يد روسيا في أوكرانيا مكشوفة

كان من ضمن من قتلوا في دونيتسك مؤخرا ثمانية مواطنين روس على الأقل بحسب عمدة المدينة، وبالكشف عن هذه الحقيقة لم يعد التورط الروسي في أوكرانيا موضع شك.
كما يكشف الوجود المؤكد لمقاتلين أجانب عدم صحة الادعاءات المتكررة للرئيس الروسي بوتين ووزير خارجيته لافروف، انهم مجرد متفرجين مفزوعين على الأحداث في شرق أوكرانيا. ولم تكن تلك المزاعم قابلة للتصديق مع سجل روسيا في شبه جزيرة القرم والدعم الشعبي الهزيل للمتمردين الانفصاليين في الشرق.
وتحدى لافروف مؤخراً أولئك الذين يصرون أن روسيا تدعم المتمردين أن يعرضوا عميلاً روسياً واحداً أسيراً. ويمكنه بالطبع مواصلة الادعاء بأن المواطنين الروس الذين قتلوا في دونيتسك ليسوا سوى متطوعين دفعتهم الهجمات على من ينتمون لهم عرقياً في أوكرانيا. وكان ضمن القتلى الثمانية على كل حال أشخاص من الشيشان وهم ممن لا يمكن تخيل كونهم مواطنين من روسيا. لا شك أن هناك مرتزقة من الشيشان للاستئجار ولكنهم يستجيبون ايضاً للزعيم الشيشاني القوي رمضان قاديروف الموالي لبوتين. وأنكر قاديروف إرسال أي شخص للقتال في أوكرانيا، ولكن وفي خطوة يصعب تفسيرها فاوض شخصياً على إطلاق سراح صحافيين روس كانت تحتجزهم القوات الموالية لأوكرانيا مؤخراً. ومن غير المتصور أن يرسل قاديروف مقاتلين إلى أوكرانيا دون موافقة موسكو أو، وهو الأكثر احتمالاً، تعليماتها. ويسير هذا النزاع على خطى سيناريو قبل أكثير من عشرين عاماً: تتدخل روسيا في الدول المجاورة لها التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي باستخدام «المتطوعين» ومن ضمنهم الشيشان.
وعلى الرغم من أن حيلة روسيا شفافة إلا أنها مفيدة، فهي توفر الغطاء للقادة الأوروبيين لتجنب فرض عقوبات اقتصادية مكلفة على روسيا. وسحب بوتين القوات من الحدود مع أوكرانيا فقط قبيل الانتخابات الأخيرة هناك، وكانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل تعد لفرض عقوبات أوسع في حال الفشل في ذلك. وكان شعور القادة الأوروبيين الذين اجتمعوا مؤخرا بالارتياح واضحاً لعدم اضطرارهم مجاراة ميركل في تهديدها. لكن النزاع في دونيتسك يشير إلى أن الانتخابات الرئاسية وحدها ليست كافية لخلق الاستقرار في أوكرانيا. كما وضح قرار القادة الانفصاليين في المدينة بإعلان الأحكام العرفية وإرسال القوات لاحتلال المطار في اليوم التالي، انهم يعتبرون التصويت بمثابة مسدس بداية لتجدد العدائيات بدلاً من إشارة للحد من التصعيد. ويخدم مطار دونيتسك المنطقة ويعتبر جزءاً حيوياً من البنية التحتية. وإن تمكن الانفصاليون من السيطرة عليه فبإمكانهم الحصول على الإمدادات والتعزيزات عن طريق الطائرات التي تصل من روسيا.
ويشير القرار السريع للرئيس المنتخب بيترو بوروشينكو بإصدار الأوامر لقصف المطار لاستعادة السيطرة عليه، إلى نية النظام الجديد في المقاومة. قد يكون محقاً في ذلك، ولكن لا شك أن روسيا تعمل على زعزعة أوكرانيا، فهذه الحملة بدأت بضم شبه جزيرة القرم وتشير الحقائق إلى أن ذلك الوضع سيستمر حتى يحصل بوتين على العلاقة التي يريدها مع أوكرانيا.
ويجب الإبقاء على تهديد ميركل بالعقوبات الاقتصادية الأوسع على الطاولة. وعلى فرنسا إلغاء عقدها غير المسؤول لبيع حاملات طائرات مروحية لروسيا، كما يجب انسحاب الدول الأوروبية المشاركة في مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي الجنوبي لروسيا والذي يسمح لروسيا بتصدير الغاز إلى أوروبا دون مروره بأوكرانيا. فكل ما حدث هو أن لأوكرانيا رئيسا جديدا أما عدا ذلك فلم يتغير الكثير.

السابق
رفعت علي عيد: بنصر البشار عائدون
التالي
كأس العالم 2022 الصمت بخصوص قطر والفيفا