العراق: شعب هدم بساعات عقدين من ظلم أميركا وإيران

مشهد انهيار المنظومة الأمنية الخاضعة لسلطة نوري المالكي ودعوته إلى تشكيل جيش ميليشات طائفية، وبعضها يحارب في سوريا الى جانب النظام السوري، مشهد يزيل الستار عن نظام هشّ طائفي ضعيف، ويشير بقوّة إلى ضعف الحلف الايراني الأميركي غير الطبيعي. وصراخات ايران والمالكي والرئيس الأميركي باراك أوباما يمكن سماعها في بقاع الارض كافة. وهذا يدلّ على قيامة شعب لن يتراجع ابدا، شعب حطّم في بضع ساعات ما بناه الحلف الايراني الاميركي في 15 عاما.

بدأت المشكلة التاسع من نيسان 2003 يوم دخل الجيش الامريكي بغداد، معلنا بدء مرحلة جديدة في منطقة الشرق الاوسط، واخلال التوازن الاستراتيجي بين العرب وايران من جهة والعرب واسرائيل من جهة أخرى، وملزما ايران “العراق” كمكافأة على تعاونها ان كان في حرب أفغانستان أو حرب العراق.

إيران نفسها هذه تخلّصت، بواسطة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، من كمّاشة مطبقة عليها تحدّ من أفكارها التوسعية في أرض العرب. أفكار برزت مع الثورة الايرانية في 1979، يوم تنامى هذا الحلم التوسّعي وظلّ حلما حتّى سقوط بغداد بأيدي.

سقط العراق ففتحت الأبواب أمام المدّ الايراني نحو بلاد العرب، من كان السدّ المنيع في وجه هذا التمدّد، أي “العراق”، أصبح أحد أبرز مناطق النفوذ الإيراني، وايضا أحد شرايين الموارد المالية للحرس الثوري الإيراني.

سقط العراق وتبخّر مع سقوطه حوالي 400 ألف جندي من جيشه، ففرح الأميركيون والايرانيون وأعوانهم، ووضعت الولايات المتحدة الأميركية العراق تحت الوصاية الايرانية المقنعة من خلال رئيس الوزراء المستمرّ نوري المالكي”.

ولأنّ من سيطر على العراق هم مجرد تجّار، والتاجر يعرف فقط كيف يبيع ويشتري، ولا يعرف كيف يبني دولة ومؤسسات، تجار التهوا بصفقات الفساد وسرقة الموارد حتى احتل العراق في السنوات الأخيرة المراتب الأولى في تصنيف الدول الأكثر فسادا، في حين أنّ الجيش العراقي السابق كان يعيد بناء نفسه ويعدّ العدة للقيام بانتفاضة على التحالف الايراني الأميركي وهذا ما نراه اليوم.

بعد مرور حوالي 11 عاما على غزو العراق، لم يرضخ العراقيون الى الواقع المفروض عليهم، أي استئثار فئة بالسلطة ومقدرات الدولة والهيمنة الايرانية، وتهميش شريحة واسعة من نسيج الشعب العراقي واخراجها من المنظومة السياسية والاقتصادية والامنية.

في الأيام القليلة الماضية شهد العالم تحركات مسلحة في المناطق العراقية الشمالية والشمالية الغربية أدّت الى سيطرت المسلحين على مدن ومحافظات عراقية واسعة وأبرزها مدينة الموصل ثاني اكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد. تزامنا مع هذه العمليات العسكرية كانت القنوات الفضائية العراقية والعربية تنسب هذه العمليات الى “داعش” أي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام المتطرفة…

الغريب أنّ القنوات العربية هي التي كانت السباقة الى تأليف الرواية التراجيدية وتبثّ الرعب في نفوس الشعوب العربية من الخطر الداعشي القادم، كما فعلت في سوريا. فيما بدأ يتضح لاحقا أنّ من يقوم بهذه الانتفاضة هم أبناء العشائر وافراد الجيش العراقي السابق. وهذا ما أكّده مفتي الديار العراقية الشيخ رافع الرفاعي في خطابه الأخير. فهو أكّد أنّ من يقوم بهذه الانتفاضة هم أحرار العراق من أبناء العشائر وافراد الجيش السابق، والذي دعا ايضا الى مساندة الثوار “حتّى يتمكنوا من تحرير كامل التراب العراقي”.

فمشهد انهيار الجيش العراقي الجديد، وهروب أفراده بشكل جماعي وبثياب مدنية من جراء عمليات المجموعات المسلحة المنتفضة، شكّل ضربة قوية إلى إيران وأميريا وضدّ اتفاقهم الاستراتيجي في ما يخصّ السياسة الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، الذي شكل احتلال العراق اهم ركائزه.

ومشهد انهيار المنظومة الأمنية الخاضعة لسلطة المالكي ودعوته إلى تشكيل جيش رديف يكون عبارة عن ميليشات طائفية، هي في أصل المشكلة، وبعضها يحارب في سوريا الى جانب النظام السوري، مشهد يزيل الستار عن نظام هشّ طائفي ضعيف، ويشير بقوّة إلى ضعف الحلف الايراني الأميركي غير الطبيعي.

صراخ ايران والمالكي والرئيس الأميركي باراك أوباما يمكن سماعها في بقاع الارض كافة. وهذا يدلّ على قيامة شعب لن يتراجع ابدا، شعب حطّم في بضع ساعات ما بناه الحلف الايراني الاميركي في 15 عاما.

السابق
شطرنج… بلا عيون!
التالي
جنبلاط يستقبل سفراء دول الاتحاد الأوروبي