’الصالحية’ تختتم الشهر المريمي

 

لأنها “ممتلئة النعمة” وحاضرة في كل زمان ومكان سُمّي شهر أيار/مايو بالشهر المريمي حيث تكثر الصلوات واللقاءات الدينية وتعلو الأصوات مجتمعة لتطلب شفاعة السيدة مريم العذراء “والدة الله”.

ومع إختتام الشهر المريمي ، كان اللقاء في جنوب لبنان ، الأرض التي سار عليها السيد المسيح ، فتوجهنا بكل محبة وخشوع إلى كنيسة دار العناية في منطقة الصالحية لنشارك في الأمسية الدينية “كلّي لكِ” وذلك ضمن اللقاء المريمي السنوي الذي نظمته “عيلة أبونا بشارة” والتي تضم المخرج طوني نعمة الذي أخرج فيلم “سراج الوادي” والذي يروي سيرة حياة المكرّم الأب بشارة أبو مراد ، وبمشاركة شبيبة أبرشية صيدا والشبيبة الطالبة المسيحية ، وكان إستقبال لذخائر القديس البابا يوحنا بولس الثاني .

الأمسية الدينية بدأت بتلاوة مسبحة النور ، ثم كان القداس الإلهي الذي ترأسه سيادة المطران إيلي حداد وخدمته جوقة شبيبة المخلّص ، وكانت شهادة حياة قدمتها السيدة ميرنا الأخرس الشاهدة على ظهورات سيدة الصوفانية ، وإختتمت الأمسية بسجود للقربان المقدّس إستمر حتى منتصف الليل.

المطران إيلي حداد قال في عظة القداس :”كلنا مدعوون لنكون قديسين ، البابا القديس يوحنا بولس الثاني الذي زار 120 بلداً وكان يحب لبنان ، عندما كان يعود إلى الفاتيكان ، بعد زيارة كل بلد ، كان يمر على الكابيلا ليصلي حتى قبل أن يأكل ويرتاح”.

في ختام القداس أطلت السيدة ميرنا الأخرس ، الشاهدة على ظهورات سيدة الصوفانية ، وقدّمت شهادة حياة حيث قالت :”نشكر ربنا الذي يقوينا ويقودنا ويستعملنا بحسب مشيئته ، بهذه المناسبة الجميلة لا يمكنني ألا أذكر سيدنا جورج كويتر وسيدنا سليمان حجال اللذين كان لهما الفضل بزيارتي لدار العناية مرتين من قبل وهما حاضران معنا لمحبتهما لدار العناية ، وأطلب من الله أن يطيل بعمر سيدنا إيلي حداد ليكمل هذه المسيرة ، كما أشكر كل الآباء والحضور وأخي طوني نعمة الذي دعاني لأكون معكم اليوم”.

وأضافت :”أهم حدث في الصوفانية هو إستمرارية الصلاة لأنه لولا ذلك لا يستمر عمل الله معنا ، الصوفانية حي صغير بباب توما بالشام ، لماذا إختار ربنا الصوفانية والشام وميرنا ؟ لا أعرف ، كل ما أعرفه هو أنه منذ أول لحظة قلت “يا رب خود إرادتي حتى إرادتك تشتغل بحياتي” ، وقلت للعذراء “خلّيني لبّي نداء الله بحياتي متل ما إنتِ لبّيتيه بالطاعة والصبر والمحبة والصمت والإستسلام لمشيئة الله وإنو هدفنا يكون تمجيد الله بحياتنا”.

وتابعت ميرنا :”بدأت القصة صغيرة وكبرت وربما أصبحت اليوم قضية وهي قضية الوحدة ، بدأت عام 1982 بعد زواجي بـ 6 أشهر ، أنا من طائفة الروم الكاثوليك ومتزوجة من نيكولا نظّور وهو من طائفة الروم الأرثودكس ، لا تسألوني كيف كنت لأني إنسانة عادية جداً ، لا أذكر أني دخلت يوماً في نشاط كنسي ، إسم يسوع والعذراء عرفتهما منذ طفولتي “بس ما بعرف قديش كانوا بيعنولي” ، تزوجت بعمر 18 وكنت في الصف الحادي عشر ، بعد زواجي بستة أشهر ذهبت برفقة والدة نيكولا إلى كنيسة الصليب لنحضر صلاة البراكليسي للعذراء وذلك بعد أن كنت دخلت بأخوية البراكليسي للعذراء بكنيسة الصليب المقدس بالقصّار ، شقيقة نيكولا كانت مريضة وأحببنا أن نذهب ونشترك بفرض الصلاة لأنها لم تستطع الذهاب الى الكنيسة ، وهنا كانت بداية الحدث حيث أنه أثناء الصلاة “رشحوا إيديّ زيت ما عرفت من وين ولا عرفت ليش”.

وقالت ميرنا :”في 27 تشرين الثاني 1982 صورة صغيرة موجودة بالبيت هي عبارة عن ورق بإطار بلاستيك ، وهي مأخوذة عن سيدة قازان بروسيا ، وسيدة قازان هي أيقونة عجائبية معروفة ، وهذه الصورة كان أحضرها نيكولا من بلغاريا قبل أن نتزوج ووضعها بالبيت ، وللحقيقة وأقولها بأسف ، إن هذه الصورة كانت مثل أي “صمدية” بهذا البيت وهذا ليس غريباً لأن أكثر الأيقونات الموجودة في بيوتنا “ما بتصبح حية إلا بعين اللي بيتطلع فيها” ، هذه الصورة “كمان رشحت زيت” ، وكان الصوت الأول عندما أخذت الصورة لنيكولا وأنا أصرخ “إنو عم ينزل زيت” ، فوضع نيكولا تحتها “قطنة وصحن” وقال لي (رايح نادي لأهلي ما تخبري حدا” ، وَوُضعت هذه الصورة على “كومودينا” بغرفة النوم لاننا لم نكن ندرك ماذا سيحصل”.

وأضافت :”وتحولت لاحقاً هذه الغرفة ، عندما فتح الباب ، وهذه الإشارة من العذراء لأن الصوت يقول “إبنتي ماري لا تخافي أنا معك إفتحي الأبواب لا تحرمي أحداً من رؤيتي ، أضيئي لي شمعة” ، وفتح الباب وتحوّل هذا البيت إلى مزار ، وهذه الغرفة أصبحت منامة لكل شخص يأتي ليلتجئ للعذراء ولكل شخص لديه مريض يأتي ليضعه فيها ، وصارت حياتي أنا ونيكولا فقط لنستقبل كل إنسان من دون أن نسأل عن طائفته أو مذهبه ، وهذا طبعاً يكلّف الكثير من الصعوبات والتضحيات لأنه يجب أن يكون هناك دائماً حسن إستقبال من دون راحة ، ولكن الله أعطانا القوة ، والصعوبة هي جسر عبور لتوصلنا أكثر الى الله”.

وتابعت ميرنا :”وأجمل شيء بالصوفانية هو أن ربنا لم يختر ميرنا لوحدها ، إختار ميرنا الزوجة في وقت كانت الناس كلها تستغرب “إنو كيف ربنا بيختار بنت مزوجة؟”، وعندما يختار الرب لديه طرق كثيرة ليعملّنا كيف ستكبر هذه النعمة في قلبنا”.

“في 15 كانون الأول كنا نصلي صلاة المدائح للعذراء وفجأة أشعر بيد على كتفي تدفعني ، في أول مرة “ما أخدت وعطيت ، تطلعت لورايي ما في حدا” ، في المرة الثانية خفت ، ولكن في المرة الثالثة إستسلمت ومشيت ، وبقيت هذه اليد ترافقني حتى صعودي إلى سطح البيت حيث جلست على الأرض “ما عرفت ليش” ، ووضعت رأسي بالأرض لأنه كان هناك برد كثير ، وفجأة سألت نفسي “أنا شو عم أعمل وليش طلعت وتركت الصلاة هلأ الناس بتستعوقني” ، رفعت رأسي كي أنزل لأتابع الصلاة مع الناس ، وعلى أساس أنه كان هناك ظلمة لأن الساعة كانت 11 ونصف ليلاً ، رأيت ضوءاً مثل ضو النهار وبداخله سيدة لم أستطع أن أنظر إليها لأني خفت وهربت “ما بذكر شي منها بهالوقت” ، وصرت أصرخ فسمعوني وأنزلوني من على السطح ، وكان الأب الياس زحلاوي موجوداً يصلي بين الجماعة قال لي أخبريني بما حدث ، وبعد أن أخبرته قال لي “العدرا أم والأم ما بتخوّف أطلبي منها الشجاعة”.

أضافت :”وهنا صرت أنتظر ، وبعد ثلاثة أيام شعرت بيد على كتفي ، وهذه المرة لم أنتظر ثلاث مرات بل ركضت فوراً بإتجاه السطح وتبعني كل الموجودين ، كنت مرتاحة لأني ظننت أنهم سيرون مثلي ، ولكن المفاجأة كانت أني رأيتها وسمعتها لوحدي ، كان هناك خمس ظهورات على السطح آخرها كان بـ 24 آذار 1983 . بعد ذلك أصبح هناك مرحلة ثانية سمّيت بالإنخطاف ، الإنخطاف هو “لما نكون عم نصلي فجأة ببلش إفقد توازني بينقلوني على التخت” .

وقالت ميرنا :”الإنخطاف يرافقه دائماً زيت من وجهي ومن يديّ و”بغيب ، وما في وقت محدد” ، بهذا الوقت أرى العذراء مثلما رأيتها بالظهور ولكن بنور أقوى ، أحياناً أرى شخصاً من نور من دون أن أرى ملامح ، هيكل شخص من نور بقلب النور وأسمع صوتاً وهذا الصوت أول من نادى قال “أنا البداية والنهاية” صوت يسوع ، ودائماً عندما أرى هذا الشخص من نور وأسمع صوته ينزل الزيت من عيوني “لدرجة إنو بيحرقوني كتير” ، الأب يوسف معلولي ، الذي رافقني 18 عاماً وكان مرشدي الروحي ، قال لي “يسوع عم بيطهرلك عيونك قبل ما تشوفيه لأنو اللي بدو يشوف يسوع بدو يدفع تمن ، أطلبي منو إنك تشوفيه يعني مش بس شخص من نور” ، قلت للأب “يا أبونا بطلب منو بس إذا فعلاً بدو يسمحلي إني شوفه ما يخلليني شوف حدا تاني بعدو ، لأنو خلص الإلتقاء بيسوع هو كل شي هو الحب كله شو بعد بدي شوف؟”.

وتابعت :”37 إنخطافاً ، آخر إنخطاف كان عام 2004 بسبت النور ، بكل بساطة بالظهور العذراء تزورني ، أما بالإنخطاف فأنا أزورها ، وبالحالتين أكون بسلام لا يوصف “يا ريت كل العالم بعيوني تـ تشوف اللي أنا عم شوفه”.
“بكل عيد “بينزل زيت من صورة العدرا” ما عدا بعيد الفصح ، كنا نستغرب كثيراً لأن عيد الفصح هو علامة إيماننا ، هو آلام وموت وقيامة يسوع ، أيجوز أن يمر هذا العيد كأي يوم ؟”.
“بـ 15 آب بيزل زيت ، بـ 8 أيلول بينزل زيت” ، بكل أعياد الكنيسة بينزل زيت ما عدا بعيد الفصح ، عام 1984 صودف أن كان عيد الفصح واحداً بحسب التقويمين الشرقي والغربي ، يوم خميس الأسرار عند الساعة 3 بعد الظهر أشعر بألم في رأسي لا يمكنني وصفه ، وبلحظة أصبح هناك دم في يديّ ورجليّ وخاصرتي ، فقال لي الأب معلولي “إفرحي ميرنا لأن يسوع سمحلك تشتركي معو بالآلام وصلّي على نية كل الأشخاص اللي طلبوا تصليلن”.
وأضافت :”فعلاً كان جسمي موجوعاً ولكن روحي كانت بغاية الفرح لمجرد أن أفكّر بأن يسوع سمح لي بأن أشترك معه بالآلام”.

“وتكررت هذه الجروحات في كل مرة يكون فيها عيد الفصح مشتركاً عام 1984 ، 1987 ، 1990 ، 2001 و2004”.

“كل هذه العلامات ، إن كانت زيتاً أو ظهورات أو جراحات أو إنخطافات ، ما هي إلا علامة على حضور الله بحياتنا لأنه محبة أبدية ، هذه العلامات تتوقف يوماً ما ولكن هذا لا يعني أن عمل الله توقف ، عمل الله مستمر ما دامت الصلاة مستمرة ، وممكن أن يكون توقف هذه العلامات رسالة كأن الله يقول لنا “اليوم صار دوركن إنتو تكونوا العلامة”.

وقالت ميرنا :”32 عاماً وإلى الآن لم نقم بأي خطوة ترضي ربنا ، ممكن أن ربنا راضٍ ولا يستطيع إلا أن يحبنا “بس نحنا اللي ما لازم نرضى”، الله يدعونا لنكون شهوداً لهذه المحبة وخصوصاً بهذا الزمن الذي نمر فيه ، الشرق الذي يتمزق ويعاني وهو الذي ولد فيه يسوع وعاش فيه وإنبثق منه”.

وأضافت :”دعاني محافظ مدينة قازان لأزور الأيقونة العجائبية في المدينة حيث أن سيدة الصوفانية منسوبة لها ، فكان يريد أن يعرف ما الرابط بين سيدة قازان وسيدة الصوفانية ، وما فكّر به هو أن المسلمين في قازان هم الذين طلبوا أن ترجع الأيقونة إلى بلادهم لأنها هي التي أنقذت مدينة قازان ، والعذراء إختارت سيدة قازان لتنقذ سوريا ، والجميل في الموضوع “إنو ما حدا وقف مع سوريا إلا روسيا”.

وتابعت ميرنا :”أهم علامة بالصوفانية هي الرسالة ، أول جملة قالتها العذراء “أبنائي أذكروا الله لأن الله معنا” بوقت غيّبنا الله من حياتنا ، العذراء تقول عبارة جميلة جداً “أذكروني في سروركم” لأننا عادة لا نذكر ربنا والعذراء إلا في حالات الألم والمرض والفقر والحاجة ، أجمل وصية قالها يسوع “كونوا واحداً كما أنا والآب واحد” ، ظاهرة الصوفانية هي لتذكرنا بما قاله يسوع ، دعوة للإيمان والمحبة والصلاة والتوبة والغفران ، دعوة لوحدة العائلة . يسوع يقول “أنتم ستعلمون الأجيال كلمة الوحدة والمحبة والإيمان” ، الكنيسة التي تبناها يسوع كنيسة واحدة لأن يسوع واحد ، بناها يسوع كانت صغيرة وعندما كبرت إنقسمت ومن قسّمها ليس فيه محبة ، “أطلب منكم الوحدة ، أبنائي قلبي مجروح لا تدعوا قلبي ينقسم على إنقسامكم”.

وقالت :”ما بعرف ليش عم بيخافوا من قصة الوحدة ، والكلمة التقيلة اللي بسمعها (نحنا ما منتنازل) وينسون أن يسوع تنازل ، يا أخوتي الوحدة ليست في أن ألغي طائفتي لأن الطوائف غنى للكنيسة ، يسوع قال إنه يريد وحدة كنائس لأن الكنيسة واحدة . ما تعيشه الكنيسة اليوم هو ضعف في المحبة ، وعندما تضعف المحبة يزيد الإنقسام وتكبر الأنانية والكبرياء ويصبح لدينا حب المال والسلطة “يا ريت الكنيسة ترجع فقيرة متلما كانت تتشعر بحاجتها لأولادها وهيك بيكون غناها هو إتحاد أولادها”.

وأضافت ميرنا :”كل واحد عليه أن يطيع كنيسته ، الوحدة ليست في أن ألغي الآخر ، الوحدة هي أن أقبل الآخر مثلما قبلنا الله ، فلنبدأ بالوحدة مع ذاتنا لأن الوحدة تبدأ من الذات ، وحدة الإنسان مع نفسه ، مع أخيه ، مع الله ، وحدة العائلة ، وحدة الكنيسة “لحتى ما توصلوا ليوم تقولوا “وينو الله؟” ، فلنسأل “ويننا نحنا من الله؟”.

“لدي ثقة كبيرة ، وثقتي ورجائي جايين من رسالة يسوع عام 2004 “وصيتي الأخيرة لكم إرجعوا كل واحد إلى بيته ولكن إحملوا الشرق في قلوبكم ، من هنا إنبثق نور من جديد أنتم شعاعه لعالم أغوته المادة والشهوة والشهرة حتى كاد أن يفقد القيم ، أما أنتم فحافظوا على شرقيتكم ، لا تسمحوا بأن تسلب حريتكم ، إرادتكم ، إيمانكم في هذا الشرق”.

وقالت :”بالرغم من كل ما يحدث رجاؤنا كبير بأن النور سينبثق من جديد ، ولكن ربنا يطلب منا أن نكون نحن شعاع هذا النور ، وأول خطوة نقوم بها ، لنكون فعلاً هكذا ونعطي هذا الشعاع لكل العالم ، هي وحدتنا ، فلنحافظ على وجودنا المسيحي نحن بحاجة لوحدة مسيحية ولشهادة مشتركة ولنهضة روحية مشتركة . فلنصلي اليوم من أجل المسؤولين بالكنيسة ليلهمهم ربنا على للعمل من أجل خير الكنيسة ووحدة أبنائها ، وأطلب منك اليوم يا رب مثلما صعدت أن تصعد سوريا من محنتها بشفاعة القديس يوحنا بولس الثاني ، لأنه يعرف ما معنى الجرح عندما ينزف ، بحق دمه الذي نزف والجراح التي نزفت على هذه الأرض ودماء الشهداء الأبرياء أطلب أن تنهض سوريا من محنتها لأن سوريا قلب الشرق وإذا إنهارت إنهار الشرق ، لذلك ربنا إختار سوريا”.

وختمت ميرنا :”لا تسألوني أنا مع من وأنا ضد من ؟ بل نسأل “أين كنا وأين أصبحنا وإلى أين نذهب؟ ، نحن مع ربنا الذي يعرف خير كل واحد منا إن كان بسوريا أو بلبنان أو بالشرق كله”.

السابق
مخاوف إسرائيلية من استراتيجية «حزب الله» في «الحرب الثالثة»
التالي
أخطاء الترجمة في تصريحات كيري زادت الالتباسات والأسئلة