الجمهوريون يرتبون أوراقهم بعد الهزيمة الانتخابية لرجلهم الثاني في الكونغرس

لا تزال هزيمة زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأميركي الجمهوري إريك كانتور أمام منافسه ديفيد براد من حركة «حزب الشاي» في الانتخابات التمهيدية الثلاثاء الماضي، تجد أصداء واسعة في واشنطن. ومساء الثلاثاء الماضي، حقق السياسي الناشئ والوجه الجديد على الساحة السياسية براد فوزا سهلا على كانتور، عضو مجلس النواب الذي أعيد انتخابه ست مرات في منطقة ريتشموند بولاية فيرجينيا. وفاز أستاذ الاقتصاد بإحدى جامعات فيرجينيا بنسبة 55.5 في المائة من الأصوات بفارق سبعة آلاف صوت من أصل 64 ألف ناخب.وأثارت هزيمة كانتور الكثير من الدهشة والصدمة، حيث كانت التوقعات تميل إلى فوز كانتور بنسبة 60 في المائة خاصة بعد أن رصد أكثر من خمسة ملايين دولار في حملته الانتخابية مقابل 300 ألف دولار رصدها منافسه براد. وبعد هزيمة كانتور صعد براد فرحا على المنصة معلنا أن «الأموال لا تشتري أصوات الناخبين». وعلق على فوزه بقوله «إنها معجزة وأمر لا يصدق».

وخلال جولة الانتخابات التي جرت في المقاطعة السابعة في ولاية فيرجينا وجه مرشح تيار «حزب الشاي» براد انتقادات شديدة لكانتور، الذي كان يحظى في السابق بدعم حزب الشاي، بأنه لم يكن معتدلا ولم يتخذ موقفا واضحا إزاء تطبيع أوضاع المهاجرين غير الشرعيين واتهمه بخيانة القيم المحافظة فيما يتعلق بقضايا رفع سقف الدين العام وقضايا إصلاح قوانين الهجرة. وفي المقابل تبني ديفيد براد مرشح تيار حزب الشاي، موقفا مضادا من تشريعات الهجرة والسماح لأولاد المهاجرين غير الشرعيين بالبقاء والحصول على الجنسية وتبني موقف متشدد من الموازنة والقضايا الاجتماعية.

وشكلت هزيمة كانتور، الذي يعد الرجل الثاني في الحزب الجمهوري بعد جون بوينر رئيس مجلس النواب، مفاجأة كبيرة وصدمة وصفها رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش بأنها تشبه زلزالا بقوة ثماني درجات سيرسل موجات من الصدمة داخل الكابيتول.

وبعد خسارته أعلن كانتور أنه سيتنحى عن منصبة كزعيم للأغلبية في مجلس النواب في أواخر يوليو (تموز) المقبل. وتجري المناقشات داخل الحزب حول من سيخلفه في هذا المنصب. ويدور النقاش حول عدة أسماء منها كيفين ماكارثي الذي عمل مع كل من كانتور وبوينر في وضع أفكار لإصلاح قوانين الهجرة، أو البحث عن بديل أكثر تحفظا مثل النائبين بيت دورات أو جيب هانزلينغ من ولاية تكساس.

ودفعت الهزيمة الجمهوريين إلى عقد اجتماع طارئ في الكابيتول ظهر أول من أمس. ومضى بعض أعضاء الحزب في العمل على الترويج لنظريات المؤامرة في مقابل اتهامات لكانتور بالاهتمام بطموحاته في مجلس النواب وإغفال قاعدة الانتخابية في بلدته. وخلال الاجتماع الذي استمر لنصف ساعة حاول أعضاء الحزب ابتلاع الهزيمة، وإعادة ترتيب أوراقهم والتركيز على المعركة المقبلة. وركز كانتور في حديثه على الحاجة للتوحد ضد ما وصفه بالأفكار السيئة لإدارة باراك أوباما. وسانده بوينر بالحديث عن ضرورة التركيز على إظهار فشل سياسات باراك أوباما للشعب الأميركي.

وأعلن الحزب عن إجراء انتخابات داخلية في 19 يونيو (حزيران) لاختيار بديل لكانتور فيما أعلن بوينر استعداده لخوض سباق انتخابي للحفاظ على منصبه كرئيس لمجلس النواب لولاية ثانية، والحفاظ على نفوذ ومكانة الحزب الجمهوري على رأس مجلس النواب. وتحدث كانتور في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع بدا خلاله هادئا أكثر من المعتاد، مشيرا إلى أن هزيمته فردية وأن في كل هزيمة فرصة أخرى لإعادة المحاولة. وشدد على تفاؤله بالمستقبل. وتهرب من الإجابة عن كثير من الأسئلة التي لاحقته حول تحليله لأسباب هزيمته، وركز على جدول أعمال الحزب الجمهوري في مجلس النواب وهاجم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لرفضهم تمرير تشريعات وافق عليها مجلس النواب.

كان كانتور لعب دورا رئيسا في مساعدة الحزب الجمهوري على استعادة السيطرة على مجلس النواب عام 2010 وكان من المتوقع أن يصعد إلى منصب رئيس مجلس النواب خلفا لبوينر عندما يتقاعد.

ولا يتعلق الأمر بهزيمة مرشح جمهوري أمام مرشح لتيار حزب الشاي فقط، بل يتعلق الأمر بهزيمة نائب له ثقله السياسي داخل الحزب الجمهوري وداخل مجلس النواب. ويصبح على الحزب بأكمله الخروج من حطام تلك الهزيمة التاريخية ومحاولة فهم ما جرى وأسبابه وتبعاته. ويتعلق الأمر أيضا بتقييم مدى شعبية الحزب الجمهوري بين الناخبين خاصة فيما يتعلق بقضايا إصلاح قوانين الهجرة مقابل تيار الشاي. ويصبح على الحزب دراسة تأثيرات هذه الهزيمة الثقيلة على فرص باقي أعضاء الحزب الجمهوري في باقي الجولات الانتخابية، وتوقعات وخطط إدارة الانتخابات فيما بعد، والاستعداد للسيناريوهات السيئة.

هذه الهزيمة دفعت كثيرا من السياسيين والمحللين ليتساءلوا عن سبب وكيفية هزيمة سياسي مخضرم أمام سياسي ناشئ، وعن سبب انهيار حملة ممولة بشكل قوي أمام أخرى صرفت فيه بضعة آلاف من الدولارات. وجاء فوز مرشح تيار حزب الشاي على واحد من أقوى الجمهوريين في البلاد بعد سلسلة هزائم مني بها تيار حزب الشاي في انتخابات تمهيدية في ولايات أخرى ليثير الدهشة والتساؤل عن قدرات التيار في استعادة السيطرة بعد سنوات من الانقسام الداخلي.

وامتدت التساؤلات حول حظوظ تيار حزب الشاي في زحزحة مكانة الجمهوريين وصعود اليمين المحافظ في الانتخابات التمهيدية، وكيف ستؤثر هزيمة كانتور على التحدي الذي يوجهه تيار حزب الشاي في ولايتي نيوهامشر وأريزونا. وامتدت الأسئلة إلى حساب تداعيات الهزيمة وتأثيراتها على انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 وعلى سباق الانتخابات الرئاسية في عام 2016.

وتعزز هزيمة كانتور الاعتقاد لدى الناخبين أن الحزب الجمهوري هو أكثر عداء حول قضايا الهجرة والمهاجرين، وهو ما يشير إلى موجات داخلية في الحزب لإعادة التقييم ومحاولة مواءمة سياسات الحزب مع استطلاعات الرأي التي تميل لصالح إصلاحات الهجرة.

واستطاع كانتور خلال عمله بالكونغرس لمدة 13 عاما أن يتصدر الصفوف الأمامية للحزب الجمهوري ويحتل المقعد الثاني في قيادة الجمهوريين داخل مجلس النواب وكان الكثير ينظر لكانتور باعتباره رئيس مجلس النواب المقبل بعد أن يتقاعد بوينر. وهذا بحد ذاته سيشعل الصراع بين الحزب الجمهوري وتيار حزب الشاي حول السيطرة على مجلس النواب.

يقول محللون إن أحد أسباب هزيمة كانتور هو تشكك الناخبين في مواقفه من قضية إصلاح قوانين الهجرة فما كان يقوله في واشنطن يعد مختلفا تماما لما كان يقوله للناخبين. وكان كانتور يدعم المقترحات بالسماح للأطفال الذين يدخلون إلى الولايات المتحدة بشكل غير رسمي بالحصول على شكل من أشكال الوضع القانوني لكنه اعترض على مشروع قانون أقره مجلس الشيوخ في العام الماضي، والذي يمهد لحصول 11 مليون مهاجر غير شرعي للبلاد على الجنسية الأميركية. وسعى كانتور إلى تغيير الانطباع حول الجمهوريين بأنهم يكتفون بالاعتراض وركز على تقديم مقترحات.

وبفوز براد فإن فرص تبني إصلاحات في قوانين الهجرة في الكونغرس أصبحت قليلة. وألقى محللون باللوم على كانتور، إذ قال بن فيرغستون الاستراتيجي الجمهوري «إن كانتور نسي أن وظيفته هي الذهاب إلى واشنطن والنضال من أجل الأفكار المحافظة». وأشار المحلل السياسي لاري ساباتو من جامعة فيرجينيا إلى قوة الديمقراطيين الذين يشكلون 43 في المائة من الناخبين بالولاية، وقال «هناك عدد كبير من الديمقراطيين في تلك المنطقة وقد طلبوا من الناخبين الذهاب إلى صناديق الاقتراع للتخلص من كانتور». وعزا محللون آخرون ما حدث إلى ضعف الإقبال في تلك الانتخابات التمهيدية الذي بلغت نسبته 12 في المائة فقط.

ويعد كانتور ثاني عضو كونغرس يخوض جولة إعادة انتخاب هذا العام ويمنى بهزيمة في الانتخابات التمهيدية بعد هزيمة النائب الجمهوري رالف هول (91 عاما) من ولاية تكساس. ويتزايد القلق لدى الحزب الجمهوري أن يلحق بهم السيناتور ثاد كوكران من ولاية مسيسيبي الذي يواجه انتخابات إعادة أولية بعد أسبوعين أمام كريس ماكدانيال عضو مجلس شيوخ عن «حزب الشاي» ويقول الخبراء الاستراتيجيون إن كفة السباق تتأرجح لصالح ماكدانيال بقوة.

السابق
بدء إجلاء الرعايا الأميركيين من العراق
التالي
وقف الرحمة العالمية الكويتي افتتح مخيما للاجئين السوريين في الريحانية