داعش” جيش أم لعبة؟

لا يكفي قتال “داعش” أطراف المعارضة السورية الأخرى، وفي مقدمها “جبهة النصرة”، لتبرير نظرة مزدوجة إلى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، تبارك عملها في العراق وتدينه في سورية. التنظيم واحد والنظرة إليه ينبغي أن تكون واحدة، وإن كان ابتلع معظم المعارضة العراقية (واضعاً وحدة العراق في مأزق يتجاوز تحديات إقليم كردستان) فهو يعجز إلى الآن عن السيطرة على المعارضة السورية لأسباب اجتماعية لا سياسية، فالمعارضة العراقية تتركز في امتدادات البادية السورية وامتدادات منطقة الجزيرة، فيما تتوزع المعارضة السورية في بيئات لا تتقبل “داعش” كونه يأنس إلى البداوة ويعجز عن اختراق المجتمعات المدينية أو الفلاحية. يروي صديق سوري أنه بمجرد وصول سيارات “داعش” الرباعية الدفع إلى دير الزور، خلع عناصر “الجيش الحر” ثيابهم العسكرية وتغلغلوا بين السكان كمدنيين. ولما استطاع “داعش” قتل حوالى 4 آلاف عنصر من خصومه الإسلاميين المسلحين، أظهر حقيقته كتنظيم محكم التمويل والتجهيز والتسليح، متقدماً إلى العالم بكونه جيش “القاعدة” لا خلاياها الإرهابية. إنه الآن في أوج انتصاراته في العراق حيث يشكل نزفاً للدولة المركزية وحزب “الدعوة” الذي يقودها بعقلية طبعة شيعية من “الإخوان المسلمين”، وبالتالي نزفاً للحليف الإيراني.. هل نحن أمام تكرار لخطأ المعارضة السورية الأول حين اعتبرت المسلحين الإسلاميين لعبة للضغط على النظام بل إسقاطه لمصلحتها، حتى إذا تمكن الإسلاميون من الإمساك بأرض المعارضة تراجعت هذه الى منابر وهيئات ضعيفة الصلة بالواقع وفقدت بياناتها أي صدقية لدى جمهور المعارضة أو ما تبقى منه؟..

السابق
«انتخاب» الأسد ليس حلّاً
التالي
لغز ’داعش’