مقاتلو ’داعش’ في أقرب نقطة من بغداد

بلغ الهجوم الذي يشنه مسلحون في العراق منذ اسبوع مدينة بعقوبة على مسافة 60 كيلومتراً فقط من بغداد التي خسرت السيطرة على معبر حدودي ثان مع سوريا واتهمت الرياض بتقديم دعم مادي لهؤلاء المسلحين. وارسلت الولايات المتحدة، التي ناقشت احداث العراق مع ايران على نحو مقتضب في فيينا، 275 عسكريا لحماية سفارتها في بغداد، في خطوة هي الاولى من نوعها منذ الانسحاب الاميركي عن هذا البلد في نهاية 2011.

قال قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الامير محمد رضا الزيدي ان “مجموعة من المسلحين نفذت هجوما بالاسلحة الرشاشة في بعقوبة وان القوات الامنية صدت الهجوم”.
وأفاد ضابط برتبة مقدم في الجيش ان المسلحين “تمكنوا من السيطرة على احياء الكاطون والمفرق والمعلمين في غرب بعقوبة ووسطها ساعات عدة، قبل ان تتمكن القوات العراقية من استعادة السيطرة على هذه الاحياء”.
وتحدثت مصادر امنية وطبية عن مقتل 44 شخصا بالرصاص داخل مقر للشرطة في وسط بعقوبة خلال الهجوم. وهذا اول هجوم تتعرض له بعقوبة مركز محافظة ديالى منذ بدء الهجوم الكاسح للمسلحين في انحاء من العراق قبل اسبوع والذي تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة في الشمال، بينها الموصل عاصمة محافظة نينوى وتكريت عاصمة محافظة صلاح الدين.
وجاء الهجوم على بعقوبة، وهي اقرب نقطة جغرافية الى بغداد يبلغها المسلحون منذ بدء هجومهم، وقت لا يزال قضاء تلعفر على مسافة 350 كيلومتراً شمال بغداد يشهد في بعض اجزائه اشتباكات بين قوات حكومية والمسلحين الذين ينتمون الى تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش) وتنظيمات اخرى وعناصر من حزب البعث المنحل.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين قبلان: “هناك 50 شهيدا من المدنيين الذين سقطوا جراء الاشتباكات المتواصلة منذ يومين والرمي العشوائي والقصف وهناك ايضا عشرات القتلى من المسلحين والقوات الامنية”. واضاف ان “المسلحين يسيطرون على معظم اجزاء القضاء ولكن لا تزال هناك بعض جيوب المقاومة من القوات الامنية والاهالي”، بينها “اجزاء من المطار”. ويقع تلعفر، وهو اكبر اقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية، في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 الف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة الذين غادرت غالبيتهم القضاء منذ نشوب المعارك فيه.
وبعدما خسر العراق سيطرته على معبر ربيعة الحدودي الرسمي مع سوريا في نينوى لمصلحة قوات البشمركة الكردية، سيطرت مجموعة من المسلحين على معبر القائم على مسافة 340 كيلومتراً غرب بغداد في محافظة الانبار بغرب البلاد بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيطه.
وأوضحت مصادر امنية وعسكرية ان مسلحين قالت انهم قريبون من “الجيش السوري الحر” و”جبهة النصرة” المرتبطة بتنظيم “القاعدة” هم الذين سيطروا على المعبر، مع العلم ان أفراد “الجيش السوري الحر” يسيطرون منذ اشهر على الجهة السورية المقابلة من المعبر في مدينة البوكمال.
ولم تعد الحكومة المركزية في بغداد تسيطر إلا على معبر واحد مع سوريا التي تشترك مع العراق بحدود تمتد نحو 600 كيلومتر، هو معبر الوليد والواقع ايضا في محافظة الانبار قرب الحدود مع الاردن.

المالكي يتهم السعودية
في غضون ذلك، تحدى الزعماء العراقيون الشيعة الدعوات الغربية الى التواصل مع السنة لنزع فتيل الاحداث وأعلنوا مقاطعة الكتلة السنية السياسية الرئيسية في العراق واتهموا السعودية بدعم عملية “ابادة”. وأعلن رئيس الوزراء نوري المالكي حملة قمع للسياسيين والضباط الذين يعتبرهم “خونة” وانتقد دولا سنية مجاورة اتهمها باذكاء أعمال العنف.
وقال مجلس الوزراء العراقي في بيان انه يحمّل الرياض “مسؤولية ما تحصل عليه هذه الجماعات من دعم مادي ومعنوي وما ينتج من ذلك من جرائم تصل الى حد الابادة الجماعية وسفك دماء العراقيين وتدمير مؤسسات الدولة والآثار والمواقع التاريخية والمقدسات الاسلامية”.
وسبق للمالكي أن لام السعودية على دعم متشددين لكن اللغة الحادة للبيان لا مثيل لها. وألقت الرياض الاثنين على النزعة الطائفية في بغداد تبعة اذكاء العنف.
وقال حسن السنيد الحليف القريب من المالكي إن التحالف الوطني الشيعي الحاكم يجب أن يقاطع كل العمل مع كتلة “متحدون” وهي أكبر كتلة سياسية سنية. وأضاف أنه ليس من الممكن لأي كتلة داخل التحالف الوطني أن تعمل مع كتلة “متحدون” بسبب ما وصفه بأنه أحدث مواقفها الطائفية.
وكانت السعودية اتهمت الاثنين، وفي تعليق رسمي أول على الاحداث الامنية الاخيرة في العراق، المالكي بدفع بلده نحو الهاوية باعتماده سياسة “اقصاء” العرب السنة، مطالبة بـ”الاسراع” في تأليف حكومة وفاق وطني.

 

تعزيزات
وأبلغ الرئيس الاميركي باراك اوباما الكونغرس الاثنين أن الولايات المتحدة سترسل نحو 275 عسكريا الى العراق لتقديم الدعم والحماية للمواطنين الأميركيين وسفارة واشنطن في بغداد. وقال في رسالة إلى المشرعين: “سترسل هذه القوة بغرض حماية المواطنين الأميركيين والممتلكات الأميركية إذا اقتضت الضرورة وهي مجهزة للقتال”. واضاف: “ستبقى هذه القوة في العراق الى أن يتحسن الوضع الأمني ولا تكون ثمة حاجة إليها”. وأشار الى انه يخطر الكونغرس بذلك بموجب قرار سلطات الحرب.
وقال مساعدون في الكونغرس الأميركي إن البيت الأبيض يعد اقتراحا لتحويل بعض الأموال التي كانت مخصصة لاستخدامها في أفغانستان إلى عمليات عسكرية محتملة في العراق.
وفي ما يتعلق بالتفاوض مع ايران في شأن العراق، صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية ماري هارف الموجودة في فيينا لشبكة “سي ان ان” الاميركية للتلفزيون: “جرت محادثات مقتضبة في مجموعة 5+1 في شأن العراق، محادثات مقتضبة جدا”. واضافت ان “المستقبل سيحدد ما اذا كنا نريد ان نستمر في الحديث مع ايران عن العراق”.
ولفتت الى ان للولايات المتحدة وايران “مصلحة مشتركة” ضد “داعش”. لكنها شددت على انه “لا دولة خارجية يمكنها ان تحل مشاكل العراق. نحن في حاجة الى تدخل زعماء سياسيين عراقيين من مختلف الاتجاهات”.

 
وأبلغ مبعوث الامم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف “وكالة الصحافة الفرنسية” في مقابلة أن الهجوم الذي يشنه المقاتلون الاسلاميون منذ اسبوع يشكل “تهديدا لبقاء” هذا البلد وأكبر خطر على سيادته منذ بضع سنوات.
وأعلن رئيس وزراء كردستان العراق نشروان البارزاني في مقابلة صحافية انه “من شبه المستحيل” ان يعود العراق كما كان قبل سقوط الموصل، ثانية كبرى مدن العراق، واعتبر ان السنة يجب ان يكون لهم الحق في ان يقرروا اقامة منطقة خاصة بهم مثل كردستان.

السابق
إحباط عملية إرهابية على مستشفيات الضاحية
التالي
جبل النفايات يختفي في صيدا