داعش تحتلّ الموصل ونينوى: العراق يدفع الفاتورة الإيرانيّة

تدفع الحكومة العراقية اليوم ثمن تقاعسها المقصود عن محاربة تنظيم "داعش"، فقد تركته ينعم بالراحة في مدينة الفلوجة العراقية امتدادا حتى الحدود السورية، كي تفسح له المجال ليدعم قواته في محافظة دير الزور السورية، حيث يتصارع مع قوات جبهة النصرة للسيطرة عليها. وهذا، برأي دهاة النظامين السوري والايراني وحليفهما العراقي، من شأنه أن يشغل قوات المعارضة السورية عن قتال نظام الرئيس بشار الاسد.

يتابع العراقيون منذ صباح أمس بذهول بالغ  الاخبار الكارثية وغير المتوقعة الآتية من شمال بلادهم. فقد سيطر مسلّحو المجموعات الاسلامية الجهادية  بقيادة “داعش” على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى، ثم تقدموا فاحتلوا جميع انحاء المحافظة. واعلن بعد ذلك انّ مليشياتهم تستعد للدخول الى محافظة صلاح الدين، وهي أشبه بمحافظة حمص في سوريا من حيث غناها بالتنوّع الطائفي، مما ينذر بمجازر ودمار وخراب على الطريقة السوريّة.

وفيما اعلن الجيش انسحابه من محافظة نينوى واعلنت حكومة المالكي حالة التعبئة العامة لمواجهة هذه الكارثة التي لم تكن بحسبانها، كشف رئيس مجلس النواب العراقي طلب بلاده من الولايات المتحدة الأميركية مساعدات عسكرية لمواجهة سيطرة تنظيم داعش على محافظات في البلاد. وأكّد المالكي أنّ العراق يواجه غزوًا خارجيًا من مسلحين ينتمون إلى جنسيات مختلفة، كما أكد سقوط الموصل بيد التنظيم واستغرب خروج القيادات العسكرية من المدينة.

تدفع الحكومة العراقية اليوم ثمن تقاعسها المقصود عن محاربة تنظيم “داعش”، فقد تركته ينعم بالراحة في مدينة الفلوجة امتدادا حتى الحدود السورية، كي تفسح له المجال بدعم قواته في محافظة دير الزور حيث يتصارع مع قوات جبهة النصرة للسيطرة عليها. وهذا، برأي دهاة النظامين السوري والايراني وحليفهما السيد نوري المالكي في العراق، من شأنه ان يشغل قوات المعارضة السورية عن قتال الجيش السوري ويضعفهم نتيجة هذه المعارك الجانبية التي لا طائل منها، ما يفسح في المجال لمدرعات الجيش السوري النظامي في المستقبل، مدعومة من الطيران، بعد انهاك الأعداء بالقتال الدائرعلى الجبهة الداعشية الشرقية، ويمكنها من الاطباق على قوات المعارضة وسحقها بهجوم من الغرب وإنهائها.

غير أنّ حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر كما يقال. فجبهة النصرة صمدت في دير الزور وقاتل العشائر الى جانبها ضد داعش. ولم تستطع قوات هؤلاء القادمة من العراق، مع وفرة تسليحها، احتلال مدينة البوكمال السورية الحدودية. بل طُرِدوا منها بعد ساعات من السيطرة وبعد اشهر من المعارك لم ستطيعوا السيطرة الا على بعض قرى في الارياف. لذلك يبدو أنّ ابو بكر البغدادي امير داعش، وبعدما فطن الى الخطة الايرانية التي كبّدته خسائر فادحة في العتاد والارواح، قرّر تغيير خطته فجأة رأسا على عقب وانقض على شمال العراق غازيا الموصل ففتحها صباح امس الثلاثاء فتحا مبينا رغم وجود ثلاث الوية عراقية في محافظة نينوى كانت تغطّ في سبات عميق على ما يبدو، مطمئنين الى دهاء الأغبياء في ايران والعراق.

“نحن لم نهاجم إيران امتثالا لسياسة مقصودة في عقل مخطّط «القاعدة»..”. هكذا قال أبو محمد العدناني، المتحدث باسم الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش، في رسالة هجومية ضدّ أيمن الظواهري، المتّهم بمحاباة النصرة ضد “داعش”. فقد قال العدناني، لسان «داعش»، بالنصّ:

“ظلّت الدولة الإسلامية تلتزم نصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ورموزه، ولذلك لم تضرب الدولة الإسلامية الروافض في إيران منذ نشأتها، وتركت الروافض آمنين في إيران، وكبحت جماح جنودها المستشيطين غضبا، رغم قدرتها آنذاك على تحويل إيران الى برك من الدماء، وكظمت غيظها كل هذه السنين. تتحمّل التهم بالعمالة لألدّ أعدائها، إيران، لعدم استهدافها، تاركة الروافض ينعمون فيها بالأمن والأمان، امتثالا لأمر القاعدة، للحفاظ على مصالحها، وخطوط إمدادها في إيران”.

إذن فـ”داعش” تعترف أنّ خطوط امدادها تمرّ من ايران, لذلك فهي لا تهاجمها ولا تقتل جنودها… فهل يدري السيد المالكي الآن من أين يأتي سلاح “داعش” الذي يقتل العراقيين ؟ وهل ما زال مصرا على فتح طريق امدادهم الى سوريا لانقاذ حكم الرئيس بشار؟

فإن كان يدري فتلك مصيبة …وان كان لا يدري فالمصيبة أعظم.

السابق
بو صعب اعلن تأجيل الامتحانات الرسمية 24 ساعة
التالي
هاشم السلمان: ظلم القضاء.. وعدالة الهراوات والرصاص