عون وجعجع: أحلام لا تسع وطناً

سمير جعجع وميشال عون
يذهب جعجع في حلمه إلى "حشر" الحلفاء في الزاوية بينما يتحوّل عون إلى موقع "توافقي". الأهم هو أن يتحوّل الحلم إلى واقع. يقاطع عون ونوابه جلسات انتخاب الرئيس "تحسباً من أيّ غدر" ويستميتون في الدفاع عن حقهم الدستوري في المقاطعة بينما يحاول جعجع تأكيد أنّه المرشح الجدي الوحيد الّذي لديه فعلاً مشروعاً متكاملاً لبناء دولة... ويرفض العقل اللبناني المنطقي أو نسيج الوطن، المرشحين، ويرفض أوهامهما. لكن هل يهزّ هذا الأمر ثقة الرجلين؟ إطلاقاً.

يختلف رئيس القوات اللّبنانية سمير جعجع عن رئيس التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون في جوانب كثيرة، منها الطباع الشخصية، طريقة الكلام، الرؤية الاستراتيجية وغيرها من الأمور. لكن يتشارك الزعيمان المسيحيّان حلماً واحداً، وإن حاول كلّ منهما أن يبدو “متعفّفاً” في موقفٍ أو آخر. كلاهما يعتبران أنّ لهما أحقية في إدراة شؤون البلاد، أو بالأحرى “تزعّمها”، من زعيم. أضنتهما الحرب وعاقبتهما، أحدهما في السجن والآخر في المنفى. وبالتالي بعد هاتين العقوبتين، يحق لهما أن يُكافآ.

للجنرال والحكيم حلم مشترك قديم بالرئاسة، فكلّ منهما يعتقد أنّه “الزعيم المسيحي الأوّل في لبنان” وأنّه صمّام الأمان لطائفته وضمانتها. كلاهما أيضاً يضعان هذا الحلم فوق كل اعتبار، الرغم أنّهما لا يتكلّمان سوى عن المصلحة الوطنية. لكنّ هذه المصلحة الّتي تنادي بالدولة وتقوم باسمها لا تسع “الوطن”. والأحلام الوردية بـ”كرسي بعبدا” قائمة على قاعدة “أنا أو لا أحد”. فهذه المصلحة، بالنسبة الى الرجلين، مرتبطة بشخصيهما ولا مكان لشخصية ثالثة.

يذهب جعجع في حلمه إلى “حشر” الحلفاء في الزاوية بينما يتحوّل عون إلى موقع “توافقي”. الأهم هو أن يتحوّل الحلم إلى واقع. يقاطع عون ونوابه جلسات انتخاب الرئيس “تحسباً من أيّ غدر” ويستميتون في الدفاع عن حقهم  الدستوري في المقاطعة بينما يحاول جعجع تأكيد أنّه المرشح الجدي الوحيد الّذي لديه فعلاً مشروعاً متكاملاً لبناء دولة.

سمير جعجع

في محصلة الأمر، يرفض العقل اللبناني المنطقي أو نسيج الوطن، المرشحين، ويرفض أوهامهما. لكن هل يهزّ هذا الأمر ثقة الرجلين؟

إطلاقاً.

ميشال عون

فكلاهما يفضل أن يبقى كرسي بعبدا فارغاً على أن يملأه غيرهما. لا يقبل الزعيمان المسيحيان، اللذين لا يتكلمان إلا من منطلق “الحرص على حقوق المسيحيين”، أن يقوما بتسوية أو يتفقا، وإن لفترة مؤقتة، ليبقى الموقع المسيحي الأول في لبنان محفوظاً. لا يعرفان، هما اللذان يتراشقان التهم عبر المنابر الإعلامية يومياً تقريباً، أن يفهما أنّ ما يجمعهما يجب أن يكون – إنطلاقاً من رؤيتهما للأمور – أكبر ممّا يفرّقهما. يعرفان ربما أنّ لديهما حلم مشترك ولكن هل يدركان أنّ هذا الحلم لا يسع وطناً؟

السابق
شباب حركة أمل ينتفضون على حزب الله في بيروت والجنوب
التالي
ردّا على قاسم قصير: تحية للجماعة الاسلامية خارج 8 و14