رصاص على الأقدام!

 

انبرى حامل الرتبة الثانية في وزارة خارجية النظام السوري يوم اعلان “انتصار” الرئيس بشار الأسد بولايته الثالثة وعلى نار زخات الرصاص التي اشتعلت بها الضاحية الجنوبية الى التذكير الفوري بنفوذ لم يمت ولا يموت لنظامه في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، متطوعاً بإسباغ شهادات الاطراء على “فخامة الجنرال عون”. حصل ذلك بين وقفتين بالغتي الدلالة. الاولى تمثلت في توسيع الجنرال عون هامش انفتاحه على الافرقاء – المفاتيح بما يوحي بمضيه في رهانه على “اكتساب” صفة المرشح “الوفاقي” بما لا يتناسب اطلاقا مع هذا الكرم الدمشقي الذي وُجِّه ناحيته في لحظة حرجة. والثانية وقعت موقع الرد على زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري لبيروت التي حظيت بعد طول ابتعاد اميركي بساعات اربع من وقته الثمين بدت اقرب الى إطلاق انذار الى النظام المجدّد “انتخابه” الهزلي من العبث تكرارا بلبنان.
ماذا تراه سيفعل إذا محور الممانعة بفائض المكاسب الجديدة المحمولة بنسبة الـ٨٨ في المئة في لبنان تحديدا؟
انها اشكالية منغصة مثيرة للارباك وربما اكثر من ذلك ان يجد المحور الذي أشعل مناطقه ابتهاجا بالنصر الجديد عاجزا عن تسييل انتصاره المقبل بانتخاب رئيس لبناني يكمل خط المكاسب الاستراتيجية المتدحرجة. ولا يعود الفضل في منع تتويج المكاسب والانتصارات الى كيري بطبيعة الحال . فرئيس الديبلوماسية الأميركية ولج الى لبنان هذه المرة من بوابة المطار ومرّ موكبه المدجج بحراسة فائقة بمناطق سيطرة “حزب الله” الذي اثار كيري التباسا لفظيا واسعا في شأن مطالبته مع ايران بالمساهمة في وقف الحرب السورية. واسوة بسياسة الادارة الخلفية ونزع الذرائع التي يحرص السفير الاميركي على اتباعها بدقة متناهية، حصر كيري لقاءاته بالمراجع المعنية مباشرة بالعملية الانتخابية ومنها بكركي التي وقفت على خاطر أمنه وكان اللقاء في بيروت لا في الصرح التاريخي.
إذن ما لقيصر لقيصر وليس للمرونة الأميركية في بيروت تجاه ايران وحليفها اللبناني ان تنسحب على نصر آخر موعود بانتخاب رئيس “ممانع”، وفق ما فهمنا الرسالة وفهمها الممانعون ايضا. ولعلنا نمعن في الاجتهاد المشروع أيضاً ونفسر مسارعة نائب وزير الخارجية للنظام السوري في اليوم المجيد الى تغميس اصابعه في الصحن اللبناني بأنه توجس من المهادنة الأميركية لإيران و”حزب الله” اللذين يدين لهما النظام في الدرجة الاولى بالبقاء حتى لو تحت ستار رد الجميل في وقت خاطىء جداً للجنرال عون الذي لا نخاله ناظرا بارتياح الى هذا التوقيت الدمشقي العاطل. ولعلها الحقيقة الاخرى الأشد وطأة على الممانعين الذين لم يدركوا بعد ان تعطيل الانتخابات كان بمثابة إطلاق الرصاص على الأقدام . فلننعم جميعا بعهد الانتظارات.

السابق
قراءتان لـ’حزب الله’ في موقف كيري
التالي
مستقبل مصر مع السيسي: روسيا أم أميركا أولاً؟