«بساكي الغبيّة» حديث الإعلام الروسيّ

ليست بمهمة سهلة أن تقف أمام نخبة من أفضل الصحافيين في العالم، وأكثرهم تمرّساً، للدفاع عن سياسات الولايات المتحدة الأميركية الخارجيّة. مهمّة الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي غدت أصعب، حين وجدت نفسها وحيدة، في مواجهة سخرية وسائل الإعلام الروسيّة.
بدأت القصة في مؤتمر صحافي، علّقت فيه بساكي على استفتاء شرق اوكرانيا في شهر أيار/ مايو الماضي، حول منح إقليمي دونيتسك ولوغانسك استقلالاً ذاتياً. قرأت بساكي تقريراً ديبلوماسياً يقول إنّ الاستفتاء، المدعوم من الروس، شهد «تصويت «كاروسيل»، وتصويت أطفال، وتصويتاً غيابياً إلخ…». وعندما سألها مراسل «أسوشييتد برس» مات لي عن معنى «كاروسيل»، قالت إنّها تجهل معنى المصطلح المستخدم، ما أثار سخرية الحضور. والـ«كاروسيل» هي لعبة الأحصنة الملوَّنة التي تدور حول محور ثابت في مدن الملاهي، ويقصد باستخدامها في حالة الانتخابات، أنّ بعض الناخبين يقومون بالتصويت أكثر من مرّة.
تلقّفت مواقع التواصل الاجتماعي الروسية ذلك الخطأ، واعتبرته دليلاً على غباء بساكي، وعدم كفاءتها. ذلك ما دفع مقدّم البرامج الروسي الشهير ديمتري كيسيليوف، إلى تخصيص فقرة كاملة بساكي في برنامجه. وأشار وهو أحد أبرز الإعلاميين الموالين لسياسة بوتين، إلى ولادة مصطلح جديد في فضاء الانترنت الروسي، وهو Psaking (نسبةً إلى بساكي)، ويُقصد به «تبنّي المرء الدفاع عن فكرة لا يفهمها أصلاً». واعتبر كيسيلوف أنّه يمكن استخدام العبارة الجديدة، لتوصيف ما هي عليه السياسة الأميركية بالمجمل، وخصوصاً في شأن القرم وأوكرانيا.
موقع «باز فيد» الأميركي، الذي يتبنَّى سياسة قريبة من سياسة واشنطن تجاه أوكرانيا، انتقد كيسيليوف، متولياً الدفاع عن بساكي. واعتبر الموقع أنّه لا يمكن إعطاء أيّ أهميّة فعليّة للمصطلح الجديد، لأنّه لم يحظَ بشعبيَّة حقيقيَّة على «تويتر»، واقتصر استخدامه على «بضع مئات من التغريدات، أطلقها مستخدمون روس». ووصف الموقع الصور والـ«ميم» التي تداولها الساخرون من بساكي على مواقع التواصل، بـ«اللعبة الطفوليّة الخالية من المعنى».
«فضيحة الكاروسيل» ليست الموقف المحرج الأوّل الذي تتعرّض له بساكي في مواجهة الإعلام الروسي والعالمي، خلال الأشهر الأخيرة. ففي شباط/ فبراير الماضي، لم تعرف كيف تبرّر تسريب المخابرات الروسية اتصالا هاتفيا جمع بين مساعدة وزير الخارجية الأميركيّة للشؤون الأوروبية فيكتوريا نولاند، والسفير الأميركي في كييف جيفري بيات، يحاولان خلاله تركيب حكومة أوكرانية جديدة، مستفيدين من خلافات داخلية وحتى زوجية بين السياسيين الأوكرانيين. وكان على بساكي مواجهة سيل من الاستفسارات بعد ساعات على تسريب الشريط، لكنّها فشلت فشلاً ذريعاً في محاولة تبريره. فمن جهة، رفضت الاعتراف بـ«أصالة الشريط»، ولكنّها اعتبرت تسريبه عملاً (جاسوسياً) «حرفياً من قبل الروس». ومن جهة ثانية، رفضت القول إن سياسة الولايات المتحدة تقوم على التدخل في شؤون الدول الداخلية، وإن اعترفت بأنّ ما يجري في كواليس الديبلوماسيّة، قد يختلف عما يصرّح به الناطقون للإعلام. ولم تفلح بساكي في الدفاع عن بعض عبارات نولاند البذيئة، إذ إنّ الأخيرة قالت في الشريط المسرّب إن الخطّة من شألها «قطع الطريق على الروس»، و«نكح الاتحاد الأوروبي». وأشارت بساكي إلى أنّ نولاند اعتذرت لشركائها في أوروبا عن «الكلمة البذيئة»، مضيفة أنّ زميلتها قد تكون حفظت ذلك النوع من الشتائم، بعد قضائها ثمانية أشهر برفقة بحارين روس في شبابها… ليذكرها أحد الصحافيين بأنّ نولاند أطلقت الشتيمة بالانكليزية، وليس بالروسية!

السابق
10 قواعد أمنية للوقاية من سرقة الهوية على الإنترنت
التالي
الامتحانات الرسمية الخميس وهيئة التنسيق تصعد في الشارع