8 و14 تفيضان عنصرية ضدّ السوريين: إنتخبوا.. وارحلوا

الانتخابات السورية في لبنان
لأنّ الترحيل الى بلد يشهد حربا أهليّة ومجازر يعدّ منافيا لأبسط قواعد حقوق الانسان، لا ينبغي لمن جعل من الحريّة والعدالة شعارا له ان يطالب بهذا الأمر المشين. فأمس ساقت "8 آذار" السوريين إلى الانتخابات بالقوّة والتخويف، وطالبت "14 آذار" بترحيلهم إلى قاتلهم عقابا على ما تعرّضوا له، فتساوى الطرفان في عنصرية مقيتة ومقزّزة.

مددت السفارة السورية في لبنان فترة الإقتراع للانتخابات الرئاسية السورية في لبنان الى منتصف ليل الخميس بعدما كان مقرّرا أن يقتصر على يوم الأربعاء.
والسبب أنّ آلاف السوريين توافدوا الى سفارة بلادهم في لبنان بمنطقة اليرزة شرق العاصمة بيروت للمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية، التي جرت أمس في دول الاغتراب، ما تسبب بأزمة سير خانقة على الطرق، واحتجاز المواطنين منذ ساعات الصباح الاولى في سياراتهم وتأخّر الطلاب عن مدارسهم وامتحاناتهم وتأخّر الموظفين عن أشغالهم.

سوريون في اليرزة  مسيرة للسوريين في اليرزة

آلاف السوريين حملوا الاعلام السورية وصور الرئيس بشار الاسد، في طريقهم الى مقرّ السفارة، بعضهم سيرا على الاقدام والبعض الآخر في حافلات وسيارات، او على دراجات نارية. ونشر الجيش اللبناني حواجز عدة في المنطقة، ونفّذ اجراءات تفتيش دقيقة.
وكانت وصفت دول عدّة داعمة للمعارضة السورية الانتخابات الرئاسية بأنّها “مهزلة”، ورفضت العديد من الدول العربية والغربية تنظيم الانتخابات على أرضها. لكنّ لبنان وافق، هو الذي يستضيف نحو مليون لاجئ سوريّ مسجّل في وكالات الإغاثة، ومثلهم من غير المسجّلين، من الهاربين من أعمال العنف المستمرة في بلادهم منذ أكثر من ثلاث سنوات.

 

علي عبد الكريم علي السفير السوري علي عبد الكريم علي

 

وابدى السفير السوري علي عبد الكريم علي، في حديث إلى التلفزيون السوري، ارتياحه لما وصفه بأنّه “إقبال كثيف”. وقال: “هذا ردّ على كلّ من راهنوا على إسقاط سوريا، وتعبير على أنّ الشعب السوري متمسك بارضه ووطنه وسيادته”.

وقد وقع عدد من الجرحى نتيجة التدافع الحاصل بين السوريين والقوى الأمنية أمام السفارة السورية في اليرزة، ما اضطر الجيش اللبناني الى التدخّل والقيام باجراءات تفتيش دقيقة على حواجزه المنتشرة في منطقة السفارة، وعمل على مصادرة كل ما يمكن ان يستخدم في اعمال شغب، بما فيها العصي الخشبية الصغيرة التي تثبت عليها الاعلام”.

وفيما رحّبت قوى 8 آذار اللبنانيّة الحليفة لتنظيم حزب الله بالانتخابات ووصفت ما جرى بأنه عرس للديمقراطية، عبّر تحالف 14 آذار عن استيائه من اجراء الانتخابات على هذه الشاكلة، فيما اللاجئون السوريون يملأون الأراضي اللبنانية وقد شارف عددهم على المليونين.

فقد رأت الأمانة العام لقوى 14 آذار، في بيان أصدرته، أنّ “الاستفزارات التي قام بها السوريون الموّالون للنظام في لبنان تحت ذريعة المشاركة في التصويت في انتخابات الرئاسة السوريّة في اليرزة، أوضح دليل على أنّهم غير مهددين بأمنهم ولا تنطبق عليهم صفة النزوح”، مطالبةً الحكومة اللبنانيّة بـ”العمل على ترحيلهم الى بلادهم”.
ولأنّ الترحيل الى بلد يشهد حربا أهليّة ومجازر يعدّ منافيا لأبسط قواعد حقوق الانسان، لا ينبغي لمن جعل من الحريّة والعدالة شعارا له ان يطالب بهذا الأمر المشين.
أحد شهود العيان من حيّ برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبيّة، حيث وجود حزب الله وسيطرته العامّة، نقل لـ”جنوبية” هذا المشهد: “اصطفت شاحنتان كبيرتان مخصصتان لنقل البضائع، مكدّستان بمئات العمال السوريين، رافعين صور بشار الأسد وملوحين بالأعلام السوريّة، وقد كان احدهم على قارعة الطريق يصرخ بصوت عالي جهوري الانشودة المعلومة: بالروح بالدم نفديك يا بشار. فلا يجيبه الا قلّة يخرج من فمهم الصوت على شكل غمغمة لا هتافا، ما اغضب قائدهم الصارخ وبدأ بشتمهم، فبدأ صوتهم خوفا منه يعلو قليلا “.

-سورية-في-لبنان مسيرة للسوريين في لبنان
وتابع الشاهد: “عندما تطلّعت في وجوه هؤلاء العمال رأيت علامات القهر والكيد والجبر والخوف. فمن يذهب لينتخب قاتل اهله بحريّته وبإرادته؟”… هذا المشهد يفسّر ما حدث أمس. أضف إلى ذلك معلومات مؤكّدة رواها نازحون سوريون مفادها أنّ مندوبين من “حزب الله” جالوا على النازحين في المناطق التي يسيطر عليها وفي مناطق مجاورة، وأعلموهم بأنّ من لن يشارك في الانتخابات لن يستطيع دخول سوريا مجددا، ولن يستطيع تجديد أوراقه في السفارة السورية. فتوجّه الخائفون بالآلاف حرصا على إمكانية عودتهم إلى بلادهم.
واذا كان هذا المشهد يختصر معاناة الشعب السوري المكبوتة حريته على ارضنا، فهل يجوز لقوى 14 آذار ان تزيد من معاناته ايضا وترسله الى قاتله؟
سؤال برسم من غالى في تعصّبه امس وطالب بترحيل السوريين، أكان من قوى 14 آذار أم من كان في صفوف التيار العوني، خصوصا الوزير جبران باسيل الذي فاض عنصرية أمس، فتساوى الطرفان واتفقا “عنصريا”، وان اختلفا في السياسة المحلية.

السابق
ايران تتلقى دعوة من السعودية لزيارتها
التالي
في معاني ’الحشد’ السوري