نازحون يعبّرون رسماً ونحتاً وتمثيلاً..في شاتيلا

 

عُرضت في المركز مسرحيتان من تمثيل شباب سوريين وإخراجهم في مخيم شاتيلا، مركز للثقافة والفنون من أجل تغيير الصورة عن المخيم من مكان للبؤس والعنف إلى مكان يستطيع فيه الشبان والأطفال ممارسة نشاطات ثقافية وفنية، ومنحهم القدرة على أن يراهم العالم خارج المخيم. تتحدث الشابة النازحة من سوريا جوليا جمال بشغف عن المركز الذي افتتحته «جمعية بسمة وزيتونة» في آذار الماضي، وتتولى هي إدارته. تعرض النشاطات، وكيفية توزيعها، والمشاركين فيها، وتقول: «نحن نقدم المواد الغذائية للنازحين وهي الحاجة الأساسية لاستمرارهم على قيد الحياة، ولكن من دون تربية ووعي لا تتم إعادة بناء الوطن».

 

بعد إقامة مدرسة لتعليم الأطفال، ومشغل تطريز وأشغال يدوية للنساء، افتتحت الجمعية مركز الثقافة والفنون في منتصف آذار الماضي، من أجل مساعدة الشبان والأطفال على طرق التعبير، في مكان مهمش اجتماعياً، بينما هو يكتظ بالنازحين واللاجئين، فلسطينيين وسوريين. بدأ المركز نشاطه بورشة تصوير ضوئي، ساهم فيها المصور السوري أنطوان عنتاري، ودرب خلالها شباناً وشابات تقارب أعمارهم الخامسة والعشرين، على كيفية التعامل مع المشهد المصور، وإيصال الفكرة التي يريدها المصور، من دون تكلف أو مبالغة. انطلاقاً من ذلك، التقط المصورون مشاهدهم ضمن ثلاثة مواضيع، الأول هو تصوير الناس في حياتهم اليومية في المخيم، والثاني التقاط صور بورتريه، والثالث الخروج من المخيم إلى شارع الحمرا والتقاط الصور من خلال أفكار محددة. تشكل الدورة، امتداداً لمشروع يشارك فيه انطوان مع فريق من المصورين السوريين الذين يعيشون بين بيروت وسوريا وكندا وأميركا. يسمى المشروع «عيون السوريين في العالم»، ويهدف إلى تسليط الضوء على حياة السوريين في الحرب. وقد اختار كل شخص في الفريق مواضيع يصورها، على أن يتم توثيقها لصناعة أرشيف إنساني للسوريين في بلدهم، وفي بلاد النزوح. ويوضح أنطوان أنه يجري حالياً اختيار الصور للمشاركين في الدورة من أجل إقامة معرض في المخيم، ثم في بيروت. النشاط الثاني للمركز هو إقامة ورشتي نحت ورسم للأطفال النازحين من أجل مساعدتهم على التفريغ النفسي واكتشاف مواهبهم.

 

شارك في الورشة نحو أربعين طفلاً، تراوح أعمارهم بين أربع سنوات وست عشرة سنة. أما المواد التي استخدمت في المنحوتات، فهي من النفايات التي تم تحويلها إلى أشكال جمالية، بينما صنع الأطفال الصغار أشكالاً جميلة من المعجون. وسوف تقام معارض للمنحوتات والرسومات في المخيم، ثم في بيروت، وبعد ذلك في فرنسا حيث يتم التواصل مع جمعية سورية – فرنسية لإقامة أكثر من معرض في باريس وخارجها. وفي المسرح، عرضت مسرحيتان من تمثيل شباب سوريين وإخراجهم، الأولى شارك فيها شباب هواة من مخيم المرج في البقاع، والثانية شابان من المسرحيين المحترفين. ويقوم حالياً شابان وشابة من متخرجي المسرح السوري بتدريب تسعة عشر طفلاً وطفلة منذ ثلاثة أشهر على مسرحية سوف تعرض بعد شهر في شوارع بيروت، ويشارك فيها أطفال مدرسة بسمة وزيتونة. ويتم تدريب شبان وشابات تراوح أعمارهم بين خمسة عشر عاماً وثمانية عشر عاماً على مسرحية رابعة سوف تعرض في أحد مسارح بيروت. وتوضح جمال أنها تسعى إلى تأمين ملتقى أدبي دائم من أجل إقامة لقاءات شعرية وأدبية فيه. وسوف تكون باكورة الملتقى أمسية شعرية نهاية الشهر الجاري، تشارك فيها طفلة في التاسعة من عمرها تهوى إلقاء الشعر، مع شبان وشابات لديهم هواية كتابة الشعر، بالإضافة إلى قصائد يلقيها شعراء محترفون. وقد تمت الاستعانة بأحد الشعراء لتدريب المشاركين في الأمسية على فن الإلقاء والخطابة، بينما سيرافقهم عازفان على العود والغيتار. نادي الكتاب، ويشمل جمع الكتب من المتطوعين من أجل إقامة مكتبة عامة للمطالعة. وقد استطاع المركز جمع كتب قليلة العدد حتى الآن، بينما تؤكد جمال الحاجة إلى مبادرات لجمع الكتب. وتوضح أن لدى المركز مكتبة صغيرة للأطفال هي عبارة عن تبرعات قدمها أصدقاء الجمعية. وتؤكد على حاجة العاملين في الجمعية للقراءة، لذلك تم سؤال كل منهم عن المواضيع التي يرغب في قراءتها، وتقسيمهم إلى مجموعات، تقرأ كل مجموعة نوعاً معيناً من الكتب: فكرية، تاريخية، وأدبية، وفلسفة وعلم نفس، علمية، وذات علاقة بالتربية والتعليم. وبعد قراءة كل كتاب يعقد لقاء لمناقشته.

 

إلى جانب المطالعة، توجد مشاريع للكتابة الإبداعية الخاصة، وصناعة الدمى، والطباعة الحريرية، والتدريب الصحافي. ويتوجه نادي السينما إلى ثلاث فئات بشكل رئيسي: الأطفال ويتم عرض أربعة أفلام خاصة بهم كل أسبوع، فيلمان لأطفال مدرسة بسمة وزيتونة، وعددهم مئتان وسبعون طفلاً. وفيلمان لأطفال روضات ومدارس المخيم، على أن يتم اختيار الأفلام التي تتضمن قيمة فنية. الفئة الثانية هي النساء، ويتم عرض فيلم خاص بالنساء كل أسبوع يحمل قيماً خاصة بالتوعية والثقافة، تحضره حتى الآن نساء مشغل الحِرف اليدوية ويبلغ عددهن سبعين امرأة، والموظفات في الجمعية، مع عدد قليل من نسوة المخيم لأن النشاط لا يزال في بدايته. الفئة الثالثة هي العائلات، ويتم عرض أفلام عربية وأجنبية خاصة بها لأن المخيم يفتقد إلى السينما، وتقرر إقامة عروض خلال الصيف في الهواء الطلق على سطح مبنى الجمعية، بعد تجهيز المكان.

 

ولدى المركز برنامج لتدريب القدرات، يتناول أربعة مواضيع هي: تعلم فن التواصل وحل النزاعات، معرفة حقوق الإنسان، الاهتمام بالصحة العامة، وتعلم مهارات التوظيف. من جهتها، تقول الناشطة في الجمعية ماريا إنها تعد لحملة على الإنترنت من أجل تأمين دعم اللاجئات والنازحات العاملات في مشغل الحرف اليدوية. وتتضمن الحملة عرض صور فيديو للنساء، يتحدثن فيه عن تغير حياتهن بعد العمل وتأمين مداخيل خاصة بهن، حتى لو كانت بسيطة، وتأسيس موقع الكتروني خاص لعرض قطع الأشغال اليدوية، مع رواية صاحبة كل قطعة قصة صغيرة عن أشغالها. ولأن المخيم مكان مزدحم باللاجئين، فقد زارته جمعيات ومنظمات عدة، لكن الأنشطة التي نُظمت فيه قليلة، ومن الزوار العاملون في منظمة الأونيسكو للتربية والتعليم، وقد اكتشفوا خلال الزيارة الحاجة إلى مدرسة للنازحين، لكن الأمر يحتاج إلى دراسات لم تنته بعد، فكان أن أقامت «جمعية بسمة وزيتونة» مدرسة، بالإضافة إلى النشاطات المذكورة. وتؤكد جمال أن أحد التحديات الرئيسية أمام الجمعية هو التمويل، فهناك نشاطات لا تحتاج إلى تمويل مثل ورشة الكتابة الإبداعية، ولكن هناك نشاطات لا يمكن إقامتها من دون تمويل، مثل المدرسة والمسرح، ومشغل الحرف اليدوية، والمواد الغذائية.

 

وتبحث الجمعية عن المساعدة، وتطلب ممن يرغبون بها الاتصال على رقم الهاتف76689384 : أو على رقم الحساب: بنك الموارد، فرع الحمرا، «جمعية بسمة وزيتونة اللبنانية» Iban code: USD LB52 0101 0000 0000 0012 8501 5001 EUR LB25 0101 0000 0000 0012 8501 5002 LBP LB95 0101 0000 0000 0012 8501 5003 Account number: see IBAN Swift code: MABALBBE زينب ياغي

السابق
المؤتمر الـدولي لدعم الجيش: لانتخاب رئيس
التالي
صدى تقدّم ’داعش’ يُعيد هاجس الخلايا النائمة