الأسد يفوز بالرئاسة ويفشل في انتزاع شرعية دولية

نجح بشار الأسد في انتخاباته الصورية، لكنّ هذا الفوز لن يسمح له بانتزاع شرعية دولية لولايته الرئاسية الثالثة على بلد قتل نحو 200 الف من ابنائه وشرد خارجه نحو سبعة ملايين مواطن. فباستثناء داعميه من روسيا إلى إيران واتباعهما اجمعت الدول على الادانة وتراوحت المفردات التي اطلقتها على ما شهدته الاراضي السورية الثلاثاء بين «العار» و»المسخرة» و»المهزلة» و»المسرحية» لوصف عمليات اقتراع في المساحات التي تخضع لسيطرة الأسد فيما كانت طائراته ترمي براميلها المتفجرة على الاراضي الخارجة عن حكمه.

كل ما يمكن للاسد تحقيقه من هذه الانتخابات، التي اراد لها شعاراً يقول ملخصه للغرب ولغالبية العرب «انتصاري هزيمتكم»، هو دفن اسس الحل السياسي الذي تجسد في بيان مؤتمر «جنيف 1» المتمحور حول هيئة انتقالية تحمل كل الصلاحيات الرئاسية. في هذ الاطار تندرج على ما يبدو استقالة الموفد العربي الدولي الاخضر الابراهيمي، قبل اسابيع قليلة، من منصبه كساع لتنفيذ الحل السياسي خصوصاً بعد فشل «جنيف 2» قبل بضعة أشهر في تحقيق أي تقدم رغم المشاركة الرسمية التي كان هدفها وفق مصادر متابعة كسب الوقت بانتظار بدء الولاية الثالثة وإضافة شرعية مستجدة عليها. فبرأي النظام السوري مجرد إجراء الانتخابات يعزز مقولة انتصاراته الميدانية الأخيرة وإن لن ينجح في الحفاظ عليها في بلد طابع حروبه الحاضرة عمليات كر وفر.

لكن «الانتصارات» التي حقّقها الأسد سواء في الميدان أو في الانتخابات مردّها، وفق ديبلوماسي لبناني سابق، نجاحه في تعزيز حضور الاصوليين المتطرفين الإرهابيين في مناطق الثوار، بما شغل المعتدلين منهم في قتال على جبهتين، وبما خلق للغرب بعبعاً يخاف وجود عناصره في مجتمعاته. وقد شكل هذا البعبع السبب الرئيس لتردد الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة، المترددة أصلاً، في تسليح المعارضة بما يساعدها على الحسم.

ويتساءل المصدر: «هل يعني تمسك الرئيس الأميركي باراك أوباما بتطبيق شعار انتخابه الأول أي استخدام «القوة الناعمة» بدل «القوة الصلبة» التي اعتمدها الرئيس جورج بوش الابن، الامتناع عن تزويد المعارضة المعتدلة بالسلاح الضروري تحت شعار خشية وقوعه في يد الإرهابيين؟»، ويضيف: «أيهما الأفضل سقوط بعض هذا السلاح بيد الإرهابيين أم سقوط سوريا كلها؟»، وهو يتلاقى بذلك مع السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد الذي اعتبر أن سياسة أوباما زادت من خطر المتطرفين.

ويشير المصدر إلى أن السعي، بعد هذه الانتخابات، إلى تطبيق حلّ سياسي يتطلّب أولاً مساعدة المعارضة على استعادة التوازن الميداني عبر التسليح ومساعدتها على تأمين حماية جوية لمناطق تمركزها. لكن المصدر يقلّل من أهمية تعهّد أوباما بزيادة التسليح في خطابه الأخير متوقعاً أن لا يتخطى حدود الدعم اللفظي، لافتاً إلى تباهي رئيس الولايات المتحدة بإفراج حركة «طالبان» عن جندي أميركي مقابل عودة خمسة من قادتها من السجون الأميركية.

ويرى أنه، ورغم جولة وزير الخارجية الاميركي جون كيري في المنطقة والتي شملت أمس بيروت، فمن الواضح أن أوباما لم يعد يراهن، عند عتبة النصف الثاني من ولايته، على تحقيق إنجاز يحفظه له التاريخ سواء في سوريا أو في مسألة الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي أو حتى في أوكرانيا. فقد باتت أنظاره مركزة على إيران وبالتالي فإن البصمة التي يريد لعهده أن يخلفها تتمحور على إنجاز في الملف النووي الإيراني. وكانت بصمة أوباما في ولايته الاولى قد تجسدّت خصوصاً في قتل اسامة بن لادن باعتباره العقل المدبّر لهجمات 11 أيلول 2001 إلى جانب ملفات داخلية كالرعاية الصحية.

 

السابق
واشنطن ترفض المسّ بالنظام اللبناني
التالي
انتحار خادمة في البازورية