الاستحقاق الرئاسي اللبناني في سباق مع موعد الانتخابات النيابية

نبيه بري

كتبت “الشرق الأوسط” : مع تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان أمام خلفية الانقسام العمودي الحاد الذي تشهده البلاد وعجز أي من المرشحين على تأمين الأكثرية النيابية التي تحسم فوزه، وفي حين يتجه معظم أفرقاء الداخل لانتظار تبلور الوضع الإقليمي ومصير المفاوضات الأميركية – الإيرانية وكيفية انعكاسها داخليا، ينتظر أن تحيد الأنظار عن الاستحقاق الرئاسي قريبا للانكباب على إمكانية التوافق على قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية قبل 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهو تاريخ انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي الممدد لنفسه. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر سياسية مطلعة على أجواء الاتصالات بين الكتل السياسية لـ”الشرق الأوسط” عن أن “باب النقاش حول قانون الانتخابات سيفتح قريبا بمسعى للتوافق على قانون جديد باعتبار أن قانون ما يسمى بـ(الستين) الذي أجريت على أساسه الانتخابات الماضية يلاقي رفض عدد كبير من الأفرقاء الأساسيين”.

مجلس النواب اللبناني كان أقر في يونيو (حزيران) الماضي، قبل أيام من موعد الانتخابات النيابية، قانونا يمدد ولايته لمدة 17 شهرا إضافية تنتهي في 20 نوفمبر المقبل. ورد النواب الذين وافقوا على التمديد لأنفسهم الأسباب إلى “ظروف قاهرة”، وإلى الوضع الأمني غير المستتب حينها، إضافة إلى عدم التوافق على قانون انتخاب جديد.

ويبدو أن تكتل “التغيير والإصلاح”، الذي يتزعمه النائب ميشال عون، هو الذي يدفع باتجاه التسريع بإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية التي قد تسبق انتخاب رئيس. وكان عون أعلن في تصريح سابق أن “هناك قانون انتخاب يجب أن يقر، وحدوده 20 أغسطس (آب)، والانتخابات بين 20 سبتمبر (أيلول) و20 نوفمبر (تشرين الثاني) لإعادة تكوين السلطات الدستورية”. ولم يستبعد القيادي “العوني” الوزير السابق ماريو عون أن تسبق الانتخابات النيابية الاستحقاق الرئاسي، لافتا إلى أنه “في ظل عدم القدرة على انتخاب رئيس جديد للبلاد سيكون رئيس المجلس النيابي نبيه بري مضطرا إلى دعوة الهيئات الناخبة في 20 سبتمبر المقبل”. وقال عون لـ”الشرق الأوسط” إنه “حتى ولو حان موعد الانتخابات النيابية ولم نتمكن من التوافق على قانون جديد للانتخابات، فنحن لن نمانع السير بقانون الستين السيئ لأنه لا بد من إتمام الانتخابات في موعدها”. وأكد عون أن تياره “لا يزال يدفع لإجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن لإعادة عجلة الديمقراطية إلى مسارها الصحيح”، مشيرا إلى أن “مقاطعة العمل التشريعي تصب في هذا الإطار”. ورأى أن “المطلوب تغيير المنهج الانتخابي الذي فرضه المرشحان المعلنان سمير جعجع وهنري حلو الذي لم يوصل إلى أي مكان بعد أكثر من جلسة، وبالتالي وجب عليهما اتخاذ الخطوات اللازمة لخدمة العملية الديمقراطية”.

من ناحية ثانية، لا يتوقع أن تلاقي التحضيرات لإتمام عملية الانتخابات النيابية في موعدها المقرر أي عقبات حتى في ظل شغور موقع الرئاسة، رغم تأكيد النائب في تيار “المستقبل” أحمد فتفت إصرار تياره على “وجوب أن يجري الاستحقاق الرئاسي أولا”. وكان فتفت قد قال لـ”الشرق الأوسط”: “الرئيس بري فتح دورة استثنائية لمجلس النواب وسيكون البند الأساسي الذي سنناقشه موضوع قانون الانتخاب، وبالتالي الأمور مفتوحة في هذا المجال وقائمة، لكن السعي لمبادلة الاستحقاقين غير مقبول”. وشدد فتفت على “دور رئيس الجمهورية بالانتخابات النيابية انطلاقا من موضوع قانون الانتخاب وباقي مراحل الاستحقاق، وبالتالي وجوب أن تجري هذه الانتخابات بعد انتخاب رئيس جديد”. وأكد فتفت أن قوى 14 آذار “تقوم بتحركات حثيثة لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي”، لافتا إلى أن “أمين عام (حزب الله) السيد حسن نصر الله رفع في خطابه الأخير سقفه كثيرا، وكأنه يقول إما أن تجري الانتخابات الرئاسية بشروطي أو لا تجري، ما يهدد بطول أمد فراغ سدة الرئاسة”.

ولا يشترط الدستور اللبناني أن يكون هناك رئيس للجمهورية كي تجري الانتخابات النيابية، وبالتالي لا إشكالية دستورية في حال سبقت الانتخابات النيابية تلك الرئاسية، بحسب ما أكد الدكتور شفيق المصري الخبير في القانونين الدولي والدستوري.
وشدد المصري في تصريح لـ”الشرق الأوسط” على وجوب أن تجري الانتخابات النيابية قبل انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي في 20 نوفمبر المقبل، وقال: “بما أن الحكومة مجتمعة تتولى حاليا صلاحيات رئاسة الجمهورية وباعتبار أن لا مهلة محددة لانتخاب رئيس فلا دواعي لعدم البدء بالتحضير للانتخابات النيابية وإجرائها بموعدها”. وأوضح المصري أن هناك مادة بالدستور تقول إنه إذا خلت سدة الرئاسة وكان البرلمان منحلا فيجب الإسراع بإجراء الانتخابات النيابية على أن يجري انتخاب رئيس بعدها، وقال: “نحن لسنا في هذه الحالة، أي بإطار مجلس نواب منحل، ولكن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها يجب أن يكون أولوية”.
يذكر أن مجلس النواب أخفق بعد خمس جلسات مخصصة لانتخاب رئيس جديد بإتمام مهمته، كنتيجة حتمية لتوازن الرعب القائم بين طرفي الصراع في لبنان، حيث يمتلك فريق “8 آذار” 57 نائبا وفريق “14 آذار” 54 نائبا، في حين أن هناك كتلة وسطية مؤلفة من 17 نائبا. وبما أن الدستور اللبناني ينص على أن الرئيس يجب أن يحصل على 65 صوتا على الأقل في دورات الاقتراع الثانية وما بعد، فإن نصه على ضرورة تأمين النصاب من قبل ثلثي أعضاء البرلمان جعل الطرفين قادرين على التعطيل، من دون قدرة أي منهما على تأمين الأصوات الـ65.

السابق
هيفاء وهبي متهمة بجريمة قتل
التالي
رعب غربي من انتخابات سوريّي الخارج اليوم والمقداد يراها فضيحة لديمقراطية الغرب