هل يمكن ان تصل واشنطن وطهران الى تفاهم؟

إيران وأميركا

تحت عنوان “هل يمكن ان تصل الولايات المتحدة وايران الى تفاهم؟” كتب السفير الاميركي السابق فريديريك هوف مقالا في الـ atlantic council” يعرض فيه لما آلت اليه المناقشات بين الجانبين. ويقول هوف ان المناقشات تمت بين ايراني رفيع ومسؤولين اميركيين غير رسميين في اوروبا، وشكلت سوريا محورا جوهريا فيها. ورغم انه لم يحصل اي اجماع في وجهات النظر الا انه تبلورت صورة اكثر وضوحا. و قد اعتبرت طهران ان دعمها لنظام الرئيس بشار الاسد محكوم بالآتي: يشكل “حزب الله” خط دفاعها الاول عن اسرائيل، في حين اعتبر اعضاء في الفريق الايراني ان نظام الاسد وليس بالضرورة بشار شخصيا، ضروري للحفاظ على جهوز “حزب الله” للمواجهة. وشدد الايرانيون على الرابط الحيوي بين الحفاظ على النظام والدفاع عن ايران. وبدا التمييز بين الاسد ونظامه ملفتا. اذ اعترف الايرانيون ان بشار الاسد ونظامه سهلوا عبور الجهاديين الى العراق من سوريا، وهم جهاديون مسؤولون عن مقتل العراقيين الشيعة. وهي عناصر ارتدت على سوريا وتهدد اليوم سكان البلدين. وبحسب التقرير، اوضح الجانب الايراني ان علاقة طهران بالاسد ترتكز لا على العاطفة ولا على الاحترام. انها علاقة عمل. (…).

وهنا طرح سؤال، كيف يمكن لفريق متورط بمجازر جماعية ان يلعب دورا في الاستقرار التوافقي في البلد؟. يقول احد اعضاء الفريق الاميركي ان الاميركيين والايرانيين قد يكونوا على مسار تصادمي. وانطلاقا من خطاب اوباما في وست بوينت يظهر ان الادارة الاميركية وبالتعاون الكامل مع شركائها وآخرين، كانت تفكر جديا ببرنامج تدريب وتسليح اساسي للقوى المعارضة. وجاء رد الفعل الايراني سلبيا حيال هذا الاحتمال. حتى ان عضوا ايرانيا في البعثة حذر من ان التصعيد الاميركي سيواجه بتصعيد ايراني. واعرب الايرانيون عن نظرة مفادها ان ايران والولايات المتحدة يمكن ان يتوصلا الى ترتيب حيال سوريا انطلاقا من مقاربة مفادها الحفاظ على الدولة السورية والمعارضة للوجود السني المتشدد. وتبنى الايرانيون نظرة مفادها ان المملكة العربية السعودية تدعم في شكل كامل الاسوأ . في المقابل، اعتبر الاميركيون ان واشنطن والرياض هما اليوم على “الصفحة ذاتها” تقريبا في ما يتعلق بسوريا.

وبرز انقسام لدى الجانب الايراني حيال ما اذا كان الاتفاق في الملف النووي مع مجموعة ال 5+1 يؤدي الى تعاون في سوريا وملفات اقليمية اخرى. واعتبر احد الايرانيين ان الجسر المنطقي للتعاون في سوريا يمكن ان يكون تفاهما ايرانيا-اميركيا في العراق. وهنا، لفت الاميركيون الى الافادة المحتملة للمحادثات الاقليمية التي تهدف الى تبيان “فرص التبادل” العراق-سوريا. وقد لاقى الطرح الاخير رد فعل مزدوج . واعتبر احدهم ان المفاوضات التي تشمل ايران وتركيا والمملكة العربية السعودية تعد تنازلا اميركيا.

وبحسب هوف، فان ثمة خلاصة واضحة لهذا الحوار. اذ تعتبر طهران انها نجحت في ارساء غرب سوريا، عنصرا سوريا مهما للامن الوطني الايراني. وهي ترغب في ان تتواءم الولايات المتحدة مع هذا الوضع وان تأخذ مسافة من المملكة العربية السعودية وان تركز على اتفاق نوويي يخرج الجمهورية الاسلامية من العقوبات الاقتصادية المرهقة. واذا كانت نوايا ايران حيال اسرائيل دفاعية بطبيعتها، فيبدو من المسلم به القول ان طهران لا تبدي اهتماما بأي عملية انتقال سياسي تزيل نظام الاسد من الواجهة الى ان يتبدد هذا الخطر. واذا كانت نوايا طهران حيال الدولة اليهودية هجومية بطبيعتها ، فيبدو من المسلم به ايضا القول ان ايران تريد ان يبقى نظام الاسد، اقله غرب سوريا وقرب لبنان. ولفت مشارك اميركي الى وجوب ان تتبع واشنطن وشركائها سياسة حذرة حيال طهران على مسارين: مفاوضات مع نية صادقة تهدف الى الحد من قدرة ايران في ما يتعلق بالسلاح النووي وبرنامج تسليح وتدريب للمواطنين المناهضين للاسد والجهاديين والعناصر المتينة في شكل كاف لاعطاء السوريين الموالين لسوريا فرصة للتقدم عسكريا على نوعين من الارهابيين. ويمكن لمقاربة المسارين هذه، ان تشجع طهران على اعتبار النظام غير ضروري ولاسيما انه تسبب بالمعاناة ليس فقط في سوريا وانما ضمن المنتسبين الى طائفتها في العراق. والى ان ترى طهران احتمال سقوطه ، فان ركائز نظرتها قد تبقى “ان مجرما ذات صدقية “في اليد” يوازي اكثر بكثير بديلا محترما “في البرية”.

السابق
جمود داخلي يسبق مبادرة بكركي وموفد الراعي عند بري
التالي
السيد هاني فحص: ما حدث في العراق نتيجة لـ’فشل الشراكة’