفرامل معوض”، موضحة أن “شاحنة سوكلين كانت متوقفة إلى جانب الطريق بعدما شعر السائق أن هناك دخاناً يتصاعد من دواليبها بسبب عطل ميكانيكي”.
المهم في هذه القضية بعيداً عمن يتحمل مسؤولية الحادث، خصوصاً أن الخسارة باتت حتمية بعدما توفي معوض، وحتى نرفع من نسب النجاة في الحوادث، هو أن الشاحنة كانت من دون مردات واقية، وهذا الأمر يؤدي إلى ما يسمى بـ”الموت الحتمي” جراء أي حادث، إذ أوضح أمين سر جمعية “اليازا” كامل ابرهيم لـ”النهار” أن ”ما حصل مع معوض يعتبر أخطر أنواع التصادم وأكثرها هولاً، والذي ينتهي دخول السيارة اسفل مؤخرة الشاحنة وبالتالي مقتل ركاب السيارة على الفور بصورة بشعة”، مذكراً بأن “اليازا قدمت الحل لهذه المشكلة والمتمثلة بتجهيز مؤخرة الشاحنات بواقيات معدنية رخيصة التكلفة تقلل من نسبة الوفاة”.
ولفت إلى أن “ميزان القوى عند اصطدام سيارة بسيارة يكون متعادلاً، لكن إذا اصطدمت السيارة بشاحنة فإن النتيجة تكون غير متكافئة والخاسر الأكبر السيارة وركابها، حتى لو كانت سرعة السيارة منخفضة ويزداد الوضع سوءاً بازدياد السرعة وطبيعة الاصطدام”.
وعلق ابرهيم على حادث رئيس بلدية زغرتا بالقول: “ما حصل أنه بسبب انخفاض السيارة، فإن مقدمتها تدخل بسهولة تحت مؤخرة الشاحنة ليتلقى سائق السيارة ومن معه “برؤوسهم” كامل زخم الصدمة بصندوق الشاحنة وبأجزائها المعدنية بأقل من ثانية! وفي هذه الحالة إن حزام الأمان وكيس الهواء لا ينفعان وبالتالي تكون نتيجة الاصطدام الموت الحتمي والفوري لركاب السيارة”. وفي لغة الأرقام، أشار إلى أن ” نسبة كبيرة من حوادث السيارات التي تحصل مع الشاحنات تنتهي بالنتيجة نفسها، حيث ذهب ضحيتها في لبنان في السنوات الأربع الأخيرة نحو 220 قتيلاً”.
وعدد أسباب دخول السيارة تحت مؤخرة الشاحنة وأهمها: “توَقّف الشاحنة فجأة بوجود سيارة تتبعها على سرعة عالية، عدم ترك سائق السيارة مسافة كافية بينه وبين الشاحنة التي تتوقف أمامه، صعود سيارة مسرعة أعلى التلة بوجود شاحنة بطيئة أو متوقفة خلف التلة، التجاوز الخطِر في المسار المعاكس ثم العودة إلى اليمين عشوائياً تحت الشاحنة، السرعة على كوع يحجب الرؤية بوجود شاحنة بطيئة أو متوقفة بعده مباشرة، انبهار البصر ليلاً، سوء الرؤية بسبب الضباب الكثيف، ضعف البصر، الالتصاق خلف الشاحنة أثناء الإنتظار على طلعة، القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، نعاس السائق وإرهاقه، تلهّي سائق السيارة كالتكلم على الهاتف أو شروده الذهني”.
واقترح ابرهيم “تركيب مردّات أو عارضات حديدية واقية مناسبة على خلف كل شاحنة من شأنها أن تمنع السيارة من الدخول تحتها وتكون مقدمة السيارة هي التي تتلقى كامل الصدمة في شكل مباشر بدلاً من الركاب”، لافتاً إلى أنه “يجب أن تكون هذه العارضات ذات مواصفات موحدة بحيث يكون طولها مساوياً لعرض مؤخرة الشاحنة، وعَرضها 20 سنتمترا، بسماكة معينة، وترتفع عن الأرض حوالى 40 سنتمترا. ويمكن تثبيت المصابيح الخلفية للشاحنة عليها فتبقى نظيفة وتصبح مرئية في شكل أفضل”.