هل تقاتل «داعش» ضد نظام الأسد أم معه؟ (1)

داعش
ثمة ما هو أكثر من شكوك وتخمينات حول تسهيل النظام السوري ولادة "داعش" ومنحها أراضٍ، وتمكينها من السيطرة على مخازن سلاح، لتحقيق هدفين: ضرب الثوار ببعضهم، وتشويه صورة الثورة السورية. وفي ذلك يتوسل النظام السوري جهل وتطرف هذه الجماعة من جهة، واختراق وعمالة بعض منتسبيها إليه من جهة أخرى.

في العام 2004؛ أنشأ الأردني أبو مصعب الزرقاوي جماعة “التوحيد والجهاد”، كفرع لـ “القاعدة” في العراق. تطور التنظيم فيما بعد ليصبح تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين”، وقد أخذ على عاتقه مقاتلة الجيش الأمريكي، والتنظيمات الشيعية في العراق، والأحزاب والقوى المخالفة لنهج “القاعدة”، بمن فيها الأحزاب والقوى السنية التي تقاتل الأمريكيين. ولما قُتل الزرقاوي في العام 2006 تولى قيادة هذا التنظيم أبو حمزة المهاجر ثم أبو عمر البغدادي، وبعد مقتلهما تولى قيادة التنظيم العراقي أبو بكر البغدادي بعدما أصبح اسم التنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”.

مع اتجاه الثورة السورية نحو العسكرة؛ ولد في نهاية العام 2011 تنظيم آخر يحمل فكر “القاعدة” هو جبهة “النصرة”، بقيادة أحد الذين قاتلوا سابقاً في العراق؛ السوري أبو محمد الجولاني، وفيما بعد نشأ تعاون قتالي بين البغدادي والجولاني.

 

نشأة “داعش”

في نيسان 2013 أعلن أبو بكر البغدادي – دون مشورة أو موافقة الجولاني- توسيع تنظيمه ليشمل سوريا إلى جانب العراق، فصار اسمه “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش اختصاراً، علماً أن التنظيم يرفض هذا الاختصار ويعاقب من يعتمد هذه التسمية في مواقع نفوذه).

رفض الجولاني اندماج التنظيمين، انطلاقاً من أن لكل تنظيم مجاله ومعرفته بخصوصية الجغرافيا والمجتمع الذي ينتمي إليه ويعمل فيه، ورفض البغدادي هذا التبرير انطلاقاً من أنه لا حدود تحد “الدولة الإسلامية”، ووجوب طاعة الأمير، فتحول التعاون بين التنظيمين إلى تنابذ ومن ثم تقاتل؛ أدى إلى انتقال معظم المقاتلين السوريين إلى تنظيم الجولاني، ومعظم الأجانب غير السوريين إلى تنظيم البغدادي “داعش”.

اعتباراً من نهاية العام 2013 خاضت باقي فصائل الثورة السورية قتالاً شرساً راح ضحيته حتى الآن اكثر من ألفي قتيل، بهدف إخراج “داعش” من سوريا أو تحجيمها في مناطق معينة، جراء التشدد الذي اتبعته في التعامل مع الناس، وتكفيرها باقي فصائل الثورة السورية، وارتكابها فظائع في مناطق نفوذها.

ولم يقتصر الأمر على قتال “الجيش الحر” والفصائل الإسلامية الأخرى؛ فقد أدى الخلاف مع جبهة “النصرة” إلى قتال شرس بينها وبين “داعش”، وإلى تراشق إعلامي واتهامات متبادلة كبيرة، دخل في غمارها زعيم “القاعدة” العام أيمن الظواهري نفسه.

وفي إطار سعيها السيطرة على المناطق الحدودية مع العراق وتركيا؛ اصطدمت “داعش” في مناطق الحسكة والقامشلي وعندان، بالمقاتلين الأكراد؛ حيث وقع القتال الشرس بين الطرفين.

 داعش في سوريا

خدمتها النظام السوري

ثمة ما هو أكثر من شكوك وتخمينات حول تسهيل النظام السوري ولادة “داعش” ومنحها أراضٍ، وتمكينها من السيطرة على مخازن سلاح، لتحقيق هدفين: ضرب الثوار ببعضهم، وتشويه صورة الثورة السورية. وفي ذلك يتوسل النظام السوري جهل وتطرف هذه الجماعة من جهة، واختراق وعمالة بعض منتسبيها إليه من جهة أخرى.

والواقع؛ الذي ثبت تاريخياً، -وأثار في السابق امتعاض حليف النظام السوري حالياً؛ أي النظام العراقي-، أن النظام السوري كان يقوم بمثل هذه الأعمال، ويسهل انتقال المقاتلين من كل أنحاء العالم إلى العراق خلال بعض مراحل الاحتلال الأميركي لهذا البلد، مستعملاً ذلك في إطار الصراع في المنطقة، وللضغط على أميركا في زمن الرئيس جورج بوش.

ومن المعلوم أن ضخ المقاتلين الجهاديين إلى العراق عبر سوريا لم يتوقف إلا بعدما أثار أزمة كبيرة مع العراق، وبعد تدخل إيران، وتهديد الولايات المتحدة بشن هجمات على سوريا، عندها – فقط – تعاون النظام السوري، مع المخابرات العراقية والأمريكية، وقدّم كشوفاً بأسماء العابرين إلى العراق، واعتقل الآخرين الذين كانوا يعملون داخل سوريا تحت مراقبته، وأقفل الحدود بوجه القادمين الجدد.

السابق
وزير المالية وقّع الحوالة المخصّصة لمستشفى رفيق الحريري
التالي
رئيسا الإستخبارات السعودية والإسرائيلية السابقان يُشاركان بندوة