جنوبيون بذكرى التحرير: لا تنمية.. فقط قصور وردّة دينية وأمر واقع

عيد التحرير
في الذكرى 14 لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، أجمع عدد من المواطنين على الوضع الآمن في المنطقة مقارنة مع المناطق الأخرى، لكن أراءهم تباينت حول الأوضاع السياسية، الاقتصادية والثقافية. تنقل "جنوبية" آراء عدد من المواطنين الجنوبيين، الذين اجمعوا على أنّ "الأوضاع الاقتصادية صعبة" و"المياه تذهب الى البحر" و"بدل الاستثمار بنيت قصور وفلل فق".

يقول سرجون مبيض (صور): الآن الجنوب منطقة آمنة نسبياً، وبالمقارنة مع المناطق الأخرى، لكن هناك غياب للدولة ومؤسساتها وخدماتها. وسيطرة للأمر الواقع الميليشياوي، جرت محاولات لتأمين مشاريع تنمية، لكنها غير مستمرة وغير مستدامة، مثلاً اوتستراد صور لم يُستكمل ومدخل المدينة لم يؤهل.

وعلى رغم شعور طه عبدالله (الخيام) بالأمان عن زيارته لبلدته: “لكنني لا أشعر باستقرار اقتصادي في المنطقة وخصوصاً وضع الزراعة، الدولة غير موجودة لم تعد إلى الجنوب، المياه لا تستثمر بشكل جيد، تذهب إلى البحر (الليطاني) أو إلى إسرائيل (الوزاني) وما زلنا نناقش: مشروع الليطاني على 600 م أم 800 م؟

ويعتقد وسيم بزري (صيدا) أنّ “بريق التحرير استمر لعام فقط، وبعدها لم يحصل شيء، سوى أن المساحة الجغرافية زادت”. وتضيف ملك جودي (صور): الجنوب “بأجمل منطقة في لبنان، لكن الدولة لا تهتم به وما نراه حالياً ما هو إلا جهد القطاع الخاص والأهلي، كما أنه ما زال هناك تعايش فعلي في الجنوب”.

ويصمت فؤاد ديراني (صيدا) برهة، ليقول: في العام 2000 تحقق إنجاز وطني كبير تمثل بتحرير الجنوب، لكن مسار الوضع الطائفي عمل على تسبيل الإنجازات الوطنية وجعلها بلا قيمة حقيقية.

ويسأل الدكتور عبد الحميد حشيشو (صيدا): أين أقام الحزب الشيوعي اللبناني احتفاله هذا العام بمناسبة التحرير؟ ويجيب: في سوق الخان قضاء حاصبيا، أي خارج منطقة الثقل الجنوبي الفعلي وهذا كاف لإعطاء صورة عن الوضع الجنوبي. ويضيف حشيشو: أنا مع سلاح المقاومة أن يبقى للدفاع عن الجنوب، لكن الجنوب تحول إلى مزرعة للقوى السلطوية التي تقول “نحن الحكام الجدد واللي ما بيعجبوا يبلط البحر. ولا يعني هذا الحديث ان القوى الطائفية الأخرى أفضل، كلهم في الهوى سوى.

ويذكر زكريا حسون (البابلية) أنّ “الوضع في الجنوب اليوم أكثر أماناً من السابق “لكننا لا نعلم ماذا سيحصل في المستقبل، وأريد أن أشير إلى أن التيارات الأصولية المتواجدة في الجنوب هي أقل خطراً من التيارات الأصولية الموجودة عند الطوائف الأخرى. أما مسؤولو الجنوب كغيرهم من مسؤولي لبنان منهم أقبح وأسوء ما انتجه الجنس البشري”.

أما ناتاشا سعد (صيدا) فتشير إلى أنّ الخلافات العميقة بين طرفي السلطة في الجنوب (أمل وحزب الله) تختفي وتزول عندما يشعر الطرفان بخطر وأهم آت من الخارج. وتمنت لو أن هذه الوحدة تتم على الصعيد الوطني حيال ما يمر به لبنان.

ويشير الدكتور  أحمد شعلان (زيتا) إلى الوضع الآمن الذي يسود الجنوب بعد التحرير، “لكن عملياً هناك ردة اجتماعية باتجاه الفكر الديني بعد تقلص مساحة الفكر الوطني والتقدمي. وهناك طقوس دينية زائدة تمارس حالياً، لكن أعتقد أنها لن تستمر”. وعن الوضع الاقتصادي يرى شعلان أنّه “حاول بعض المهاجرين الاستثمار لكن مساهمتهم اقتصرت على بناء القصور والفيلات”.

ويرى د.إسماعيل شرف الدين (صور) أن الإيجابية الوحيدة التي حصلت منذ عام 2000 هي الانسحاب الإسرائيلي، “كان متوقعاً عودة مؤسسات الدولة لتستلم المنطقة، هذا لم يحصل، بل بقيت السيطرة لقوى الأمر الواقع، ولم يحصل أي إنجاز فعلي وإذا حصل بعض منه ففي إطار المحسوبيات”.

ويتجه مالك غندور (النبطية) إلى منحى آخر، ليقول إنّ الوضع البيئي قد صار أفضل: “المؤسسات الأهلية زاد اهتمامها بالبيئة، بكيفية استخدام مواردنا الطبيعية، تكاثر المحميات الطبيعية مثل صور، الليطاني ووادي الحجير. “ويشير غندور إلى وجود دراسات حول استخدام الموارد، “لكنها لم تنفذ حتى الآن”.

أما خليل طفيلي (دير الزهراني) فيقول: بعد 14 عاماً على التحرير الخطر على المستوى السياسي تراجع للجنوب الديمقراطي لمصلحة الثنائية الشيعية التي تحاول اختصار تاريخه وربطه بسياستها. أما على الصعيد الوطني بفعل التحرير نلاحظ استقرار أمني، لكنه لم يشجع على تطوير الحركة الاقتصادية، وأن الخدمات للمواطنين فقد أُحكم ربطها بالثنائية الشيعية (بلديات، مخاتير…) وهناك ضمور في الحياة الاجتماعية والمدنية إذا لا نريد أن نقول فقدانها.

ويعتقد عماد بزي (بنت جبيل) أنّ “الجنوب تحرر من العدو فقط لكنّ عقول الناس ما زالت محتلة من طرف آخر، حتى الحجر محتل لمصلحة طرف ما، وإذا كان مهماً تحرير الأرض فإن الأهم تحرير عقول الناس حتى تستطيع ان تفكر وتبدع”.

السابق
فليتشر: فرصة انتخاب رئيس صنع في لبنان ما زالت قائمة
التالي
تحرّش لبناني وآخر سوري