عن الفراغ وتداعياته

كرسي الرئاسة

أخطر ما في الفراغ أن يألفه اللبنانيون. أن يتعايشوا معه كأنه وضع طبيعي. ألاّ يستعجلوا نهايته. ألاّ يترقّبوا إنتخاب رئيس لهم ولدولتهم. ألاّ يعنيهم أن يكون عندهم رئيس أو لا يكون.

أخطر ما في الفراغ أن يصبح تقليداً… ونكاد نقول: أن يصبح عرفاً… فلا نتوقع رئيساً في نهاية العهد بل ننتظر إلى ما شاء اللّه أن يأتي الرئيس.أليس هذا ما حدث بعد إنتهاء عهد الرئيس العماد إميل لحود؟

وأليس هذا ما يحدث بعد إنتهاء عهد الرئيس العماد ميشال سليمان؟

وقبلاً أليس هذا ما حدث بعد نهاية عهد الرئيس الشيخ أمين الجميل؟

ثمّ: ألم يكن الفراغ مدخلاً الى المجهول والأخطر من المجهول؟

فهل نسينا ما إستتبع الفراغ الرئاسي في العام 1988 ؟

وهل نسينا ما إستتبع الفراغ الرئاسي في العام 2007؟

لم يحن الأوان لننسى مسلسل الحروب المأسوية التي بدأت بعد نهاية عهد الجميل، ومسلسل التطورات المروّعة التي برزت بعد إنتهاء عهد لحود، وعندما تعذّر إنتخاب رئيس!

فهل هناك من يضمن ألا تكون التطورات (المرسومة أو العفوية) تقودنا الى مآس جديدة؟!

من يضمن أن يبقى التشريع الممنوع محصوراً بـ»اللعبة البرلمانية» فلا يتجاوزها الى «لعبة» الشارع؟

ومن يضمن أن يبقى الخلاف (ولا نقول الإختلاف في وجهات النظر) حول صلاحيات الحكومة مضبوطاً تحت سقف رقابة ما، فلا يخرج من أروقة السراي الكبير الى الأزقة والزواريب فالشوارع؟!

هذا الخلاف الدائر، حالياً، بين الوزراء أنفسهم ما هي القدرة على إبقائه مضبوطاً؟

ثم إن البلد غارق في الأزمات ما كان منها أمنياً، وما كان إقتصادياً، وما كان من تداعيات النزوح (الخ…) وهذا يعني أنّ عناصر وصواعق التفجير متوافرة في كل مكان وزمان، خصوصاً بعدما نجح أفرقاء النزاع، في لعب ورقة النازحين بشكل أو بآخر!

ومن ثم فإنّ الحراك الديموقراطي الرائع والفاعل الذي ينطلق من القضية المطلبية من يضمن أن يبقى تحت سقوف الضبط والإنضباط؟!

إنّ المرحلة صعبة ودقيقة وخطرة جداً وإنّ بدت مستقرة وهادئة. وهي مرحلة دقيقة ليس فقط على الصعيد الأمني بل أيضاً على الصعيد الميثاقي. وفي هذه النقطة بالذات ليس صحيحاً أنّ الحق على المسيحيين وحدهم، بل هو على الأطياف الوطنية كلها الأطياف المسيحية والأطياف المسلمة. وهذا جدال يستغرق وقتاً طويلاً ويلزمه مجلّدات كثيرة…

ولكن المهم أنّ اللبنانيين في خضم أزمة ربما تكون الأكثر حساسية وخطورة في تاريخهم كله، قديمه والحديث… ولقد تترتب عليها خيارات إنتحارية مصيرية!

نقول، ونكتب، هذا الكلام، منطلقين من إستشعار ومعلومات في ان معاً، مدركين في الوقت ذاته أن الأوان لم يفت بعد على تدارك الأعظم.

السابق
الخضوع للإرهاب والإرهابيين
التالي
سنودن اكد توجيه طلب لجوء رسمي الى البرازيل